شارك المقال
  • تم النسخ

باحث أمريكي: بعد انقلاب النيجر.. الجزائر وروسيا تسعيان لتقسيم غرب أفريقيا

قال ستيفن بلانك، الباحث الأمريكي في معهد أبحاث السياسة الخارجية، وأستاذ سابق لدراسات الأمن القومي الروسي وشؤون الأمن القومي في معهد الدراسات الاستراتيجية التابع للكلية الحربية للجيش الأمريكي، “إن انقلاب 26 يوليوز في النيجر يحمل في طياته إمكانية التحريض على أزمة قارية أفريقية ودولية، مشيرة إلى أن الجزائر وروسيا تتحدان لتقسيم غرب أفريقيا.

وأوضح الباحث في مقال له، يوم أمس (الخميس) على موقع “The Hill” أنه ونتيجة للانقلاب، هددت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ECOWAS) بالتدخل لإعادة الحكومة المنتخبة سابقًا، وردت النيجر بنفس القدر من القسوة لضمان بقاء التوترات مرتفعة في جميع أنحاء منطقة الساحل. وبصرف النظر عن احتمال حدوث أزمة إقليمية، احتجزت حكومة النيجر سفير فرنسا، مما أثار إمكانية اتخاذ إجراءات ضدها.

وشدد المصدر ذاته، الذي يركز على الجغرافيا السياسية والاستراتيجية الجيواستراتيجية للاتحاد السوفييتي السابق وروسيا وأوراسيا، على احتمال التدخل الأجنبي المناهض للنيجر يزعج الجزائر، جارتها إلى الشمال، إلى حد كبير.

وأضاف، أن الجزائر، لأسباب ليس أقلها سياساتها ضد المغرب، أصبحت محاطة بالفعل بالتوترات هناك، وفي ليبيا وتونس، ولذلك، أعلنت بصوت عالٍ معارضتها للتدخل الأجنبي في النيجر، ونظراً لأنها تعتبر نفسها قوة إقليمية ذات ثقل، فقد أصدرت هذا الإعلان، الذي يُزعم أنه مصمم للتوسط في حل سلمي وتجنب تكرار التدخلات الأجنبية في مالي وليبيا، والتي تعتبرها كارثة.

ومع ذلك، يردف الباحث الأمريكي، إذا أردنا الحكم من خلال سياساتها السابقة، فإن الجزائر لا تعارض حقًا سوى بعض التدخلات الأجنبية بينما تظل محايدة أو تدعم بنشاط الأنظمة المدعومة من روسيا في منطقة الساحل، كما رفضت إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا في حين ظلت من كبار مشتري الأسلحة الروسية.

وبحسبه، فقد قدمت الجزائر دعمًا ثابتًا لتدخلات مجموعة فاغنر في جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي، ولا تتجنب الدعم الروسي في صراعها الطويل الأمد مع المغرب حول منطقة الصحراء الغربية المغربية.

ومن المثير للاهتمام أن هناك مؤشرات عديدة على وجود بصمات روسية في انقلاب النيجر، على الرغم من أن الانقلاب نفسه ربما نشأ بسبب الطموح الشخصي لعبد الرحمن تشياني، رئيس الحرس الرئاسي في النيجر، ويبدو أن موسكو علمت به وساعدتها من خلال نشر آلاف اللافتات المؤيدة لروسيا على المتظاهرين الذين رفعوها علنًا للتحذير من تدخل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.

علاوة على ذلك، لم تضيع موسكو أي وقت في الاجتماع مع أحد أعضاء المجلس العسكري في النيجر في مالي والدعوة إلى عدم التدخل هناك، كما أضافت صوتها إلى الجوقة التي تدعو إلى عدم التدخل، ومن الواضح أنها تنوي استغلال هذا الانقلاب.

وأشار إلى أن الصحافي ديفيد أندلمان، اكتشف العديد من الرسائل على وسائل التواصل الاجتماعي من أعضاء مجموعة فاغنر، التي أصبحت الآن تحت السيطرة المباشرة لموسكو، متشوقة، أو بحسب تعبيره، “العبودية” للذهاب إلى النيجر أو الغابون التي قامت بانقلابها الخاص في غشت.

ويرى بلانك أن الجزائر وروسيا تتقاربان فيما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية الشاملة، حيث إن الاجتماع الدفاعي الثنائي الأخير الذي عقده الجنرال الروسي سيرجي سوروفيكين، الذي كان قد تعرض للإهانة في السابق، مع الجزائريين لا يعكس تعزيز العلاقات الدفاعية بين هاتين الدولتين فحسب، بل يعكس أيضًا تنسيق السياسة الخارجية المعزز بالمثل.

ونقلت صحيفة “كوميرسانت” الروسية عن مصدر مقرب من سوروفيكين قوله إن “القيادة العسكرية والسياسية للبلاد تعتبر أن تنفيذ السياسة الخارجية الشرقية له أهمية كبيرة، كما يبدو أن هناك تحالفًا روسيًا جزائريًا أوثق بشكل متزايد لتحويل منطقة الساحل إلى كتلة موالية لروسيا والجزائرية تهدد أيًا من دول القرن الأفريقي أو نيجيريا.

وتابع أن للجزائر مصلحة واضحة في أن تصبح قوة مهيمنة إقليميا، كما أصبحت مصالح روسيا أكثر شفافية بالنسبة للمراقبين، وفي مقابل مبيعات الأسلحة والدعم السياسي للرجال الأقوياء المحتملين، بما في ذلك إنشاء شبكات حرب معلومات واسعة النطاق، تسعى روسيا إلى الحصول على امتيازات التعدين طويلة الأجل، وصفقات الطاقة والوصول إلى الموانئ.

ومن خلال هذا، يمكنها إدامة قوة عملائها وتعزيز واستدامة وجودها السياسي ونفوذها على المدى الطويل في الأمم المتحدة أو التحالفات مثل مجموعة البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا (بريكس) أو الاتحاد الأفريقي، كما تأمل في الحصول على حقوق القواعد الجوية أو البحرية الدائمة.

وقد أعلنت روسيا منذ فترة طويلة عن نيتها السعي لإقامة مثل هذه القواعد في الجزائر من بين أماكن أخرى، وهي تسعى الآن إلى إنشاء قاعدة في ليبيا، ويعود هذا المسعى إلى أيام الأمين العام السابق للحزب الشيوعي ليونيد بريجنيف، والتي اتسمت بالبحث الدؤوب عن قواعد في البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط والقرن الأفريقي.

وبما أن الاستمرار في التوسع الإقليمي يظل سمة مميزة للسياسة الروسية، فإن هذا المسعى مستمر اليوم على الرغم من كل ما حدث منذ ذلك الحين وفقدان الكثير من قواتها البحرية في أوكرانيا، وفي الواقع، تسعى روسيا إلى إنشاء قواعد لها في المحيط الهندي.

وأردف بلانك، أن معارضة الجزائر الانتقائية للتدخل الأجنبي والتعاون مع روسيا هي في الأساس لأغراض الوضع الإقليمي، وتهدف الجهود التي تبذلها روسيا إلى جعل الأفارقة وغيرهم من المراقبين يعتقدون أنها القوة العالمية العظمى التي تتظاهر بها بشكل مهووس.

ويوضح صاحب المقال، أنه من الصعب أن نرى ما هو موجود في هذا بالنسبة للأفارقة، ففي نهاية المطاف، فإن أقرب نظير للسياسة الروسية هو شركة الهند الشرقية البريطانية؛ إنه نموذج للإمبريالية الأوروبية التي لا تقدم شيئًا للأفارقة سوى شكل جديد من الاستعمار.

وختم المقال بأنه ورغم أن تراجع روسيا إلى العصور الوسطى واضح في العديد من مجالات السياسة، إلا أن ما الذي قد تكسبه الجزائر أو غيرها من الدول الأفريقية، باستثناء رجالها الأقوياء، من هذه المغامرات يظل لغزاً غامضاً.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي