قالت الدكتورة سمية نعمان جسوس، أستاذة علم الاجتماع بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، إن الإنسان أصبح يعيش حياة جديدة، لم تكن منتظرة، بسبب الحجر الصحي جراء فيروس كورونا المستجد، لاسيما على مستوى التواصل. وأوضحت قائلة: نحن الآن نتواصل عن بعد، ولكن لن نستطع أن نربط علاقة إنسانية كما هو الحال في العالم المادي الملموس، هو تحول جديد يصعب معه التأقلم مع الوضعية الحالية”.
جسوس، كانت تتحدث في ندوة عن بعد، حول موضوع التعليم عن بعد، أية شروط مادية لضمان الحق في التعليم، وأية آثار اجتماعية ونفسية، أمس الثلاثاء، قالت إن نجاح التمدرس عن بعد، لديه علاقة وطيدة بالوضعية النفسية للآباء والأبناء التي يجب أن تكون على أحسن وجه، لبناء هذه الحياة جديدة في إطار الحجر الصحي.
وقبل حديثها عن تحديات التعليم عن بعد، نوهت المتحدثة عينها، بالمجهودات التي قدمتها وزارة التربية الوطنية، ولكن، على الرغم من ذلك، هناك دروس يجب استخلاصها والاستفادة منها، من قبيل تأخر المغرب في وسائل الإعلاميات، وبعض الأساتذة الذين يرفضون استخدام التقنيات الجديدة، وليس لديهم تكوين بسبب قلة البرامج المخصصة لتكوينهم في هذا المجال. ومن بين ما اقترحته وضع برنامج للمساعدة المادية للتلاميذ اليتامى والأطفال المنتمين للأسر التي ليست لديها إمكانيات تخول لهم شراء حاسوب لأبنائها.
وبخصوص دور التقنيات في التعليم عن بعد، قالت إنه “لاتوجد دروس في الإعلاميات بالنسبة للتلاميذ تمكنهم من كيفية الاشتغال عليها، والأغلبية الساحقة من المدارس ليست فيها قاعات للإعلاميات سواء في المدن أو البوادي”، ومن تم فكيف سيمكن تكوين شباب وتلاميذ لا يتوفرون على أساسيات التعلم عن بعد؟.
ويجب إعادة النظر في البيداغوجيا وأسلوب تأطير التلاميذ والطلبة من قبل الأساتذة، لجعلهم يبحثون عن المعارف ومصادر المعلومات، عوض إعطائه العديد من الأوراق والجداول لكي يستظهرها ويستغرق فيها وقتا طويلا. كما أنها تحرمه من عدد من الإمكانيات لتطوير ذاته، كما أن سوق العمل أصبح لا ينظر إلى الاستظهار، وإنما يرى المستوى الشخصي.
ومن جهة سيكولوجية، قال أستاذ علم النفس الأكلينيكي والاجتماعي، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، جمال الوفى ، متحدثا عن الآثار النفسية للتعليم عن بعد، إنه “لا شك بأن هذه الآثار تؤثر ليس فقط على التلميذ ولكن أيضا على الآباء وعلى المعلمين والأساتذة، وهي فترة لم نعهدها من قبل، ومن تم فالآثار النفسية أثرت على الجميع بدون استثناء، وتبقى الأدوار والتقنيات للتأقلم مع هذا الوضع الجديد”.
وبعد توجيهه التحية “للأساتذة الذين قاموا بواجبهم الوطني وشاركوا في عملية التعلم عن بعد، رغم عدم تكوينهم في هذا المجال وقلة الإمكانيات”، أكد أنه لو توفرت الشروط ” سنكون أفضل، لو أعطينا اهتماما متزايدا للتعليم في السنوات الفارطة، بل وكنا سنكون من بين أفضل الدول لأن المغرب تعاطى جيدا مع هذا الوباء وأبان عن حنكة في مجالات، ولكن ما ينقص هو الخبرة والتجهيزات”.
“فشل هذه السياسات يرجع إلى قلة الاستثمارات”، يقول المتحدث نفسه، بالإضافة إلى العديد من المدارس بدون كهرباء وبدون قاعات للمعلوميات، وغير ذلك، سواء بالنسبة للإعداديات و للثانويات أو الجامعات، وبالتالي “كيف سنتكلم عن رقمنة؟”، ويؤكد أن المغرب كثقافة رقمية مازال متأخرا. لكنه كانخراط انخرط، وما يجب أن يكون بحسب المتحدث، هو “علينا أن نستثمر وأن نكون إلى حد ما سواسية بخصوص الفوارق الموجودة بين المدارس وبين الجهات وبين الطبقات الاجتماعية، لكي يكون كل طالب مغربي أو تلميذ لديه جهاز كومبيوتر من أجل أن يستخدمه”.
وتحدث أستاذ علم النفس الأكلينيكي والاجتماعي، عن ” مهننة التعليم عن بعد” من خلال استخدام مجموعة من البرامج غير المقننة التي أثرت سلبا في علاقتهم ومردوديتهم، حسب قوله، لما لها من سلبيات، عكس المنصات الرقمية المؤمنة التي يجب وضعها من أجل هذه المهام مستقبلا، لأن التعليم عن بعد عبر هذه الوسائل سيشكل جزءا مهما من التعليم بصفة عامة.
واعتبر أن “انخراط الدولة وتشجيع القطاع الخاص أثر شيئا ما في ما يتعلق بالفوارق بين الطبقات الاجتماعية، وهذا التأخر في الاستثمار أنتج فئة كبيرة من السلوكات اللاحظارية من قبل الحصول على الرخص الاستثنائية. كنا سنتفادى هذه الأشياء لو انخرطنا في تعليم جيد وتعليم متكافئ”.
التعليم في زمن كورونا أدى بنا إلى أن تكون لدينا تحديات رافقتها الوزارة بوثيرة سريعة جدا، بتسجيل الآلاف من الدروس بانخراط الأساتذة والتلفزة المغربية، وعدد كبير من الدروس تم تسجيلها في ظرف وجيز جدا في مستويات متعددة، وبالتالي فالتعلم عن بعد خلق عدة مشاكل بالنسبة للطالب بخصوص كيفية التكيف مع الوضع، وبالنسبة للأستاذ بخصوص كيفية التكوين واستخدام البرامج المعلوماتية.
تعليقات الزوار ( 0 )