ثقافة الإعتراف بالخطأ والمسؤولية غير واردة بتاتا في ذهنية وزراء حكومة سعد الدين العثماني. هذه الثقافة التي لا يستقيم تدبير شؤون الدولة العصرية بدونها.
على كل حال لوزراءنا مآرب كثيرة في البقاء في مناصبهم إلى أن يتم انتزاعهم منها مكرهين لأي سبب كان. يتمسكون بها رغم الذل الذي يتعرضون له أمام الشعب المغربي بسبب التقريع والنقد اللاذع في عدد من الخطب الملكية، آخرها خطاب ثورة الملك والشعب الأخير.
نتفهم أن تكون هناك فئات من المواطنين جاهلة أو متجاهلة لمخاطر الوباء، لكن أن تحمل المسؤولية كلها لهذه الفئات فقط دون غيرها، خصوصا أرباب المال والأعمال، فهذا شبيه بمحرقة حمار مسرحية الحيوانات المرضى بالطاعون. وقد كان الملك واضحا في خطابه، حمل الجميع المسؤولية، وطلب من القوى الوطنية القيام بدورها في التوعية والتحسيس، الشيء الذي لم تطلبه الحكومة من قبل ولم تعد خططا في هذا الشأن.
على ما يبدو هم غير معنيين بما قاله الملك، ولا داعي في نظرهم لأن يهتموا لذلك رغم الخطب الجلل الذي أصاب البلاد. وبما أن عددا من الأحزاب والشخصيات السياسية تقول أنه يجب مصارحة المغاربة بحقيقة وأسباب الارتفاع المخيف لإصابات كورونا، فليكن ذلك، ولنقل جميعا الصراحة، وأولها أن الحكومة وعدد من الوزراء أوغلوا كثيرا في الكذب والفشل والبهتان، و يتعين عليهم الرحيل اليوم قبل غدا، إن لم يكن ضروريا مساءلتهم جنائيا عن كذبهم في التدبير وعن استهتارهم واتخاذ قرارات مميتة.
ولا نريد مصارحات ومكاشفات مسرحية الحيوانات المرضى بالطاعون، التي انتهت بالعفو عن الجوارح القواطع، ونصبت المحرقة للحمار لأنه هو سبب الطاعون.
ولنبدأ بأول وزير معني بالكارثة، وزير الصحة خالد آيت الطالب فقد كذب علينا هو وإدارته في إعداده لكل الاحتمالات ولكل السيناريوهات وللجوستيك اللازم لذلك. ألم يسأله الملك آخر مجلس وزاري عن الحالة الوبائية وعن ارتفاع عدد الإصابات، فأجابه بأن السبب راجع بالأساس إلى توسيع دائرة الكشف الجماعي المبكر، حسب البلاغ الذي تلاه الناطق الرسمي باسم القصر الملكي عقب انتهاء اشغال المجلس الوزاري بتاريخ 7 يوليوز الماضي؟ لماذا لم يقل للملك أن السبب هو استهتار المواطنين كما أضحى يقول اليوم؟
أن يكذب على المغاربة ويغلق عليه مكتبه بدون تواصل يومي وآني وميداني، قد نرجعه إلى ضعف تكوينه التواصلي والسياسي وأنه لم يفهم بعد ماذا يعني اكتشاف البشرية لمنصب الوزير في دوره الرئيسي في تحمل مسؤولية قطاع والتواصل اليومي بشأنه، لكن أن يكذب على الملك ويحجب حقيقة ارتفاع الإصابات التي لا يمكن أن نضعها في سياقها الحقيقي وهو الفتح المتسرع للمصانع والمعامل والضيعات وغيرها، فهذا قمة الثقة في النفس، وقمة تخراج العينين حتى أمام رئيس الدولة، وقمة الاستعلاء على المواطنين البسطاء.
ولماذا أخرج في بداية مارس الماضي مدير الأبوية ليتحدث نيابة عن وزارة الصحة ويقول للمغاربة أن الوزارة أعدت كل شيء وأننا مستعدون لكل الاحتمالات، والحال أننا لا نملك ما يكفي من أطباء الإنعاش وحتى الأسرة؟
لنأتي إلى وزير الصناعة والتجارة مولاي حفيظ العلمي. ألم نتابع إصدار الملك لتوجيهات خاصة بفتح المصانع والمحلات التجارية والمهنية شريطة إنجاز أرباب العمل اختبارات الوباء لعمالهم، فلماذا فتحت قبل ذلك إذن لتشكل المنبع الرئيسي لانتشار العدوى فأنشأ لنا الوزير مصانع تنتج كورونا؟ لماذا كان دائم الحضور والفرجة في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي ليقدم لنا الاختراعات حول معدات التنفس الاصطناعي وغيرها، ثم اختفى فجأة بعد الارتفاع المهول للإصابات بسبب البؤر الصناعية والمهنية؟ ولماذا فشل في مراقبة وتتبع ومواكبة وضبط هذه المصانع والمعامل؟
ثم أين كان الشاب وزير التشغيل في مراقبة المصانع والمعامل ومدى احترام شروط العمل؟
ثم أليس وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش مسؤولا عن انطلاق العمل بالضيعات الفلاحية التي أنبتت لنا كورونا متعددة الرؤوس، ثم يقال أن الأمور تحت السيطرة وأنه ليس المسؤول؟ ألم تكن مسؤوليته واضحة في عيد الأضحى وصراع البحث عن الأضاحي مما زاد طين كورونا بلة؟
ولماذا لم تلجأ وزارة الداخلية إلى الأحزاب السياسية و المجتمع المدني وتأطيره للتطوع، ليساهموا بشكل فعال في التنظيم اليومي للأحياء والشوارع والأسواق بلغة بسيطة بدون حاجز التسلط، وهي تعلم أن لغة السلطة لا تعطي النتائج المرجوة، بل لغة التحسيس والتوعية كما جاء في خطاب الملك هي الأكثر فائدة؟
وأين هو سعد الدين العثماني الذي نصح الناس بالسفر والسياحة الداخلية وتناقض مرات ومرات وتسرع في التصريحات مرات أخرى، ألم يقل الملك أن من يقول غير حقيقة الخطر فهو يكذب على الشعب؟
مولاي حفيظ العلمي وعزيز أخنوش لم يكن يهمها سوى أرباب المال والعمل، ووزراء البيجيدي على رأسهم العثماني يسيرون بدون أفكار وبدون قدرة على التواصل والإقناع والإبداع، يجيدون فقط لغة الرسوم المتحركة والرموز والغول والتماسيح وغيرها، فشلوا فشلا ذريعا ساحقا في معركة مقاومة الفيروس.
الملك في خطابه عبر عن غبن عميق تجاه الأزمة التي يمر منها المغرب، وأصبح يتواصل كالمعلم يشرح ماهي كورونا وكيف يمكن الوقاية منها، في حين غاب الوزراء والحكومة عن ذلك طيلة المدة الماضية.
أقل ما يمكن أن يقوم به العثماني وأن تقوم به هذه الحكومة خجلا أمام خطاب ثورة الملك والشعب، هو طلب الإقالة لأنها حكومة فاشلة ستسبب لنا الخراب والكوارث اذا استمرت بسبب قراراتها الفئوية حينا والمرتجلة حينا والمجاملة حينا آخر، خصوصا إذا استحضرنا ما يروج حول احتمال قرار من وزير التربية الوطنية بإطلاق الموسم الدراسي مع بداية شتنبر، والذي يسير في نفس منطق أخنوش والعلمي بحماية أرباب المدارس، مما سينتج عنه مصطلحا جديدا يغني قانوس كوفيد 19 وهو البؤر المدرسية، بؤر رياض الأطفال، والبؤر الجامعية وغيرها، لكن صدق من قال إن لم تستحي فافعل ما شئت.
تعليقات الزوار ( 0 )