عندما عادت زينة بن شيخ إلى وطنها المغرب عام 2017 لتولي منصب المدير العام الإقليمي لفرع شركة “بيك دي إم سي” (إحدى أشهر الشركات العالمية في قطاع إدارة الوجهات السياحية) في مدينة مراكش، كان يعمل في مكتبها 50 مرشدا سياحيا دون أي وجود للنساء.
حينئذ، أدركت زينة (29 عاما) أن مهمتها لا تقتصر فقط على دعم السياحة المغربية، بل الهدف الأكبر هو تمكين المرأة في هذا القطاع الذي تغيب عنه النساء.
وانطلاقا من هذه الفكرة، حملت زينة على عاتقها منذ عام 2018 مسؤولية إحداث تغيير في مجتمعها، ومضاعفة عدد النساء العاملات في مجال الإرشاد السياحي بالمغرب.
وبدأت زينة في حصد ثمار مهمتها المجتمعية منذ العام الماضي، مما أهلها لإدراج اسمها في تقرير منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة لعام 2019، حول أبرز الشخصيات العالمية التي عملت على تحقيق المساواة بين الجنسين في قطاع العمل بالسياحة.
بفضل زينة، أصدرت وزارة السياحة المغربية عام 2018 -ولأول مرة منذ عشر سنوات- تراخيص “مرشدة سياحية” جديدة للإناث، وتعمل غالبية المغربيات الحاصلات على هذه التراخيص في فرع الشركة التي تديرها زينة.
وفي حوار لزينة مع الجزيرة نت، قالت إن تجربتها مع النساء في المغرب شجعت كثيرا من الفتيات على دخول عالم الإرشاد السياحي، بعد عزوف طويل عن العمل في هذا المجال.
وأرجعت ذلك إلى أن “25% فقط من القوى العاملة في المغرب من النساء”.
مزيد من المرشدات السياحيات
وأوضحت زينة للجزيرة أنها كانت حريصة على تسجيل النساء الراغبات في العمل بالإرشاد السياحي، في اختبار الحصول على التراخيص الرسمية لمزاولة هذه المهنة.
ولفتت إلى أن هذه الجهود أسفرت عن وصول عدد المرشدات السياحيات في المغرب إلى 314 بحلول نهاية العام الماضي.
وقالت “في مارس 2019، كانت هناك 153 مرشدة سياحية، ووصل هذا العدد إلى 314 في يونيو من العام ذاته، مما يعني أننا وصلنا لهدفنا بمضاعفة عدد المرشدات السياحيات قبل ستة أشهر من الجدول الزمني الذي طرحناه”.
زينة المولودة في المغرب وغادرته قبل أن تبلغ عامها الثاني إلى كندا ثم بريطانيا وفرنسا، أشارت إلى حرصها الدائم على اصطحاب طفليها (6 أعوام و12 عاما) في رحلاتها لاكتشاف ثراء الثقافات المختلفة.
وحول طبيعة المجتمع المغربي حاليا، قالت “أعتقد أن الأمور تتغير بالتأكيد نحو الأفضل، فقد عين المغرب (في أكتوبر 2019) نادية فتاح العلوي في منصب وزيرة السياحة، لأول مرة في التاريخ، وأنا متحمسة للغاية وآمل أن يؤدي هذا إلى تغيير حقيقي في الاتجاهات والأولويات”.
معركة يومية
وقالت زينة إنها “ناضلت كثيرا” لتغيير مفهوم الناس في المغرب عن مهنة المرشد السياحي، ولا سيما في المناطق الريفية والنائية.
وأردفت بالقول “رغم العدد القليل من المرشدات السياحيات في المغرب، فلن تقود الكثير منهن رحلات متعددة الأيام، وسيتقيدن بالرحلات اليومية في المدينة التي يعشن فيها”.
واعترفت زينة أنها واجهت تمييزا جندريا (جنسيا) في المغرب، واصفة هذه الممارسات بأنها “معركة يومية”.
ومضت بالقول “أن تكوني أنثى في منصب مرموق أو تتحملي مسؤولية مهنية كبيرة، أمر غير مألوف في المغرب، ورغم أني لم أواجه هذا الوضع في مكتبي أو بين فريقي، فإنني واجهت حولي كثيرا من العقبات، فقد قيل لي عدة مرات أن مهمتي مستحيلة”.
وأردفت ” قيل لي إن النساء لا يرغبن في أن يصبحن مرشدات في المغرب، وأن ما كنت أحاول تحقيقه لم يكن آمنا”.
منظور مختلف للرحلة
وأكدت زينة للجزيرة أن الفرق بين الرجل والمرأة في قيادة الجولات السياحية “لا يتعلق بالأداء، بل بمنظور كل منهما للرحلة”.
وقالت إن “النساء في الجولات التي يقدنها يظهرن بلدهن من منظور مختلف. النساء في بلدان مثل المغرب لديهن الكثير من القصص التي يخبرنها للمسافرين، عن حياتهن اليومية ومكانتهن في المجتمع وداخل الأسرة، وعن عاداتهن وتقاليدهن”.
كما أشارت إلى أن وجود المرأة مرشدة للجولات السياحية يساعد في “خلق روابط فريدة” بين النساء في المغرب والسائحات.
عن الجزيرة
تعليقات الزوار ( 0 )