بشكل مفاجئ اتخذت وزارة الخارجية المغربية قرارا (الإثنين)، بقطع علاقاتها مع السفارة الألمانية بالرباط، جراء “خلافات عميقة تهم قضايا مصيرية”، وذلك وفق ماكشفت عنه مراسلة وجهها ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، إلى سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، وأعضائها.
وقالت وزارة الخارجية المغربية، في الرسالة الموجهة إلى أعضاء الحكومة، إنّ “خلافات عميقة تهم قضايا المغرب المصيرية استدعى قطع العلاقات التي تجمع الوزارات والمؤسسات الحكومية مع نظيرتها الألمانية، بالإضافة إلى قطع جميع العلاقات مع مؤسسات التعاون والجمعيات السياسية الألمانية”.
ألمانيا تعاكس مصالح المغرب الحيوية والإستراتجية
عبد العالي بنلياس، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إنّ الدبلوماسية المغربية لم تكن لتقدم على هكذا قرار من هذه الحجم وبهذا الشكل، إذا لم تكن ألمانيا تعاكس جديا مصالح المغرب الحيوية والإستراتجية ومنذ مدة، خصوصا تلك المتعلقة بالوحدة الترابية وبسيادته.
وأضاف بنلياس، أنّ ألمانيا ومنذ إعلان واشنطن اعترافها بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، أصدرت بيانا رسميا تعلن فيه أن موقفها من الصّحراء المغربية لم يتغير، وإن كان البيان قد أشار إلى أن ألمانيا مع حل سياسي وعادل ودائم ومقبول بين الطرفين تحت رعاية الأمم المتحدة.
كما دعت في نفس الوقت إلى اجتماع مجلس الأمن الدولي لتعيين مبعوث شخصي جديد لأمين العام لأمم المتحدة خلفا للمنصب الذي كان يشغله الديبلوماسي الألماني كوهلر، وكأنها تريد أن تبحث لها عن موطأ قدم في النقاش الدائر حول الصحراء المغربية، على غرار الدور الذي تلعبه في القضية الليبية وبعض القضايا الإقليمية كالقضية السورية، يردف المصدر ذاته.
وأوضح أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية في تصريح لـ”بناصا”، أنّ قطع العلاقات يأتي أيضا بسبب التصريحات المستفزة لألماينا من داخل الاتحاد الأوروبي، وكذلك على الأنشطة المعادية لمصالح المغرب ووحدته الترابية التي يقوم بها البوليساريو فوق الأراضي الألمانية، وغيرها من المواقف التي ما فتئت ألمانيا تقوم بها بشكل لم يكن من الممكن السكوت عنها أو التغاضي عنها.
الوحدة الوطنية خط أحمر لا يمكن الانحناء لها أو التساهل بشأنها
وشدّد الخبير السياسي، على أنه عندما يتعلق الأمر بقضية الوحدة الترابية فلا يمكن التساهل بشأنها أو التهاون إزاء ما يحاك ضدها، والمغرب بهذا الموقف يريد أن يبعث رسالة واضحة إلى المانيا بأن قضية الوحدة الوطنية خط أحمر وأن معاكسة مصالحه الحيوية على المستوى الدولي والإقليمي لم تعد من الأمور التي يمكن الانحناء لها أو التساهل بشأنها.
وأشار عبد العالي بنلياس، إلى أنّ المغرب من خلال هذا الموقف، يكون قد وضح مضمون وحدود علاقاته الدبلوماسية مع الدول الأوربية، لافتا إلى التوترات التي عرفتها العلاقات المغربية مع بعض الدول الأوربية كهولندا والسويد وفرنسا والآن المانيا، بحيث أن المغرب يعتبر شريكا استراتجيا الاتحاد الأوروبي وله علاقات قوية مع الدول الإفريقية وشريكا أساسيا في مكافحة الإرهاب.
وأضاف أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أنّ المغرب يلعب دورا مهما في محاربة الهجرة غير الشرعية، وله مكانته على الساحة الدولية والإقليمية، ومن ثم فهو لايقبل أن يتعرض لأي نوع من الضغط أو الاستفزاز أو التدخل في شؤونه الداخلية.
تعليقات الزوار ( 0 )