يتمتع المغرب بموقع استراتيجي لا يقتصر فقط على تاريخه العريق وثقافته الزاخرة، بل يمتد إلى ثرواته الطبيعية الهائلة التي تجعله قوة اقتصادية عالمية، ففضلًا عن موقعه الجغرافي المتميز على ساحلي الأطلسي والمتوسط، يزخر المغرب بثروات معدنية وفوسفاطية ضخمة تجعله رقما أساسيا في الاقتصاد العالمي.
ويعتبر المغرب أكبر منتج للفوسفاط الخام في العالم، حيث يملك حوالي 70% من الاحتياطيات العالمية لهذا المعدن الحيوي، الذي يدخل في صناعة الأسمدة الزراعية ومكونات بطاريات السيارات الكهربائية، وتقدر احتياطيات المغرب من الفوسفاط بأكثر من 50 مليار طن، وهو رقم يفوق بكثير احتياطيات أي دولة أخرى في العالم.
وتنتشر مناجم الفوسفاط المغربية في عدة مناطق، أبرزها خريبكة والعيون واليوسفية، وتتميز بإنتاجيتها العالية، ويعد الفوسفاط عنصرا أساسيا للأمن الغذائي العالمي، حيث يدخل في صناعة الأسمدة الضرورية للزراعة، كما أنه مكون رئيسي في بطاريات الليثيوم أيون المستخدمة في السيارات الكهربائية.
ويحتل المغرب المرتبة الثانية عالميا في إنتاج الفوسفاط الخام، بعد الصين، إلا أن احتياطياته الضخمة تمنحه ميزة تنافسية كبيرة في هذا القطاع الحيوي، كما أنه يعتبر أكبر مصدر للفوسفاط الخام في العالم، والرابع عالميا في تصدير الأسمدة، حيث يغطي 54% من احتياجات القارة الأفريقية من الأسمدة.
ويستفيد المغرب من موقعه الجغرافي وموانئه الحديثة، وعلى رأسها ميناء طنجة المتوسط، الذي يعد الأكبر في إفريقيا والرابع عالميا من حيث الكفاءة التشغيلية، في تعزيز صادراته الفوسفاطية ومنتجاتها المشتقة.
وبالإضافة إلى الفوسفاط، يملك المغرب احتياطيات مهمة من المعادن الأخرى، مثل الرصاص والزنك والفضة والباريت والفلوريت والنحاس والمغنيسيوم والأنتيمون والذهب. ويشكل قطاع التعدين 10% من الناتج المحلي الإجمالي، ويساهم الفوسفاط بنسبة 90% في هذا القطاع.
ورغم هذه المزايا، يواجه قطاع التعدين المغربي تحديات عدة، من بينها التأثير البيئي وندرة المياه واحتياجات البنية التحتية. ويتطلب استخراج الفوسفاط ومعالجته كميات كبيرة من المياه، وهو مورد نادر في مناخ البلاد شبه الجاف.
وقد أطلق المغرب سلسلة من الإصلاحات لتعزيز قطاع التعدين، من خلال قانون التعدين رقم 33-13 لسنة 2015 وخطة المغرب التعدينية 2021-2030، بهدف تحسين الكفاءة المؤسساتية ومواءمة الإطار القانوني مع الطموحات التنموية الجديدة، وضمان الاستدامة البيئية والاجتماعية للأنشطة التعدينية.
ويسعى المغرب إلى تعزيز موقعه في سلسلة القيمة العالمية للفوسفاط، من خلال الاستثمار في إنتاج الأسمدة وتطوير منطقة صناعية مخصصة لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، مثل منطقة جرف الصناعية التي خصصت لهذا الغرض.
وبفضل ثرواته الطبيعية وموقعه الاستراتيجي والبنية التحتية المتطورة، يملك المغرب القدرة على تحويل اقتصاد البلاد إلى قوة عالمية في مجال التكنولوجيا الخضراء والأسمدة.
ويمكن للمغرب، من خلال الرؤية الاستراتيجية والجهود الحكومية المستمرة، الاستفادة من موارده الطبيعية لتحقيق نمو مستدام وكبير في السنوات المقبلة.
تعليقات الزوار ( 0 )