Share
  • Link copied

بروفسور إسرائيلي يعدّد مسوّغات ضرورة منع صلاة اليهود في الحرم القدسي

في مقابل هذا النشاط لغلاة المستوطنين وجماعات الهيكل، الذين يحظون اليوم بدعم نصف وزراء حكومة نتنياهو السادسة، تواصل أوساط إسرائيلية متدّينة وعلمانية التحذير من مغبة تغيير الوضع الراهن في الحرم وفتحه لليهود للصلاة.

ويعدّد بروفيسور يتسحاق رايتر، رئيس الجمعية الإسرائيلية لدراسات الشرق الأوسط والإسلام في جامعة رايخمان، سبعة عوامل توجب منع صلاة اليهود في الحرم القدسي. وينوه، في مقال نشره موقع الجمعية الإسرائيلية، إلى أن مجموعات يهودية متطرفة تتساءل لماذا يمنع اليهود من ممارسة حقهم الطبيعي بالصلاة هناك، داعية لوقف “التمييز” في أكثر المواقع قدسية لهم. ويقول إن هذه الأوساط، خاصة “الصهيوينة الدينية”، تطالب الدولة بتمكين اليهود من الصلاة في الحرم، بل ببناء كنيس في الحرم، أو بناء الهيكل على أنقاض قبة الصخرة، وفقاً للأشد تطرفاً.

ويؤكد رايتر أن خطاب الحقوق لا ينطبق على “جبل الهيكل”، وأنه على إسرائيل منع اليهود من الصلاة في المكان المشحون لعدة أسباب:

أولاً؛ لا يمكن فصل “الجبل” عن السياق الواسع للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، ويقول إن اليهود يشعرون أنه مميز ضدهم هنا، لكن التمييز يطال عملياً الفلسطينيين في كل بقية المناطق. موضحاً أن هذا ما تبقى للفلسطينيين، وأنه ثالث الحرمين، وأنه لا صلاحية أخلاقية لـ “تصحيح تمييز لصالح شعب واحد وأبناء ديانة واحدة من خلال تمييز للأسوأ لأبناء شعب ودين آخرين.

ثانياً؛ في العصور الوسطى وقبلها كان مقبولاً أن يحوّل الغزاة المواقع المقدسّة في البلاد المحتلة وفق عقيدتهم، وهذا ما ورد في التوراة أيضاً، لكن القانون الدولي الحديث يحظر ذلك.

ثالثاً؛ الزعم بالأقدمية اليهودية طيلة 800 سنة حتى قبل 2000 سنة، لا ينطبق على “الجبل”، لا تتفوق على حقيقة وجود مسجد منذ 1400 سنة، وهذا طبقاً للمعايير الحديثة في أيامنا، علماً أن هذا الزعم الخاص بالأقدمية ممكن أن يعود على اليهود كيداً مرتداً، فكثير من المواقع المقدسة لليهود اليوم كانت مسيحية في الفترة الرومانية والبيزنطية (جبل صهيون، قبر داود، والدير الفرنسيسكاني، وقبر النبي شموئيل، وغيرها).

رابعاً؛ إن المطالبة باستعادة العبادة اليهودية في مكان مقدس قديم تحول، قبل فترة طويلة، لموقع مقدس لديانة أخرى تستند إلى معايير تعني فرض الشريعة اليهودية على عالمنا، وهذا عبث بالنسبة لمعظم العالم اليهودي في أيامنا.

خامساً؛ المطالِبون اليهود بالصلاة في “الجبل” هم أقلية لدى اليهود في البلاد والعالم، فيما تعارض الحاخامية الرئيسية، وعدد كبير جداً من الحاخامات، مجرد زيارة “الجبل”.

سادساً؛ الحق بالعبادة لا يغلب اعتبارات أمنية ودبلوماسية، فتغيير “الوضع الراهن” في “الجبل” يهدد مصالح عليا لإسرائيل بعدة طرق، منها خطر اندلاع حرب دينية، انتفاضة فلسطينية تشمل الفلسطينيين في إسرائيل، والمساس باتفاقيات السلام، تصاعد “الإرهاب”، وزيادة كراهية اليهود في العالم.

سابعاً؛ طالما استمر الصراع لن يستطيع المسلمون احتمال صلاة اليهود في “الجبل”، رغم أن مبادئ ديانتهم لا تحظر ذلك. بعد انتهاء الصراع ممكن الشروع في حوار إسلامي- يهودي، وربما إحراز تفاهم يتيح صلاة يهودية في المكان.

وتأتي هذه التحذيرات على خلفية تصاعد مخاطر إقدام حكومة الاحتلال على الشروع بفتح الحرم القدسي الشريف أمام اليهود للصلاة، على غرار ما فعلوه في الحرم الإبراهيمي في الخليل، خاصة أن بعض أحزاب اليمين الصهيوني المتشدد قد وعدت ناخبيها بذلك، وتطرقت للقضية في اتفاقيات الائتلاف بينها وبين حزب “الليكود” برئاسة نتنياهو، كما أوضح تحقيق بهذا الخصوص نشرته “القدس العربي”.

ويستبعد مراقبون أن يتمكن بنيامين نتنياهو السيطرة على رئيس حزب “القوة اليهودية” الفاشي والمدان بالإرهاب، إيتمار بن غفير، بعد أن يتولى منصب وزير “الأمن القومي”، ويحول دون محاولة تغيير الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف، في ظل تأييد واسع لدى الإسرائيليين لمثل هذا الاعتداء. ويشار في هذا المضمار إلى أن 55% من الإسرائيليين يؤيدون تمكين اليهود من زيارة الحرم القدسي الشريف، وممارسة شعائر دينية بـ “التساوي مع المسلمين” انسجاماً مع شعار بن غفير نفسه. وتدل أقوال بن غفير، قبيل الانتخابات الإسرائيلية للكنيست الخامسة والعشرين، وفي الأيام الأخيرة، على أنه عازم على تنفيذ التغيير في الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف. ويتمثل هذا التغيير بالسماح لجماعات يهودية متطرفة بأداء صلوات في الحرم، وليس الاقتحامات الاستفزازية التي ينفذونها فقط.

وكان نتنياهو كرئيس للحكومة، عام 2020، قد رفض طلب بن غفير بالمصادقة على صلاة يهود في الحرم القدسي، وإثر ذلك قرر بن غفير خوض انتخابات الكنيست في قائمة مستقلة، لم تتجاوز نسبة الحسم، ما أدى إلى خسارة معسكر نتنياهو نحو 20 ألف صوت.

يذكر أن صحيفة “هآرتس” قد رجحت أن يصدر بن غفير، كوزير “للأمن القومي”، تعليمات للمفتش العام للشرطة، وإلى تورجمان، قائد شرطة الاحتلال في القدس، “بتوسيع سياسة غض الطرف، والصلوات بالهمس تصبح بصوت مرتفع أكثر، وحاشدة أكثر، وفي المقابل تتراجع سياسة إنفاذ القانون (على منع الصلوات اليهودية) أكثر، حتى يتم تغيير الوضع الراهن فعلياً، ودون الإعلان عن ذلك. وأوضحت الصحيفة أن المفتش العام للشرطة، يعقوب شبتاي، المهدد برسالة تحذير عن مسؤوليته في أحداث الجرمق التي راح ضحيتها عشرات المصلين اليهود، قبل عام، ويريد إرضاء بن غفير كي يحسم مستقبله، وكذلك تورجمان الذي يتطلع لتولي منصب المفتش العام للشرطة، “سيواجهان صعوبة بمعارضة بن غفير صاحب الرغبة، التي باتت روحه تهبّ في أزقة الخليل وأروقة مقر قيادة الشرطة قبل تسلمه رسمياً زمام الوزارة.

Share
  • Link copied
المقال التالي