كد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، يوم الاثنين، أن مناسبة تخليد الذكرى الـ 68 لانتفاضة 16 غشت 1953 بوجدة، يتوخى منها أن تكون محطة جديدة لتقوية ارتباط الشباب والأجيال الجديدة بذاكرتهم التاريخية لاستلهام مضامينها وقيمها الخالدة والنهل من ينابيعها الثرية.
وأضاف الكثيري، في كلمة بالمناسبة، أن الهدف هو المشاركة في تعزيز مكتسبات الأمة، وصيانة الوحدة الترابية ومواجهة تحديات التنمية الشاملة والمندمجة والمستدامة، وذلك إعلاء لصروح المغرب الجديد؛ المغرب الديموقراطي والحداثي تحت القيادة الحكيمة للملك محمد السادس.
وأوضح أن انتفاضة 16 غشت 1953، التي جسدت ملحمة خالدة ومنعطفا حاسما في التاريخ الوطني، يجدر الاعتزاز بها والافتخار بوقائعها وتلقين الأجيال الصاعدة ما تختزنه من صور الشهامة والصمود، وما تقدمه من معاني التضامن والوحدة والالتحام بين القمة والقاعدة محليا كما وطنيا كلما دعت الضرورة إلى ذلك من أجل الدفاع عن كرامة الوطن وعزته.
وقال المندوب السامي إن هذه الذكرى تحمل في طياتها وثناياها حمولة وازنة من أحداث ونضالات متراكمة خاضتها الحركة الوطنية طوال الأربعينات وبداية الخمسينات من أجل تحقيق مشروع الحرية والاستقلال والكرامة والسيادة الوطنية.
وذكر بأن انتفاضة وجدة كان لها الأثر البالغ، لما ألحقته بالاستعمار الفرنسي الغاشم من خسائر بشرية ومادية، وما أبان عنه وطنيوها من شجاعة وإقدام وجرأة ورباطة جأش كان من نتائجها سقوط العديد منهم شهداء في ميدان الشرف “فسقوا بذلك شجرة الحرية بدمائهم الزكية ومهدوا لسلسلة من الانتفاضات والثورات الشعبية التي سوف تنطلق بعدد من المدن والقرى”.
وأضاف أن التاريخ يسجل لشرق المغرب وقبائله المتأصلة، ورجاله الأفذاذ، مواقف وطنية شهمة أبانوا خلالها عن مدى وفائهم وولائهم وتمسكهم بوحدة الوطن واستقلاله، وغيرتهم الوطنية الصادقة، وعدم تهاونهم أو نكوصهم عن الاستجابة لنداء الوطن، وبذل النفس والنفيس فداء وصونا لوجوده وسلامة أراضيه، وتحصينا لهويته وأصالته الضاربة جذورها في عمق التاريخ.
وشدد المندوب السامي أن أسرة المقاومة وجيش التحرير تجدد، بهذه المناسبة، تعبئتها المستمرة ووقوفها الموصول تحت القيادة الحكيمة والمتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية المقدسة وتثبيت المكاسب الوطنية، وتأكيد دعمها وتأييدها للمبادرات والمقترح المغربي القاضي بمنح حكم ذاتي موسع للأقاليم الجنوبية في ظل السيادة الوطنية.
وبمناسبة الاحتفال بهذه الذكرى، نظمت النيابة الجهوية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بوجدة، عدة أنشطة ومتنوعة وكذا زيارات افتراضية على مستوى فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بجهة الشرق، بالإضافة إلى توزيع إعانات مالية ومساعدات اجتماعية لعدد من أفراد أسرة المقاومة وجيش التحرير.
كما عقدت ندوة علمية افتراضية حول موضوع “انتفاضة 16 و17 غشت بوجدة وتافوغالت: درس في قيم التضحية والوفاء”، شارك فيها أساتذة وباحثون ومهتمون بتاريخ الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير بمساهمات تناولت الدلالات الدينية للاحتفال بذكرى انتفاضة 16 غشت 1953 بوجدة، وقراءة في المحاكمات العسكرية لسنة 1954 بمدينة وجدة، وأحداث 16 غشت 1953 بوجدة استمرار للمقاومة بالمنطقة الشرقية، وكذا مسؤولية الأجيال المتعاقبة في التعريف بالأحداث التاريخية.
وينتظر أن يتم تنظيم ندوة افتراضية مماثلة ببركان، تخليدا لانتفاضة 17 غشت 1953 بتافوغالت؛ وذلك حول موضوع “مظاهرة 17 غشت بتافوغالت وبركان: انتفاضة من أجل الاستقلال والسيادة”، وأنشطة تربوية وثقافية متعددة ومتنوعة وزيارات على مستوى فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالإقليم، فضلا عن منح إعانات مالية ومساعدات اجتماعية لعدد من أفراد أسرة المقاومة وجيش التحرير.
يذكر أن انتفاضة 16 غشت 1953 بوجدة، وانتفاضة 17 غشت 1953 بتافوغالت بإقليم بركان، شكلتا منعطفا حاسما في مسار الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال. وتجسد هاتان الملحمتان في مسيرة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال، الدور الريادي والطلائعي الذي اضطلع به بطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس، الذي رفض الخضوع لإرادة الإقامة العامة للحماية الفرنسية الرامية إلى النيل من السيادة الوطنية وتأبيد النفوذ الاستعماري على المغرب.
تعليقات الزوار ( 0 )