اعتبر الكاتب والباحث الأكاديمي بلال التليدي، أن انتهاء شهر رمضان، واستمرار أزمة ارتفاع الأسعار، يؤكد أن حكومة عزيز أخنوش، استنفدت كل خياراتها من أجل حماية القدرة الشرائية للمواطنين، وحماية السلم الاجتماعي.
وقال التليدي في مقال رأي بعنوان: “حكومة أخنوش: نخب المال والأعمال إذ يستثمرون في الأزمة“، نشرته جريدة “القدس العربي”، إن “كل الإجراءات التي قامت بها سواء بلقاء المنتجين في القطاع الزراعي، أو رفع الرسوم عن الآليات الفلاحية المستوردة، أو مراقبة السوق وحمايته من المضاربين، أثبتت محدوديتها أمام واقع استمرار ارتفاع أسعار الخضر والفواكه والمواد الغذائية”.
وأضاف أن المفارقة هي “أن استيراد حوالي 11 ألف رأس من الأبقار من البرازيل، لم يكن له أي تأثير على أثمان اللحوم الحمراء في السوق المحلية، مما عزز شكوكا، باستثمار بعض رجال الأعمال التابعين لأحزاب التحالف الحكومي في الأزمة، بدفع الحكومة نحو رفع الرسوم عن الاستيراد، وتحقيق الكسب من جهتين: شراء الأبقار من البرازيل بأثمان بخسة، والإعفاء من الرسوم الجمركية، دون خفض لأسعار اللحوم الحمراء في الداخل”.
وتابع التليدي، “الواقع، أن هذه المؤشرات التي تكشف فشل سياسية حكومة، تخفي في الجوهر، أزمة رؤية، تحاول أن تقارب موضوع التوازن الماكرو اقتصادي للبلاد من غير إدخال معامل المسألة الاجتماعية في الحساب”.
واسترسل الباحث الأكاديمي، أن “رؤية التوازن، في حكومة ابن كيران، كانت هي تقوية الدولة في جانب، والعناية بالطبقات الفقيرة والهشة من جانب، بحجة أن الطبقات الوسطى، التي تعرف دائما كيف تحتج وتدافع عن حقوقها، يمكن لها أن تصبر حتى تتحسن مؤشرات الدولة المالية والاقتصادية، وهي في الآن ذاته، تستفيد من توسيع شبكة المؤسسات الخدمية التي أولتها حكومة ابن كيران وحكومة سعد الدين العثماني بعدها عناية كبيرة”.
وأبرر أن “السياسي الثاوي وراء هذه الرؤية، هو كسب ثقة الدولة، دون تضييع ولاء القاعدة الشعبية العريضة التي تمثل القاع الاجتماعي، مع الاشتغال التواصلي مع الطبقات الوسطى، لحملها على دفع ثمن الإصلاح وكلفته”.
أما حكومة عزيز أخنوش، حسب التليدي، “فقد انزاحت إلى تصور آخر، يرى أن دفع النمو بتشجيع رجال أعمال، سيعزز وتيرة التشغيل، وسيكون حل المسألة الاجتماعية من هذه البوابة لا من بوابة الدعم الاجتماعي، ووجدت في توجيهات الملك بتعميم الحماية الاجتماعية، مندوحة عن القيام بأي جهد في اتجاه الطبقات الوسطى ولا الطبقات الدنيا”.
وأشار إلى أن المشكلة، هي “أن هذه الرؤية جاءت في سياق أزمة عالمية، أصبحت فيها الهشاشة مصدر تهديد حقيقي للسلم الاجتماعي، بل أصبح أي عجز عن تأمين القوت، مؤذنا بأزمة اجتماعية ومالية ونقدية أيضا”.
وذكر أن “حكومة أخنوش، تبنت رؤية مختلفة عن التي تبنتها حكومة سعد الدين العثماني، التي قدمت الدعم الاجتماعي للطبقات الهشة خلال جائحة كرورنا، فاتجهت حكومة أخنوش على العكس من ذلك، إلى وضع هذه الطبقات أمام واقع التضخم وانفلات الأسعار، واتجهت نحو رجال الأعمال بحجة دعم الاستثمار لتحقيق النمو وخلق فرص الشغل”.
ونبه إلى أن واقع “هذه الرؤية، انتهى إلى تقوية مالية الدولة، وإرضاء نخب المال والأعمال، وفي المقابل، تهديد التوازن الاجتماعي، من خلال تسريع تهاوي الطبقات الوسطى، وتغير التحدي لدى الطبقات الدنيا، من تلبية الخدمات الاجتماعية، إلى تهديد القوت اليومي”.
وخلص التليدي، إلى “أن الواقع يؤكد أن توجه الحكومة نحو رجال المال والأعمال، الذي كان القصد الظاهري منه، هو تسريع النمو لخلق فرص الشغل، أملته التركيبة السوسيولوجية لأحزاب التحالف الحكومي التي تتكون في الأصل من نخب المال والأعمال”.
تعليقات الزوار ( 0 )