أبرز الباحث في السياسة الرياضية، منصف اليازغي، أن للرياضة بشكل عام، ولكرة القدم على وجه الخصوص، سحرا غريبا جدا وقدرة عجيبة على تغطية المشاكل، مُشيرا إلى أن هذا السحر يُمكن أن يكون في صالح القيادات السياسية.
وتأكيدا لطرحه، أوضح اليازغي في كلمته بالندوة التي نظمتها جريدة بناصا، تحت عنوان “جدل السياسة والرياضة”، أنه عندما يكون منتخب دولة معينة يخوض المباريات برسم استحقاقات معينة، ويحقق الإنجازات، فإن “الأغلبية الساحقة من الشعب تكون مسحورة بهذه النتائج، ولا تقوم بطرح أي إشكال بخصوص مشاكلها الاجتماعية”.
وتابع بالقول ” مثلا حين يفوز منتخب المغرب، نجد الكل يتحدث عن هذا الانجاز، وربما من مُنتخبين لم يسبق لهم أن طرحوا حتى سؤالا شفويا في البرلمان، كما أن كل الأحزاب تحاول تبني هذا الانجاز والركوب عليه”.
وأفاد أيضا “وفي اللحظة التي يخسر فيها المنتخب، يعود الحديث من جديد إلى هذه المشاكل الداخلية التي تهم المواطنين، وينطلق النقاش حول قيمة أجر المدرب، والميزانية المرصودة لمنتخب الكرة، والميزانية التي جرى صرفها بالمعسكرات..”.
وعن توظيف السياسة للرياضة، ضرب المُتحدث ذاته المثل بالجزائر، حيث قال” النظام الجزائري وظف انتصارات المنتخب منذ 2019، في التغطية على عدة مشاكل، ومُحاولا بنتائج منتخبه تصدير أزماته للخارج، خاصة في خلافاته مع المغرب، كما أن فوزه بكأس العرب كان بمثابة “أسبيرين” لتمديد الفترة الزمنية لانتعاشة البلد بإنجازات منتخبها”.
وأردف ” مباشرة بعد الخسارة والإقصاء، انطلق الجزائريون في الحديث عن الأزمات العديدة التي يواجهونها في بلدهم، كالنقاش الأخير الدائر حاليا حول النقص الحاصل في المواد الغذائية”.
وبشكل عام، اعتبر اليازغي أنه ليس هناك بتاتاً أية حظوظ لتعامل السياسي مع الرياضة سواء بشكل إيجابي أو سلبي، مستحضرا في هذا السياق، كيف استغل موسوليني الرياضة في حركته الفاشية وهتلر في حركته النازية بطريقة بشعة والهدف منه إبهار الداخل والخارج بقوتيهما.
وعلى مستوى المغرب، يرى اليازغي أن الرياضة كانت منذ الاستقلال تعيش على متناقضين، ويتعلّق الأول بعدم الاهتمام على المستوى الاستراتيجي وسياسات عمومية موجهة للمجال الرياضي، في الوقت الذي كانت تستغل فيه بشكل بشع جدا.
في المقابل، لا يرى اليازغي أي مانع في الاستراتيجيات التي اتجهت إليها دولة قطر، والتي سبق أن أوردها تقرير لجريدة “لوموند” الفرنسية، والمتمثلة في استغلال الإعلام المتمثل في قناة “الجزيرة” والرياضة عبر استقطاب نجوم الكرة في العالم، وإن كانوا في آخر سنوات احترافهم، إلى جانب تنظيم مئات الملتقيات الدولية في جميع أنواع الرياضات.
وتابع في هذا السياق ” إن كانت الدولة تستغل الرياضة بهذا الشكل، فإني لا أرى مانعا فيذلك، لكن أن تُستغل بشكل سلبي، وبشكل يقوي الجبهة الداخلية، ويحاول أن يغطي على عدة مشاكل، فهذا هو المرفوض”.
تجدر الإشارة إلى ندوة بناصا حول “جدل السياسة والرياضة”، قد شهدت مشاركة أيضا كل من محمد هنيد، الأستاذ المحاضر بجامعة السوربون، المستشار السابق للرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي ، وجمال اسطيفي، الصحافي والمحلل الرياضي، ومحمد الأمين موسى، أستاذ الإعلام المشارك بجامعة قطر-السودان، وقد أشرف على تسييرها الإعلامي نور الدين لشهب.
تعليقات الزوار ( 0 )