شارك المقال
  • تم النسخ

المنتزه الوطني للحسيمة .. لقاءُ البرّ والبحرِ السّاحرِ لعيون الزائرينَ

جمالٌ بريّ قلّ نظيرهُ، يمنح الزائرِ فرصةَ إلقاء نظرةٍ نادرةٍ من وسط شجرِ العرعار أو الصنوبر الحلبي، لأمواج بحر البروانِ وهي تتلاطم، مع الاستمتاع في آن واحد، برؤية الأرانب تفرّ لجحورها خوفاً من القادمين، ومشاهدة الدلافين وهي تلعب في مياه البحر. صورة بانورامية نادرة، تلك التي يمنح المنتزه الوطني للحسيمة، الواقع غرب مركز الإقليم ببضع كيلومترات، للضيوف القادمين إليه.

“أزور المكان بشكل مستمر، أقف على قمة هذا الجبل، بين شجيرات الصنوبر الحلبي، وأنظر إلى أمواج البوران وهي تتلاطم، وكأنها تحكي حكايات لا يفهمها سوى السكان المحليون”، كلمات قالها أحمد، أحد قاطني جماعة بني بوفراح، والذي اعتاد كل أسبوعٍ على القدوم المنتزه الوطني للحسيمة، الذي يعتبر أكبر المحميات الطبيعية في الساحل المتوسطي للمملكة.

يمتد المنتزه على مساحة تصل لـ 48 ألف هكتار، من بينها 19 ألفا في المجال البحري، ويحتوي على عشرات الأنواع من الحيوانات والأسماك، كما يصل علو الأجراف الصخرية المتواجدة على الشريط الساحلي المنتمي إليه، لحوالي 747 متراً فوق سطح البحر.

يبدأ المنتزه من شاطئ ثارايوسف شرقا، ويصل لشاطئ كلايريس غربا، ويضم في كنفه حوالي 15 ألف نسمة من السكان، الذين يعتمدون بدرجة أساسية تربية الماشية؛ غنم وماعز، نظرا للتضاريس الجبلية الوعرة التي تصعب الزراعة، باستثناء الأشجار المثمرة على رأسها الزيتون والخروب والتين.

ويتوفر المنتزه على أزيد من 60 نوعا من الطيور، منها عقاب البحر الصياد، الذي يتواجد بالمنطقة حوالي 16 زوجا منها، وطائر السرنوف العركي، إلى جانب ما بقي من فقمة الراهب المتوسطية، و 86 نوعا من الأسماك، بما فيها 3 فصائل من الدلافين، وما يزيد عن 200 نوعا من النباتات.

“الصنوبر الحلبي جميل، لكنه زُرع لاحقا من طرف المندوبية السامية للمياه والغابات”، يقول يحيى، الراعي الستيني، الذي عاش حياته كلها بين أشجار المنطقة التي تدخل ضمن أراضي قبيلة بقيوة، قبل أن يضيف بتحسر بادٍ على وجهه باللهجة الريفية ما معناه:”الشجر لي كانو هنا بكري، مبقاوش بزاف، وهما امتزي (العرعار)، وفاضيس (الدروة)، والدوم، وازمور (زيتون بري)”.

من جهته يرى حسام، القاطن بجماعة الرواضي القريبة هي الأخرى من المنتزه، بأن هناك إهمالا يمسّ هذه المنطقة الجغرافية المهمة للإقليم، من الناحية البيئية والاقتصادية والسياحية، وذلك عبر الرعي الجائر والقنص والصيد العشوائيين، ورمي النفايات بشكل غير منتظم، ما بات يهدد النظام الإيكولوجي والتنوع البيولوجي الذي يميز المحمية.

ويعتبر المنتزه قبلةً لعشاق السياحة الجبلية والغابوية والبحرية، غير أن المشكل الذي يمكن أن يعترض القادمين إلى شواطئ المحمية، والتي من بينها بوسكور، الذي يقصده الملك محمد السادس سنوياً، هو صعوبة الطرق المؤدية إليهم.

“ليس مجرد منتزه، إنه جنة على الأرض”، عبارة وصف بها يونس، الذي رأى المحمية، لأول مرة قبل حوالي شهر، قادما من إقليم الناظور، حيث اعتبر بأنها من الأماكن التي لابد من للشخص من زيارتها، غير أن المشكل بها، هو صعوبة المسالك”.

وأضاف يونس، بأنها “صعوبة المسالك ليست مشكلا في الحقيقة، لأن الاستمتاع بالمنتزه ومناظره الخلابة، تقتضي المشي على الأقدام، لرؤية كل الأماكن التي تستحق أن ترى، لأن أغلبها بعيد عن ضجيج السيارات، دائما المناطق التي تكون بعيدة عن الإنسان، أو على الأقل العربات والآليات، يتكون محافظة نوعاً ما على عذريتها”، على حد تعبيره.

عبد اللطيف، القاطن بجماعة بني بوفراح، والمهووس بزيارة المنتزه، والمشي بين أشجاره، يحكي مبتسماً:”المحمية بها الكثير من الحيوانات، مثل الثعالب والخنازير البرية، وأيضا الذئاب”، يضيف المتحدث نفسه معززاً كلامه عن الذئاب:”سبق وأن شاهدت ذئبا قبل ما يزيد عن 10 سنوات، غير أني حين أخبرت بعض الأشخاص لم يصدقون، لأن هذا النوع انقرض من المغرب قبل مدة”.

وتابع عبد اللطيف الذي يبلغ 63 سنة من عمره، بأن “برنامج أمودو، الذي تبثه الأولى، وقف في إحدى حلقاته قبل حوالي ست سنوات، على وجود الذئب الإفريقي، حيث نجح في تصوير ثلاثة أفراد منه، أي أن هذا الحيوان ما يزال موجوداً في المغرب، وهو بالضبط في المنتزه الوطني للحسيمة”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي