كشفت صحيفة “لوموند” الفرنسية في تقرير حديث عن الدور الكبير الذي تلعبه كرة القدم في تعزيز مكانة المغرب الدبلوماسية والاقتصادية في القارة الإفريقية.
ويُعدّ تنظيم المملكة لبطولة كأس الأمم الإفريقية (AFCON) في نسختها المقبلة، المقررة من 21 ديسمبر 2025 إلى 18 يناير 2026، محطة جديدة في استراتيجية المغرب الرامية إلى توطيد علاقاته مع دول القارة، وتعزيز صورته كوجهة رياضية وثقافية رائدة.
وهذه ليست المرة الأولى التي يستضيف فيها المغرب البطولة، فقد سبق له تنظيمها عام 1988، لكن هذه النسخة تأتي بمستوى تنظيمي غير مسبوق، وفقًا لتقرير الصحيفة الفرنسية.
وأعلن باتريس موتسيبيه، رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (CAF)، أن هذه النسخة ستكون “الأفضل في تاريخ البطولة”، وذلك بفضل الاستثمارات الضخمة التي قام بها المغرب في البنية التحتية والفندقية والرياضية.
مفهوم جديد لـ”المعسكرات القاعدية”
وأبرز ما يميز تنظيم المغرب للبطولة هو تقديمه لمفهوم مبتكر لـ”المعسكرات القاعدية” الخاصة بالفرق المشاركة. حيث سيتم توفير 24 فندقًا فاخرًا و24 ملعبًا تدريبيًا، كل منها مخصص لفريق واحد، بما يضمن راحة وتفرغ اللاعبين للتحضير للمباريات.
ومن بين الفنادق التي سيتم استخدامها، تبرز أسماء عالمية مثل “فيرمونت”، “فور سيزونز”، “هيلتون”، “هيات”، “ريتز كارلتون”، و”سوفيتيل”.
ويختلف هذا النموذج تمامًا عن النهج الذي اتبعته ساحل العاج في نسخة 2023، حيث تم بناء مجمعات سكنية بسيطة أُطلق عليها اسم “مدن الأمم الإفريقية” في مدن مثل بواكي وكوروغو وسان بيدرو، والتي استضافت عدة فرق في نفس الوقت.
وكانت هذه المجمعات قد تعرضت لانتقادات واسعة، خاصة من قبل المنتخبين المغربي والجزائري، اللذين رفضا الإقامة فيها بسبب عدم توفر المرافق اللازمة.
كرة القدم كأداة دبلوماسية
ويُظهر تنظيم المغرب لبطولة أمم إفريقيا 2025 كيف تحوّلت كرة القدم إلى أداة دبلوماسية فعالة في يد المملكة. فمن خلال استضافة مثل هذه الأحداث الكبرى، يعزز المغرب مكانته كقوة رياضية واقتصادية في إفريقيا، ويُرسّخ صورته كدولة قادرة على تنظيم فعاليات عالمية المستوى.
كما أن هذه الخطوة تأتي في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز التعاون مع دول القارة في مجالات مختلفة، بما في ذلك التجارة والاستثمار والثقافة.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن المغرب قد نجح في السنوات الأخيرة في توظيف الرياضة، وخاصة كرة القدم، لتعزيز نفوذه في إفريقيا.
فمن خلال دعم الاتحادات الرياضية الإفريقية، واستضافة البطولات الكبرى، وتقديم المساعدات الفنية واللوجستية، أصبح المغرب لاعبًا رئيسيًا في المشهد الرياضي الإفريقي.
تفاعل إعلامي واجتماعي واسع
وأثارت القرعة النهائية للبطولة، التي أُجريت يوم 27 يناير 2024، موجة من التفاعل في الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي. حيث تم تحديد الفرق الـ24 التي ستشارك في البطولة، مما أثار حماسًا كبيرًا لدى عشاق كرة القدم في القارة.
لكن القرعة التي سبقتها، والتي حددت أماكن إقامة الفرق ومراكز التدريب، كانت الأكثر إثارة للجدل، خاصة مع الإعلان عن مستوى الخدمات الفاخرة التي سيتم تقديمها.
ولفت تقرير الصحيفة، إلى أن استضافة المغرب لبطولة كأس الأمم الإفريقية 2025 ليست مجرد حدث رياضي، بل هي رسالة قوية تُظهر قدرة المملكة على لعب أدوار ريادية في القارة الإفريقية.
ومن خلال هذه البطولة، يؤكد المغرب مرة أخرى أن كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل هي أيضًا أداة دبلوماسية قوية تُسهم في بناء الجسور وتعزيز العلاقات بين الشعوب.
تعليقات الزوار ( 0 )