لم يتبق على الانتخابات الرئاسية في فرنسا إلا بعض أشهر التي من المتوقع أن يرشح فيها الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون نفسه لفترة رئاسية ثانية. وحتى هذا الحين والمرشحين المتوقعين يبذلون قصار جهدهم لكسب شريحة جديدة من المؤيدين.
ويعد اليميني المتطرف وصاحب المناظرات المثيرة للجدل، إيريك زمور، أبرز المرشحين في في هذه الانتخابات المُقرّرة في أبريل/نيسان 2022 الذي حسم بعض المرشحين أمرهم للتصويت له ومن بين هؤلاء ألبان، الطالب البالغ من العمر 25 عاماً.
وصرّح ألبان لموقع Middle East Eye، بابتسامة عريضة: “هذه هي المرة الأولى التي سأشارك فيها في التصويت بحماس”.
ورفض الطالب الكشف عن لقب العائلة ولم ينضم لحزب زيمور، كما لن يفصح عن قراره بالتصويت له.
وأوضح الطالب، بينما يجلس على مقهى قريب من الشركة التي يتدرب فيها: “قد يكون لذلك تأثير سلبي على حياتي المهنية. يمكنني الدفاع عن أفكاري في خصوصية أمام أصدقائي، لكن التعبير عن قناعاتي السياسية في العلن معقد”.
ولا يتحدث ألبان، الذي ينحدر من عائلة من الطبقة الوسطى، عن المرشح الرئاسي، إلا مستخدماً لقب “لو زي”؛ موضحاً: “إنه أكثر تكتماً من زمور”.
ويتوخى ألبان الحذر لأن زمور، البالغ من العمر 63 عاماً، وهو من سلالة المهاجرين اليهود البربر الجزائريين، الذي اشتهر بسبب مناظراته المثيرة للجدل في البرامج الحوارية اليمينية، هو مرشح رئاسي مثير للانقسام ومناهض للمسلمين في فرنسا.
وقورن زمور بجان ماري لوبان، والد منافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبان، التي حاولت أن تنأى بنفسها إلى حد ما عن آراء والدها.
على سبيل المثال، زعم كل من لوبان وزمور زوراً أنَّ فرنسا الفيشية -وهي الدولة الفرنسية تحت حكم مارشال فيليب بيتان- كانت تحمي اليهود الفرنسيين.
وقد أدانت المحاكم كليهما بالعنصرية عدة مرات.
في يناير/كانون الثاني، حُكِم على زمور بغرامة قدرها 10000 يورو بسبب حديث مليء بالكراهية العنصريةخلال عرض تلفزيوني وصف فيه الأطفال المهاجرين الذين يصلون إلى فرنسا بأنهم “لصوص وقتلة” و”مغتصبون”.
أسلمة فرنسا
وبنى المرشح اليميني المتطرف عرضه السياسي على تهديد “الاستبدال العظيم”، وهي نظرية مؤامرة مفادها أن مكان الفرنسيين البيض وحقوقهم تُغتَصَب من الأجانب، وخاصة القادمين من شمال إفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى.
وخلال أول تجمع كبير له، في ديسمبر 2021، قال زمور إنه مستعد للرد على “مصدر خوف” اثنين “يطاردان الفرنسيين”؛ وهما: “تراجع” الأمة وما يسمى “أسلمة فرنسا”.
ولا تحتفظ فرنسا رسمياً بإحصاءات العرق أو الدين، وهو توجه منذ مخلفات الحرب العالمية الثانية عندما كان نظام فيشي يعتقل اليهود ويُرحِلهم.
وتشير التقديرات إلى أنَّ من بين سكان فرنسا البالغ عددهم 67 مليون نسمة أو نحو ذلك، هناك ثلاثة إلى أربعة ملايين مسلم.
ومع ذلك، يبدو أنَّ رسالة زمور تلقى صدى في بلد كان المسلمون فيه لسنوات عرضة للتمييز والعنصرية.
وفي العام الماضي، في استطلاع أجرته صحيفة Le Monde، اتفق ثلثا المستجيبين على أنَّ “الإسلام خطر على فرنسا والجمهورية”.
ويحصل زمور من استطلاعات الرأي حالياً على نحو نحو 14%.
كيف تتم عملية التصويت؟
وفي فرنسا توجد جولتان من التصويت في الانتخابات الرئاسية. المرشحان الأكثر شعبية يصلان إلى صاحب القرار.
وبنتيجته الحالية لن يصل زمور إلى الدور الثاني، لكن هذه مجرد بداية مسيرته السياسية. ويضم حزبه السياسي، “الجمهوريين”، الذي أُنشِيء قبل أقل من عام، بالفعل 85000 عضو.
وقال جان إيف كامو، الخبير في أقصى اليمين، لموقع Middle East Eye: “ما عليك أن تفهمه هو أن الجمهوريين هو حزب ليس له متطلبات دخول؛ لذا يمكن لأي شخص الانضمام إليه”.
وأضاف: “لديك أناس ينتمون إلى اليمين التقليدي وينضمون إلى زمور لأنه، بالنسبة لهم، هو الوحيد الذي يقاتل ضد الاستبدال العظيم”.
وتابع كامو أنَّ هؤلاء الأشخاص، الذين صوتوا لحزب الجمهوريين اليميني في عام 2017، “أصبحوا متطرفين ويعتقدون أنَّ زمور هو منقذهم”.
ثم هناك الناخبون السابقون في التجمع الوطني، حزب مارين لوبان المعروف سابقاً باسم الجبهة الوطنية.
بعد فشل الانتخابات الرئاسية الأخيرة مرتين، يعتقد البعض الآن أنَّ لوبان -التي تتساوى تقريباً مع منافسها في الاستطلاعات- لن تُنتَخَب أبداً، وقد تحولوا تأييدهم إلى زمور.
وقال كامو: “الشعار الأكثر شعبية في تجمعات إريك زمور مأخوذ من جان ماري لوبان الجبهة الوطنية في التسعينيات. نحن في وطننا!”.
“الأجانب كبش فداء”
نيكولاس البالغ من العمر 30 عاماً، طلب أيضاً عدم الكشف عن هويته عندما تحدث عن دعمه لزمور.
وفي حديثه عبر الهاتف، وصف زمور بأنه “وريث” بلد، حيث “يضطر الشباب فيه للعيش في مستوى أقل من الحياة التي قدمها لهم آباؤهم”.
في القاعة الفسيحة حيث عقد زمور تجمعه الأخير في بلدة ليل، لوح آلاف الأشخاص بأعلام زرقاء وبيضاء وحمراء وهم يهتفون “زمور رئيساً”.
كان الموضوع الرئيسي لخطابه هو القدرة على الإنفاق، وهو مصدر قلق كبير للشعب الفرنسي في طريق الانتخابات. جماهير زمور لها كبش فداء. إذ قال أحد المتقاعدين وسط الحشد لموقع Middle East Eye: “علينا التوقف عن دفع الرسوم الطبية للأجانب”.
وقالت امرأة من ليل، تعمل مسؤولة تنفيذية في القطاع الخاص: “ليس لديّ أي شيء ضد الأجانب، لكن عندما أرى مدى صعوبة الأمر بالنسبة لنا، أفكر بأنه يجب أن تكون الأولوية لنا”.
وقال الطالب ألبان: “الدفاع عن الأفكار اليمينية في هذا البلد أكثر تعقيداً من الدفاع عن الأفكار اليسارية. نحن اليوم في مفترق طرق في بلدنا. فرنسا، التي يعرفها والديّ، ومن قبلهما أجدادي، صارت في خطر، ويمكن لرجل مثل زمور أن ينقذنا”.
تعليقات الزوار ( 0 )