فجأة وبلا سابق إخطار من جهتها، قررت السلطات المغربية يومه الجمعة فتح أبواب معبر مليلية المحتلة والسماح للمغاربة العالقين بها منذ إعلان المغرب حالة الطوارئ الصحية، وتعليق لحركة النقل البرية والملاحة الجوية والبحرية.
القرار الذي هم المغاربة العالقين بمليلة والذي لم تضعه السلطات المغربية لا في سياقه كما لم تقدم ما يبرره، يرى فيه عدد من المتتبعين أنه رد فعل جهات سيادية عن خبر وفاة مواطنة مغربية تبلغ من العمر 34 سنة، من العالقين في مدينة مليليه المحتلة، بعدما تم العثور عليها في مرحاض عمومي تابع لمجمع “ساحة مبارزة الثيران” الذي سبق للسلطات المحلية أن خصصته لإيواء المغاربة العالقين.
وقد نشرت السلطات المحلية بمليلة المحتلة مساء أمس الخميس بيانا جاء فيه: “مساء اليوم، أبلغت الحكومة المغربية قرارها ترحيل المغاربة العالقين في مليلية بعد إغلاق الحدود نتيجة كورونا فيروس”. ويضيف البيان: “ولقد أرسلت الحكومة المغربية لائحة باسم200 من المغاربة الذين سيتم السماح لهم بالدخول ابتداء من مساء اليوم عبر معبر بني أنصار. فيما تم الاتفاق على ترحيل الــ300 الآخرين في وقت لاحق.
هذا في الوقت الذي لا يزال مصير المغاربة العالقين بثغر سبتة المحتل غامضا، إذ لم يشر البلاغ إليهم ولا إلى إمكانية ترحيلهم في الأمد القريب.
تلكؤ حكومي يزيد من معاناة مغاربة خلف الحدود
منذ بروز ملف المغاربة العالقين في الخارج، والذي أكدت مصادر حكومية مع بداية انتشار الوباء أن عددهم لا يتجاوز 500 شخص على أقصى تقدير، ليتضح بعد عملية الجرد والتحيين للمعطيات التي قامت بها وزارة الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن عددهم يتجاوز 27 ألف شخص، والقطاعات الحكومية تتقاذف هذا الملف فيما بينها.
فما بين وزارة الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ووزارة الصحة ووزارة الداخلية، تبعثرت قيم المواطنة لآلاف المغاربة الذين منعهم عليهم هذا التلكؤ الحكومي من إيجاد حل يعيدهم إلى وطنهم الأم، وهو ما يعني استمرار معاناة عيشهم في ظروف مأساوية ومزرية طالما أن حالة الطوارئ الصحية لم ترفع.
وقد عبرت نزهة الوافي، الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج، خلال اجتماع سابق لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج، بمجلس النواب، لدراسة موضوع المغاربة العالقين بالعديد من البلدان بسبب تداعيات انتشار وباء “كوفيد 19″، عن تضامنها مع هذه الفئة من المغاربة، ناصحة إياهم بـ”الصبر حتى يفرج الله”.
وعلاقة بالموضوع قالت الوافي إن انتشار الفيروس فرض على كل الدول تدبير الازمة بطريقة مختلفة، والمغرب أيضا دبرها من خلال أولوية الامن الصحي لمواطنيه، دون ان تحدد أي نوع من المواطنين الذين تقصدهم الوزيرة، هل مغاربة الداخل أم العالقين في الخارج.
قصص مأساوية يعيش فصولها مغاربة بدول المهجر
برلماني مغربي: وإذا كان البرلماني المغربي الذي وجد نفسه عالقا بالديار الإسبانية بعد فرض حالة الطوارئ الصحية، قد تمكن بقليل من الحظ وما يتوفر عليه من أموال، من أداء مبلغ مالي لمساعد شاحنة لنقل البضائع، ليدخل إلى المغربي وبالضبط إلى ميناء بني نصار منتحلا صفة مساعد سائق الشاحنة، قبل أن يختفي عن الأنظار فور توقف عجلات الشاحنة. فإن قصصا أخرى أكثر درامية يعيش آلاف المغاربة يوميا تفاصيل فصول مأساتها.
ع.ر- عالق بالديار الفرنسة: هذا المستخدم في القطاع البنكي، والذي يبلغ من العمر 37 سنة، اختار قضاء عطلته السنوية بفرنسا، لكن سوء حظه زامن ما بين انقضاء أيام إقامته بفرنسا وإعلان المغرب على وقف جميع الرحلات الجوية والبحرية، ليجد “ع,ر” نفسه مضطرا لمواجهة صعوبة العيش في هكذا ظروف استثنائية في فرنسا، وبين تعليق راتبه من طرف المؤسسة البنكية التي تشغله لأنه لم يلتحق بالعمل في التاريخ المحدد.
ك.ا- عالقة بتركيا: لا توجد في وضع أفضل من غيرها، إذ تؤكد في اتصالها بالموقع أنها أمضت أشهر السنة المنصرمة في جمع ما تستطيع ادخاره من أموال لإجراء عملية جراحية بتركيا، وهو ما تم بالفعل حيث سافرت وأجرت العملية وفق الموعد المحدد سلفا، لتفاجئ أنها لا تستطيع العودة إلى المغرب بسبب تعليقه للرحلات الجوية وذلك إلى إشعار آخر. لتجد نفسها في بلد غريب بلا معيل ولا مأوى ولا مال لتتدبر أمرها به خلال هذه الأيام الصعبة.
عائلة وسياحة: وحتى الذين سافروا إما لزيارة أبنائهم الذين يتابعون الدراسة في الخارج أو طلبا للسياحة، وجدوا أنفسهم غير قادرين على صرف المبالغ المالية الموجودة في أرصدتهم البنكية، والسبب هو تجاوزهم لسقف التحويلات للخارج المحدد من طرف مكتب الصرف، مما يفرض عليهم التوجه إلى وكالتهم البنكية “التي توجد في المغرب طبعا” للتوقيع على الوثائق التي تفرضها المؤسسات البنكية حتى يتمكنوا من استخراج أموالهم.
حالات مأساوية من بين أخرى، وإن تفرقت بهم أسباب تواجدهم خارج المغرب في هذه الظرفية الزمنية تحديدا، فقد جمعت بينهم أشكال المعاناة وتفاصيل اليوميات المأساوية التي يعيشها، تارة في ظل تأكيد الحكومة على أن عودة المغاربة العالقين حق دستوري، وتارة أخرى تلكؤ ذات الحكومة في مباشرة الإجراءات الضرورية لضمان عودة هؤلاء المغاربة وإن على مراحل، مرجئة الأمر إلى حين الإعلان على رفع حالة الطوارئ الصحية.
فإلى متى ستستمر الحكومة في تلكؤها وتقاعسها على القيام بمسؤولياتها والعمل بجد من أجل غعادة المغاربة العالقين في الخارج، مع ما يقتضيه ذلك من توفير للإجراءات الصحية والطبية وفضاءات الاقامة المناسبة.
تعليقات الزوار ( 0 )