Share
  • Link copied

الهاشمي: يشكل تزامن “كورونا” مع النقاش حول التوجهات التنموية عاملا محفّزا لإحداث تحول براديغماتي حقيقي في خياراتنا الاستراتيجية المستقبلية

اعتبر محمد الهاشمي، أستاذ العلوم السياسية، أن نظرية المؤامرة التي يستند عليه البعض في تفسير ظهور وباء “كورونا” قد تكون لها نتائج أكثر ضررا من هذا الوباء الخطير الذي بات يهدد الإنسان على الصعيد الكوني.

وحول تراخي أو تراجع النقاش العمومي أمام وباء “كورونا”، أكد المحلل السياسي، أن النقاش العمومي حاليا “يبقى محكوما بالضرورة بهاجس /أولوية مواجهة هذا التهديد الوجودي، ولا يمكن ان يحتكم لمنطق الحياة السياسية العادية”.

كما تطرق الحوار مع الباحث الأكاديمي المعروف، إلى السياق المحلي، أي المغرب وكيف تعاطى المغاربة مع انتشار فيروس كورونا… وأشياء أخرى تكتشفونها في ثنايا الحوار.

إليكم الحوار كاملا…

ظهرت الكثير من التصريحات والكتابات استندت إلى (نظرية المؤامرة) في تفسير ظهور وباء فيروس “كورونا” … هل يمكن الاستناد إلى هذا التفسير الذي بدأ الكثير من المحللين في السياسة الدولة يميل إليه، وخاصة في علاقة الولايات المتحدة الأمريكية مع الصين؟

ينبغي الإشارة أولا إلى أن نظرية المؤامرة كانت دائما أحد مداخل تفسير بعض الأحداث والظواهر التي عرفها تاريخ البشرية. وعلى العموم تقوم فكرة المؤامرة على الاعتقاد بوجود جماعة من الأشخاص، غير محددي الهوية بالضرورة، ويتمتعون بقدرة ونفوذ كبيرين في توجيه السياسات والتحكم في مصائر المجتمعات والدول سواء في المجال الاقتصادي أو السياسي او حتى الثقافي والحضاري بشكل عام.

وإذا كان بعض المؤرخين والعلماء يرجعون تاريخ أول تمظهر لنظرية المؤامرة الى الأفكار التي راجت بعيد اندلاع الثورة الفرنسية والتي كانت تشكك في كونها نتاج لحركة اجتماعية متجذرة في المجتمع وناتجة عن التناقضات الداخلية للمجتمع الفرنسي والتي لم يعد النظام القديم قادرًا على تصريفها، بل تعتبرها نتيجة تآمر لقوى معينة من الخارج والداخل من أجل زرع الفتنة والاضطراب في المجتمع الفرنسي، فإنه من المرجح أن هذا النمط في التفكير في الأحداث وتفسيرها أقدم بكثير من الثورة الفرنسية.

ويمكن القول أن التاريخ المعاصر حافل بأمثلة متعددة لنظرية المؤامرة لتفسير بعض الأحداث، على غرار حادثة اغتيال جون كيندي في ستينات القرن الماضي، إضافة إلى مختلف الأفكار الرائجة في المنطقة العربية والتي تنسب التخلف الحضاري لدول ومجتمعات المنطقة الى وجود قوى متحالفة ضدها ومتآمرة عليها لمنعها من تجاوز حالة التخلف. وقد لاحظ الجميع كيف تم توظيف هذا المعطى، الذي يمكن اعتباره أحد ثوابت البنيات الذهنية لدى فئات واسعة من مجتمعات المنطقة العربية، واستغلاله من طرف بعض الأنظمة السلطوية كسلاح لتعبئة رأي عام مناهض لموجة الاحتجاجات التي تعرفها المنطقة منذ 2011.

وبالرجوع إلى جَائحة فيروس كورونا فمن الواضح أن جزءا كبيرا من النقاش الدائر حول أسبابها ينطلق من خلفية تتأسس بشكل أو بآخر على نظرية المؤامرة.

مسؤول باسم الحكومة في الصين اتهم، ولو بالتلميح، الجيش الأمريكي بإدخال وباء “كورونا” إلى الصين؟

نعم، يمكن أن ندرج في هذا الصدد هذا التصريح لأحد كبار المسؤولين الصينيين الذي لمح فيه إلى احتمال تورط الجيش الأمريكي في نشر الفيروس في الصين.

 كما يدخل في هذا الإطار أيضا وصف الرئيس ترامب لفيروس كورونا بالفيروس الصيني في بعض تصريحاته مؤخرا.

ولعل أحدث ما راج في إطار التفسير المؤامراتي لجائحة كورونا بعض الفيديوهات التي يتم الترويج لها عبر الانترنت والتي تعتبر الفيروس جزء من حرب بيولوجية بين القوى العظمى أو تربطه بحادث تسرب من مختبر متخصص في الأسلحة البيولوجية يوجد مقره في ووهان الصينية حسب ادعاء فيديو يروجه احد الفرنسيين بناء على وثيقة يقدمها على انها براءة اختراع لفيروس كورونا المستجد. وقد اطلعت شخصيا على هذه الوثيقة وأستطيع القول انها لا علاقة لها باختراع الفيروس وان استنتاجات صاحب الفيديو متهافتة وغير ذات أساس.

وخلاصة القول أن هناك العديد من التقارير التي تزعم وجود برامج تسلح بيولوجي، غير أنها تبقى غير قابلة للتأكيد أو النفي من طرف الباحث العادي، نظرا للسرية الشديدة التي يفترض أن تحاط بها هذه البرامج إن وجدت فعلا، وبالتالي لا يمكن إثبات أو نفي علاقة الجائحة الحالية بهذه البرامج المفترضة. 

إذن أمام غياب معلومات حقيقية ومؤكدة عن ظهور فيروس “كورونا”.. ألا يمكن أن يكون لتفسير ظهور هذا الوباء استنادا على نظرية المؤامرة تبعات ونتائج مضرة في العلاقات الاجتماعية قبل الدولية؟

نعم، ويمكنني أن أقول عموما أن نظرية المؤامرة قد تكون لها تبعات أخطر من الفيروس في حد ذاته، وذلك للأسباب التالية:

1- الاعتقاد بوجود مؤامرة في موضوع مثل جائحة كورونا قد يؤدي إلى إضعاف التعبئة التي تقودها السلطات العمومية لمواجهتها، حيث أن اعتبار الفيروس مؤامرة قد يدفع الى التشكيك في الأرقام والمعطيات والتوجيهات الصادرة عن السلطة الصحية والعمومية، مما قد يضعف الإجراءات الاحترازية.

2- تنطوي نظرية المؤامرة على خلل منهجي خطير في طريقة التفكير في مشاكل وقضايا المجتمع. فالاعتقاد بوجود قوى داخلية أو خارجية متآمرة يؤدي الى صرف الأنظار عن الأسباب الحقيقية لهذه المشاكل، مما يؤدي الى تفاقمها أكثر ويصبح من المستحيل مواجهتها نتيجة هذه الطريقة في التفكير التي تتسم بنوع من القدرية والانهزامية، خاصة أن المسؤول عما يحدث  يكون دائما مبنيا للمجهول من طرف المؤمنين بنظرية المؤامرة.

3- يؤدي انتشار نظرية المؤامرة إلى خلق مناخ مجتمعي يساعد الأنظمة المستبدة على التحكم في الرأي العام وتطويعه. كما أن هذا المناخ يعتبر مرتعا خصبا لانتشار الإشاعات ويضعف منسوب الثقة والشفافية في التعامل بين الأفراد والجماعات.

بناء على كل هذه الاعتبارات أعتقد أن التفكير ينبغي أن ينصب بالأساس على مواجهة التحديات التي يفرضها الواقع بدل إضاعة الوقت في البحث في تفسيرات لا يمكن باي حال أن تكون ذات أهمية في اللحظة الراهنة.

ألا ترى أن هذه الإجراءات المتخذة لمواجهة الجائحة كانت على حساب الفضاء العمومي والحياة السياسية بشكل عام، سواء تعلق الأمر بالمغرب أو دول أخرى تصنف أنها ديمقراطية؟

لكي نقارب تأثير إجراءات العزل وحالة الطوارئ الصحية في المغرب ودوّل أخرى على النقاش العمومي والممارسة الديمقراطية بشكل عام، ينبغي استحضار معطيين أساسيين:

أولا: يجب التذكير أولا ان كل الترتيبات المؤسساتية التي يتأسس عليها النظام الديمقراطي وكل المفاهيم المؤطرة لاشتغال مؤسساته، تبقى مرتبطة بما يسمى بالحالة العادية في مقابل الحالات الاستثنائية. وعليه من البديهي أن تتأثر الحياة السياسية في الأحوال العادية ببعض الظروف الطارئة الاستثنائية كالتي يعيشها العالم حاليا.

فبالرغم من أن الفضاء العمومي لا ينتفي بظهور مثل هذه الظروف الاستثنائية، إلا أنه لا يمكن أن يشتغل وفق نفس المنطق الذي يحكمه في الحالة العادية، خاصة حينما يتعلق الامر بتهديد وجودي، غير مرئي ولا يخضع لسيطرة الفاعلين كما هو الامر بالنسبة لوباء كورونا.

من الواضح أن هذا التهديد أصبح متحكّما في أجندات الفاعلين في كل دول العالم وفرض إعادة تحديد الأولويات على جميع الأصعدة. فكل نقاش عمومي حاليا يبقى محكوما بالضرورة بهاجس /أولوية مواجهة هذا التهديد الوجودي، ولا يمكن ان يحتكم لمنطق الحياة السياسية العادية التي يكون فيها النقاش العمومي يشتغل بمنطق تدبير الاختلاف في التصورات والأفكار والاختيارات حول تنظيم المجتمع.

ثانيا: لكي نفهم تأثير هذه الإجراءات الاحترازية على الفضاء العمومي أرى من الضروري التمييز بين مفهومين للفضاء العمومي ينتمي كل واحد منهما الى تخصص معرفي مختلف عن الاخر، ولذلك لا ينبغي الخلط بينهما رغم تداخلهما احيانا. أولهما هو ذلك الذي تعتمده بعض التخصصات المعرفية التي تشتغل على الفضاء العمومي باعتباره حيزا مكانيا، كما هو الامر بالنسبة للهندسة المعمارية، التخطيط العمراني وعلم الجغرافيا مثلا.

أما المفهوم الثاني فهو ذلك الذي تأسس داخل الفلسفة والعلوم الاجتماعية والذي يحدد الفضاء العمومي ليس بالمعنى الطوبوغرافي الفيزيقي، بل باعتباره فضاء للنقاش العمومي.

من الواضح اذن ان المفهومين مختلفين من حيث كونهما أداتين تحليليتين للواقع، رغم أنهما يتداخلان في بعض عناصرهما. فمن جهة تحدد الفئة الاولى من العلوم الفضاء العمومي تحديدا ماديا يحيل على الفضاءات المكانية المفتوحة للعموم والتي يتفاعل فيها الناس بأشكال مختلفة، في مقابل الفضاء الخاص بكل فرد (البيت او الملكية الخاصة بشكل علم).

 ويمكن القول أن مصطلح public space هو الأقرب للدلالة على هذا المفهوم كما يرد في أعمال باحثين أمثال لويس مامفورد Lewis Mumford وريتشارد سينات Richard Sennet والذي ينطبق على كل الفضاءات المفتوحة في المدن كالحدائق العمومية، باحات الاستراحة واللعب، الشوارع، الساحات العمومية وما الى ذلك.

 ومن جهة اخرى فإن العلوم الاجتماعية وخلفيتها الفلسفية في الفكر الغربي تحدد الفضاء العمومي باعتباره تلك الساحة او الحلبة المدنية التي تتشكل فيها الاّراء العامة عبر النقاش العمومي بشكل يسمح للمشاركين فيه بممارسة نوع من الضغط على مراكز السلطة والحد منها ومراقبتها. وبناء على ما سبق يمكن ان نخلص الى الاستنتاجات التالية:

1-يبدو الفرق  واضحا بين المفهومين  وتبقى نقطة الالتقاء الوحيدة بينهما تتجلى في كون النقاش العمومي الذي يقوم على مبدأ الحجاج النقدي العقلاني كما يحدده الفيلسوف يورغن هابرماس، والذي هو جوهر فكرة الفضاء العمومي في العلوم الاجتماعية أي public sphere  قد يحتاج احيانا الى فضاء عمومي بالمعنى المكاني أي public space لكي يكون ممكنا في الواقع كما هو الشأن بالنسبة للصالونات الأدبية وجلسات النقاش وما شابه ذلك.

2- من هذا المنطلق، وبناء على التمييز السالف الذكر يتبين ان الإجراءات الاحترازية المرتبطة بحالة الطوارئ التي تعيشها بلادنا والعديد من دول العالم قد تؤدي الى إغلاق الفضاء العمومي بالمعنى الاول (public space ) لكن ذلك لا يؤثر بالضرورة في الفضاء العمومي بالمعنى الثاني، أي قدرة المواطنين على مناقشة قضايا الشأن العام. كل ما هنالك ان هذا النقاش الذي يتم غير الفضاء العمومي الغير تقليدي الافتراضي سيتأثر بالضرورة بما يحدث في الواقع نظرا للتحول الذي احدثته جائحة كورونا على الاجندات والأولويات، بفعل ما تشكله من تهديد وجودي.

3- اذا كان الفضاء العمومي بالمعنى الاول (كحيز مكاني) كان ربما يعتبر شرط إمكان لتبلور فضاء عمومي بالمعنى الثاني كمجال للتناظر والمناقشة بين المواطنين، فان التحولات الدراماتيكية التي شهدتها تكنولوجيا التواصل والاتصال في بداية الألفية الثالثة ساهمت في الانبثاق التدريجي لفضاء عمومي افتراضي موازي للفضاء الواقعي ولا يخضع لنفس قواعده. وبالتالي فان النقاش العمومي اصبح اكثر قدرة على الانفلات من الإكراهات التي يمكن ان يفرضها تحكم سلطة ما في الفضاءات الفيزيقية التي يفترض انها تحتضنه على الأقل في التصور الهابرماسي التقليدي الذي لم يكن يستحضر الدور الهائل الذي تلعبه التكنولوجيا حاليا في التواصل بين الناس وبالتالي في النقاش العمومي. وتجدر الاشارة هنا ان مفهوم الفضاء العمومي عند هابرماس في كتاباته الاولى كان تعبيرا عن تصور غربي وذكوري وبورجوازي للفضاء العمومي، مما عرضه لنقد كبير من طرف الحركة الفكرية النسائية وبعض تلامذته الذين طوروا المفهوم ليشمل فئات أوسع من المجتمع خاصة عبر فكرة الفضاء العمومي البروليتاري. ومن هذا المنظور فان التصور الكلاسيكي للفضاء العمومي الذي كان نخبويا أصبح أكثر ديمقراطية الان، على الأقل بالمعنى العددي للديمقراطية، حيث وسعت وسائل التواصل الاجتماعي من دائرة الفئات القادرة على الولوج للفضاء العمومي والمشاركة في النقاش العمومي مع ما يطرحه هذا التحول من اشكاليات وقضايا مستجدة غير مسبوقة.

مابعد هذه المِحنة.. هل يمكن أن يؤثر وباء “كورونا” على الأفكار والأنساق، في المستقبل، التي شيدها الإنسان على المستوى العالمي؟

يعلمنا التاريخ أن الطفرات الكبرى في تاريخ المجتمعات غالبا ما تخرج من رحم الأزمات والمحن الكبرى التي تعيشها. إن الأزمات هي دائما فرصة للتقييم وإعادة النظر في العديد اليقينيات والحقائق وإعادة الاسئلة الكبرى الى الواجهة وهي التي تتوارى خلف في الفترات العادية، بمعنى التي لا تتمكن فيها تتمكن فيها المجتمع البشري من تصريف التناقضات المحايثة لسيرورة تطوره بشكل عادي لاتصل معه هذه التناقضات الى أزمات تهدد وجوده. وعلى العكس من ذلك أعتقد أن الأزمة الحالية تشكل تحديا وجوديا غير مسبوق في التاريخ المعاصر للبشرية، سواء من خلال تهديد استمرارية النوع البشري أو تهديد الأنساق الكبرى التي شيدها الانسان في السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا.

عموما أعتقد ان هذه الأزمة قد يكون لها ما بعدها على مستوى اعادة النقاش حول فكرة العولمة باعتبارها تكاد تصبح خيارا للرجعة فيه irreversible سواء بالنسبة للدول والمجتمعات التي دشّنته او بالنسبة لتلك التي انخرطت فيه من باب التعامل مع الامر الواقع.

 الجميع أصبح يدرك الآن أن هذه الدينامية التي تكسر الحدود أصبحت تفرز نتائج خارج السيطرة ولا يمكن بأي شكل من الأشكال توقعها أو التحكم فيها. من غير المتوقع أن تغير الأزمة بنية النظام العالمي الحالي بشكل جذري لكنها ستغير بلا شك طريقة النظر إليه وستحفز على التفكير النقدي في بعض مرتكزاته.

 ما تبينه أزمة كورونا هو أن العالم أصبح أكثر هشاشة وبينما فشل هذا النظام في نقل الرخاء والتنمية وإيجابيات العولمة  من المناطق الغنية إلى الفقيرة، نرى جليا كيف أصبحت كل دول العالم مثل قطع الدومينو تتساقط تباعا بمجرد سقوط القطعة الاولى.

طيب، على مستوى السياق الوطني نلاحظ أن هذا الوباء الخطير فاجأ المغاربة حول النقاش العمومي حول ما يسمى بالنموذج التنموي الجديد، هل ترى أن هذه الأزمة ستمثل حافزا في تعميق النقاش حول النموذج التنموي؟

بالعودة الى سياقنا الوطني، ربما يكون تزامن هذه الأزمة مع النقاش حول الاختيارات والتوجهات التنموية الكبرى في بلادنا، عاملا محفّزا لأحداث تحول براديغم حقيقي في خياراتنا الاستراتيجية المستقبلية.

شخصيا آمل أن تشكل هذه الأزمة حافزا لإعادة ترتيب الأوليات والمراهنة على الإنسان كجوهر ومدخل وأساس لأي فعل تنموي حقيقي. ولا يمكن أن يتحقق ذلك بدون ضمان حد أدني حيوي في الولوج للخدمات الصحية.

 ولذلك أرجو أن نقتنع جميعا كمغاربة أن البنية التحتية للنموذج التنموي المنشود لا يمكن أن تتأسس إلا بالنهوض بالحق في الصحة والحق في التعليم.

من جهة أخرى اعتقد أن هذه الأزمة قد يكون لها تأثير على مستوى نظام القيم السائد في مجتمعنا، خاصة فيما يتعلق بإعادة ترتيب بعض الأولويات، وعلى الخصوص دور العقل في حياة الإنسان. وأتمنى أن تكون حالة الضعف والهوان التي نعيشها الآن في مواجهة هذه الجائحة، ووضعنا الحضاري العام الذي لا نملك معه سوى الاستسلام لقدرنا وانتطار ما قد تجود به مختبرات الآخرين وعلمائهم من دواء، أعتقد وأرجو أن يشكل كل هذا حافزا لإعادة النظر في العديد من اليقينيات التي استسلمنا لها، ولطرح العديد من الاسئلة التي نؤجلها أو نتجاهلها.

ولعل النقاش الذي دار مؤخرا حول أولوية حفظ النفس على حفظ الدين بمناسبة فتوى إغلاق المساجد، قد يكون نقطة بداية لمثل هذا النقاش حول الإشكاليات الحضارية الكبرى التي نواجهها.

Share
  • Link copied
المقال التالي