Share
  • Link copied

انتخاب وهبي أمينا عاما لـ”البام”.. استمرار الفوضى أم ولادة جديدة لحزب “التراكتور”؟

عرف المؤتمر الوطني الرابع لحزب الأصالة والمعاصرة، الذي انتهت أشغاله اليوم بانتخاب المحامي عبد اللطيف وهبي  أمينا عاما للحزب، تشنجات وصراعات بلغت درجة الفوضى العارمة التي اندلعت بين أعضاء الحزب بين تيارين متصارعين: تيار ما كان يسمى بـ”الشرعية” الذي كان يتزعمه الأمين العام السابق حكيم بنشماس، وتيار المستقبل الذي كان يتزعمه عبد اللطيف وهبي وسمير كودار.

فهل ستستمر الصراعات والتشنجات والفوضى بعد انتخاب عبد اللطيف وهبي أمينا عاما، أم أن حزب الأصالة والمعاصرة مع القيادة الجديدة سيدخل مرحلة جديدة؟ وما هي مظاهر هذه المرحلة؟ ثم ما تداعياتها على المشهد الحزبي بالمغرب؟

 وهل الفوضى يمكن أن تؤثر سلبا على الحزب ومن ثمة إلى تفكك قوته واضمحلال صورته مع الزعيم الجديد عبد اللطيف وهبي؟ وماهي القراءة الممكنة التي يمكن أن تقدمها هذه الصراعات والصدامات؟

تدمير سيكولوجية وتمثلات حزب الدولة

 يرى عبد الرحيم المنار اسليمي، في اتصال مع جريدة (بناصا) أن القراءة الممكنة للفوضى والصدامات التي عرفها مؤتمر حزب الأصالة والمعاصرة يجب “أن نأخذ معها المسافة ونقرؤها بطريقة غير انفعالية” ما دام الأمر يتعلق، حسب رأي المحلل السياسي،  بحزب “كان الكثيرون يحسبونه على الدولة لذلك كان مؤتمرات الحزب ولقاءاته السابقة فيها الكثير من الانضباط الناتج عن تمثل الكثير من الذين بهذا الحزب أنهم مراقبون في سلوكاتهم من طرف الدولة”.

ويضيف أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، في تصريحه لـ(بناصا)  إلى كون الشعور بـ”أن الدولة تخلت عن الحزب وفكت الارتباط به ستخلق سيكولوجية أخرى تنتقل من الانضباط إلى الفوضى، مع ملاحظة أن الفوضى التي وقعت في المؤتمر الرابع لحزب الأصالة والمعاصرة تختلف عن حالات الفوضى التي وقعت في مؤتمرات ولقاءات أحزاب اخرى مثل الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية”.

 واعتبر اسليمي أن فوضى المؤتمر الرابع لحزب الأصالة والمعاصرة هي “تعبير سيكولوجي عن حالة انتقال وحالة ضياع بدا يشعر بها البعض في الحزب” مشيرا إلى أن حزب الجرار من خلال المؤتمر الرابع كان “يعيش بداية صنع كارزمات جديدة تتصارع وقديمة لا تريد أن تنتهي”.

وقال “يجب النظر إلى الفوضى والصراع كظاهرة عادية وطبيعية لأن العديد من القيادات التي كانت تحتمي بقيادات سابقة في الحزب بدأت تدور في الفراغ وتشعر أن الحزب يتغير ويهرب منها”.

ويرى اسليمي في السلوكات التي أنتجها البعض ضد الأمين العام الجديد عبد اللطيف وهبي هي “عبارات عن مقاومات لتغيير قادم”.

ويضيف قائلا: “أظن أنه بعد حالة الفوضى يوجد الحزب  اليوم في الوضع السليم نتيجة اختياره قيادة قوية وتقرأ جيدا معطيات التحول السياسي الجاري وقادرة على إنتاج خطاب يتلاءم مع المرحلة”.

حزب “البام” ضرورة للتوازنات في المشهد السياسي القادم

يرى الكثير من المراقبين في حال الصراعات التي رافقت المؤتمر الوطني الرابع للحزب بداية لانهيار حزب وُلد وفي فمه ملعقة من ذهب، فهل يمكن لهذه الصراعات أن تعصف بوجود الحزب؟

في الجواب على هذا السؤال، يقول اسليمي :”عكس ما يعتقد الكثيرون فـ”البام” لازال حزبا قويا وقادرا على خلق توازنات في المشهد السياسي”.

وتكمن قوة الحزب في المرحلة القادمة، حسب المتحدث، في “تحرره من الوجوه والقيادات القديمة ويجعله في موقع يلعب معه توازنات ليس فقط في مواجهة العدالة والتنمية ولكن في مواجهة التجمع الوطني للأحرار أيضا، فالمشهد السياسي مع الولادة الجديدة لـ”البام” بات متعدد الأقطاب بين العدالة والتنمية والأحرار والبام والاستقلال وهي ظاهرة سياسية صحية”.

لأن الأمين العام الجديد عبد اللطيف وهبي، يقول أستاذ العلوم السياسية: “له قدرة كبيرة على إنتاج خطاب يربك العدالة والتنمية ولن يترك لبنكيران إمكانية إنتاج الخطاب القديم حول البام، فالأمين العام عبداللطيف وهبي يمكنه أن يتصارع ويتحالف في نفس الوقت مع العدالة والتنمية، وأظن أن الصراع الكبير القادم سيكون بين البام والتجمع الوطني للأحرار، هذا الصراع الذي سيخلق توازنا آخر في المشهد السياسي المغربي”.

 والسبب، حسب المحلل السياسي، يعود إلى أن “وهبي والقيادة الجديدة في البام يأخذ المسافة مع التجمع الوطني للأحرار وأعتقد أنهما سيتصارعان، وقد يذهب وهبي نحو محاولة تغيير كل تحالفات البام السابقة، ولكن من الواضح الآن أن انتخاب وهبي في الأصالة والمعاصرة يجعل المشهد يتجه نحو حكومة تضم العدالة والتنمية والبام والاستقلال في سنة 2021”.

معالم المشهد السياسي بالمغرب بعد انتخاب وهبي لقيادة “البام”

من جهته، اعتبر سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية، بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أنه بانتخاب عبد اللطيف وهبي أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة “بدأت تتضح بعض معالم المشهد السياسي لما بعد انتخابات 2021 الذي سيتوقع أن يشهد تقاربا غير مسبوق بين الغريمين حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة”.

وأشار الصديقي إلى أن عبد اللطيف وهبي الذي له علاقات قوية مع الكثير من قادة حزب العدالة والتنمية “لم يفتأ يدعو خلال السنوات الأخيرة إلى التحالف بين هاذين الحزبين”.

واعتبر المحلل السياسي في اتصال مع جريدة “بناصا”  أن انتخاب وهبي أمينا عاما لحزب الجرار لن يكون العنصر المحدد في علاقة الحزب مع باقي الفرقاء السياسيين، وعلى رأسهم حزب العدالة والتنمية، بل إن الأمر على أن “يشهد هذا الحزب ولادة جديدة، لأن حزب الأصالة والمعاصرة الذي أنشئ لمواجهة الإسلاميين، وخاصة حزب العدالة والتنمية، وجمع في صفوفه أطيافا متنوعة، بل ومتناقضة، من الحساسيات الفكرية والسياسية، سيتوجه إلى التطبيع مع ألد خصوم الأمس”.

واستدرك المتحدث بالقول :” لكن هذا لن يتم بسهولة إلا إذا كان بجانب الأمين العام الجديد فريق له الجرأة على مراجعة مسار الحزب، ووضعه على سكة جديدة بعيدا عن المناكفات الإديولوجية مع الإسلاميين والتي أضرت به كثيرا انتخابيا وسياسيا”.

ويشير إلى أن “الخطاب السياسي المتوازن والاستيعابي للأمين العام الجديد من شأنه ليس فقط أن  يبني جسورا جديدة مع حزب العدالة والتنمية، بل وأن يكسب ثقة الكثير من الناخبين الذين كانوا ينكفون عنه بسبب إغراقه في الخطاب الإديولوجي ضد الإسلاميين”.

إمكانية التحالف بين “البيجيدي” و”البام”

ماهي الأهداف التي يمكن أن تتحقق في المشهد السياسي المغربي إذا تحالف “البام” مع البيجيدي”؟

 في الجواب على السؤال، يعتبر الصديقي، أن هذا التحالف “سيساهم في تجاوز حالة الملل التي تشهدها الحياة السياسية خلال السنوات الأخيرة، ولاسيما مع غياب بديل قوي لحزب العدالة والتنمية الذي يتوقع أن يحافظ على الصدارة في الانتخابات القادمة حتى وإن تراجع نسبيا من حيث عدد المقاعد التي سيحصل عليها”.

وماذا عن حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يستعد للانتخابات القادمة منذ الآن؟

يجيب الصديقي جوابا على السؤال :” حزب التجمع الوطني للأحرار الذي نظم ما يشبه حملة انتخابية سابقة لأوانها سماها قافلة ”مائة يوم مائة قافلة؛ ظهر واضحا أنه ليس بمقدوره مواجهة العدالة والتنمية”.

 ويرى الصديقي أن قيادة حزب  التجمع الوطني للأحرار “ارتكب أخطاء كثيرة خلال الأسابيع الماضية، وستنضاف إلى سجل أخطاء الحزب السابقة التي ستستغل ضده في الانتخابات القادمة”.

 ويشير إلى أن عملية “الإنفاق الكبير على المهرجانات الخطابية، وتنظيم حملات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتعاقد مع مكاتب الاستشارات المفصولة عن الواقع المغربي كفيلة بتعزيز قاعدة الحزب الانتخابية قبل الاستحقاقات القادمة، لكن العكس هو الذي حدث، فقد أنهكت هذه الحملة الحزب، وأعطت لخصومه فرصة لتصيد مزيد من أخطائه”.

وهكذا  “ظهر الحزب خلال الأسابيع الماضية تائها، وكأنه يخاطب في الفراغ، مستثمرا في وسائل التواصل الجماهيري ونسي أنه حزب الأعيان، ويحتاج إلى استعمال وسائل تليق بطبيعته وبنيته ونوعية أعضائه” يقول الصديقي.

Share
  • Link copied
المقال التالي