شارك المقال
  • تم النسخ

المنتجات المغربية ترضي شهية المملكة المتحدة بعد انسحابها من الاتحاد الأوروبي

ﻳﺒﺬل اﻟﻤﺰارﻋﻮن المغاربة في جهة سوس ماسة، جهودا مضنية لتحسين منتجاتهم الزراعية والغذائية وتعزيز قدراتهم التنافسية، لاسيما بعد ارتفاع واردات المملكة المتحدة من الفواكه والخضروات الطازجة من المغرب بشكل كبير ومتسارع على حساب الواردات من الدول الأوروبية.

وتشير الإحصاءات الصادرة عن دائرة الإيرادات والجمارك البريطانية إلى أنّ الواردات من المنتجات المغربية لشهر يناير 2021، ارتفاعا بنسبة 51 في المائة مقارنة بشهر يناير 2020، ونمت من 20،236 طنًا إلى 30،648 طنًا، بعد انسحاب المملكة المتحدة من الترتيبات التجارية للاتحاد الأوروبي في بداية العام.

وحفزت الزيادة في الطلب شركة الشحن البريطانية “United Seaways” على إنشاء طريق شحن مباشر يربط بين المملكة المتحدة والمغرب في الوقت المناسب لموسم الحصاد الصيفي لهذا العام، وهو أول طريق بدون توقف يمتد من “ميناء بول” إلى طنجة المتوسط.

وفي هذا الصدد قال ناشيط محمد، العضو المنتدب في رياض سوس، الذي يصدر الخضروات والفواكه الحمضية، بما في ذلك الكليمونتين والليمون إلى المملكة المتحدة، “بالطبع نعلم أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد لا يكون جيدًا للمملكة المتحدة، بيد أن تأثيره كان إيجابيا على المنطقة”.

وأضاف المصدر ذاته، أنه بين “سنتي 2018 و 2019 لم يكن الموسم الفلاحي جيدا لأن الإنتاج كان منخفضًا، ومع ارتفاع الطلب الآن، تضاغف العمل وأصبح الإنتاج أكثر، وشمل هذا التحسن منطقة سوس بأكملها”.

وتمتلك شركة Costa Group الأسترالية الرائدة في مجال المنتجات الطازجة حصة أغلبية في شركة “African Blue” المغربية المصدرة للعنب البري، وقد افتتحت الشركة، أخيرا، منشأة تبلغ مساحتها 10000 متر مربع لمواكبة الطلب، مما يجعلها أكبر منشأة لتعبئة التوت تخدم الأسواق البريطانية والأوروبية.

وفي المملكة المتحدة، زاد استيراد الكوسة المغربية، التي شهدت زيادة من 95 طنًا في يناير 2020، إلى 878 طنًا في يناير 2021، أي بزيادة قدرها 822٪. كما شهد الطلب على الفراولة المغربية زيادة كبيرة، من 231 طنًا في يناير 2020، إلى 1،292 طنًا العام الماضي، وذلك بزيادة قدرها 459 ٪ وفقًا لإحصاءات الحكومة البريطانية الرسمية.

وفقًا لمجموعة أبحاث السوق Morder Intelligence، فإن سوق الفواكه والخضروات المغربي، يوظف ما يقرب من 40٪ من القوى العاملة في المملكة، كما تبلغ قيمة الصناعة 15-20 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، مع مبيعات تزيد عن 558 مليون دولار في عام 2019، ومن المتوقع أن يشهد السوق نموًا سنويًا بنسبة 5.5 ٪ خلال السنوات الخمس المقبلة.

تأثير انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

منذ استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كانت حكومة المملكة المتحدة تتطلع إلى تعميق علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع المغرب وأماكن أخرى في إفريقيا، وذلك في محاولة لتقليل اعتمادها على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

ووفقًا لنيجل جيني، الرئيس التنفيذي لشركة FPC، وهي رابطة تجارة المنتجات الطازجة في المملكة المتحدة، فإن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعني المزيد من الأعمال للمزارعين الأفارقة.

وأضاف:”أعتقد أن هذا أكثر من مجرد وميض سريع، كما أن الوباء تسبب أيضًا في مجموعة من المشكلات من حيث توفر المنتجات”، وأردف “تبحث الشركات عن مصادر بديلة لأنه، للأسف، لم تعد التجارة سهلة مع أوروبا”.

وتفوقت صادرات الفواكه والخضروات المغربية إلى المملكة المتحدة على الصادرات الهولندية لأول مرة في يناير، فيما يرى خبراء، أن الواردات من الاتحاد الأوروبي تواجه تأخيرات متزايدة على الحدود، ومن المرجح أن ترتفع تكلفة الغذاء في بريطانيا.

ولفت جيني، إلى أنذ ستة وعشرين في المائة من الأغذية المستهلكة في المملكة المتحدة تأتي من الاتحاد الأوروبي، وأربعة في المائة فقط من إفريقيا، ومن المرجح أن يتم دفع التأخير في القارة إلى جانب تكاليف النقل الإضافية على المستهلك.

ومن وجهة نظر تكلفة الصناعة، يضيف المصدر ذاته، نحن ندرك أن عمليات التفتيش والرسوم والتكاليف الرسمية فيما يتعلق بعملية الإعلان تضيف قدرًا كبيرًا من الوقت والجهد والتكاليف إلى سلسلة التوريد.

وللأسف، حسب جيني، يمكن أن يؤثر ذلك فقط على أسعار المستهلك في مرحلة ما في المستقبل، لكني أعتقد أن هذا يعزز الفرصة لأفريقيا، وخاصة شمال أفريقيا، بطريقة أعتقد أن هذا لم يتم فهمه بالكامل بعد”.

ومن المتوقع أن يساعد طريق الشحن الجديد والمباشر “Brexit buster” في تجاوز الازدحام المروري بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والإجراءات الجمركية الإضافية التي تواجه البضائع القادمة عبر أوروبا.

كما سيتم شحن البضائع مرة واحدة في الأسبوع في كلا الاتجاهين وسيتم تقليص وقت الرحلة إلى النصف، من ستة أيام عبر الاتحاد الأوروبي إلى أقل من ثلاثة أيام عن طريق البحر.

بدوره، قال الرئيس التنفيذي لشركة United Seaways، زيد فاسي فهري: “سيسمح الطريق البحري الجديد للشركات البريطانية بأن تأتي مباشرة من المغرب وإفريقيا دون وسطاء بين البلدان، لذا سيسمح هذا الأمر بطريقة سلسة وأكثر فاعلية لممارسة الأعمال التجارية”.

وفقًا للمصدر ذاته، فإن المسار الجديد يثير أيضًا احتمالات زيادة صادرات المملكة المتحدة إلى المغرب وأعمق في غرب إفريقيا، وتميل معظم الصادرات من المملكة المتحدة إلى الذهاب براً وهو ما يستغرق وقتًا أطول ويعني الازدحام والجمارك والأثر البيئي والتآكل والتلف على المركبات.

عهد جديد في العلاقات بين المملكة المتحدة والمغرب

وفي مطلع شهر يناير، بدأت حقبة جديدة في العلاقات الاقتصادية بين المغرب والمملكة المتحدة، لاسيما عندما دخلت اتفاقية استمرارية الشراكة بين البلدين حيز التنفيذ.

وتحافظ هذه الاتفاقية الثنائية على جميع المزايا التي منحها البلدان لبعضهما البعض بموجب اتفاقية الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وتقوم الرباط ولندن الآن باستكشاف سبل دفع العلاقات الاقتصادية والتجارية إلى أبعد من ذلك.

ووفقًا لوزارة التجارة الدولية في المملكة المتحدة، بلغت قيمة التجارة الثنائية بين المغرب والمملكة المتحدة 1.6 مليار جنيه إسترليني (2.2 مليار دولار) في الأرباع الأربعة حتى نهاية الربع الثالث من عام 2020، وتعد اتفاقية الشراكة بمثابة الخطوة الأولى للنمو في علاقات التعاون الثنائية.

وتستعد شركة التعدين البريطانية “إيمرسون” للشروع في استغلال أكبر منجم للبوتاسيوم في إفريقيا في وقت لاحق من هذا العام، كما تعتبر العلاقات التجارية بين الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مهمة لنجاح المملكة المتحدة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومن المغرب إلى غانا تظهر القارة أنها قادرة على تلبية الطلب بسرعة.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي