شارك المقال
  • تم النسخ

بؤس المدرسة يدفع الأستاذ “طارق إيهي” لمغادرة المغرب دون عودة

” ما أقبح أن تعيش في وطن لا تحلم فيه سوى بمغادرته”، بهذه العبارة استهل أحد المعلقين أحرفه التراجيدية على تدوينة طارق إيهي، وهو أستاذ سابق بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة, قضى أزيد من تسع سنوات من ممارسة مهنة التدريس بالقطاع العام، قبل أن يقرر ترك الجمل بما حمل واختيار باب الهجرة صوب الصين أو كما يصفها البعض بـ”آلهة التنين”،  بسبب بؤس أولوية التعليم ببلادنا والضرب في رمزية الأستاذ الذي بات يلهم المخيال الشعبي في النكتة والسخرية.

وجاء في الرسالة التي نشرها الأستاذ طارق، وهو بالمناسبة، خريج سابق من جامعة ابن زهر في أكادير، يوم أمس (الأحد) على حائط “مارك مارك زوكربيرج، والتي لاقت تفاعلا كبيرا من طرف رواد شبكات التواصل الاجتماعي، أنه “وبعد تسع سنوات خدمة في المدرسة العمومية بالمغرب، جاء الوقت لأضع حدا لهاته التجربة. اليوم، لم أعد موظفا عموميا، تخلصت و أخيرا من كاهل أثقل على كتفاي طوال هاته المدة، تخلصت من الأقسام البالية والمكتظة بالمراهقين، ومن تدريس مقرر جاف تبول عليه التاريخ، ومن تمثيليات “المفتشين” وعجرفة بعض الإداريين”.

وأضاف قائلا: “لن أفكر بعد اليوم في جدول حصص كئيب ولا في أقسام مسندة. لن يغض مضجعي استكمال حصص ولا تدبير فائض، لن أضطر للعمل في الخاص لأغطي مصاريف الشهر، اليوم و لأول مرة منذ زمن، لن يشغل بالي حراسة تمثيلية الامتحانين الوطني والجهوي، ولن أقحم نفسي في صراع خاسر مع محاولات الغش لتلميذ يراك عدوا ويهددك خارج أسوار المؤسسة في غياب تام لأي شكل من أشكال الحماية.

وتابع طارق في التدوينة ذاتها: “لن أسأل بعد اليوم عن الرتبة الهزيلة ولن أضطر للمشاركة في إضراب عقيم يقتطع من أجري الأعقم” .

وزاد” ” لن أحضر بعد اليوم “لقاء تربويا” لـ”مفتش” منفصل عن واقع الأقسام بالمغرب. ولن أضطر لسماع ترهاته وداخلي صوت يعلو “Shut the f*ck up mother fuc*er”.

وأردف: “لن أنتظر بعد اليوم “ترقية” مضحكة بثمانين أو تسعين درهم كل عامين أو أحيانا تلاثة! ولن أشارك في مهزلة “الإمتحان المهني” ولن أتنقل من جماعة لأخرى لأصحح المئات من أوراق الامتحانات مقابل “ربعة و ربعين ريال” للورقة”.

واستطرد في التدوينة ذاتها قائلا: “لن أرضخ لوظيفة تستعبدني وتجبرني على العمل حتى سن الخامسة والستين مقابل دريهمات سأنفقها على مخلفات القسم والمراهقين. ولن أستمر في وظيفة يرتفع فيها راتبي اليوم، بعد تسع سنوات من العمل، بخمس مئة درهم عن راتبي الأول”.

وأكد الأستاذ السابق بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، في الرسالة عينها، أنه لن “يشارك في مهزلة إسمها “التعليم” وأنا مدرك أن القائمين على هذه البلاد لا رغبة لهم في إصلاحه، بل ويساهمون في تجهيل ممنهج لأجيال أبناء بلدي”.

ومضى بالقول: “أحببت تلاميذي بكل صدق وقدمت أكثر مما هو مطلوب مني رغم غياب الحافز، إبتكرت أسلوبا مغايرا لتعليم الوليدات وصادقتهم كأخ أكبر. شاركت في مسابقات تعليمية وغنائية، أحييت حفلات ومسابقات، إقتنيت هدايا للمتفوقين وحاولت جاهدا أن أغير و لو قليلا من عتمة الظلام الدامس الذي ألقت ظلاله على شمعتي التي إنطفأت سنة تلو الأخرى”.

واسترسل المتحدث نفسه: “اليوم أستقيل من عملي وأهاجر نحو بلد يحترم شهادتي و قدراتي، اليوم أودع عائلتي وأحبابي بقلب حزين ودمعة في العين. وداع إضطراري آملا في مستقبل أفضل لي ولكل من أحب”. قبل أن يختم: “أشكر كل من ترك أثرا جميلا من تلاميذ وزملاء وإداريين، و أعتذر إن أسأت لأحد دون قصد. نلتقي مجددا، أحييكم من جمهورية الصين الشعبية”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي