قال الصحافي الراحل، المصطفى العلوي رحمه الله، إن الصحافي الحقيقي هو الذي لا يكشف عن مصادره الإخبارية مهما كانت الظروف، وأكد في حوار خاص، أن الحسن الثاني هو من نصحه بعدم الكشف عن مصدر الخبر لمّا عاد من تغطيته لأحداث الريف عام 1958.
وإليكم نص الحوار
بالحديث عن المصادر مولاي مصطفى أنت لك شبكة علاقات مع مسؤولين بالدولة، أجهزة أمنية ومخابرات ورجالات الدولة وزراء الخ، إذا ما أخذت معلومة وقدم إليك من يسألك حول مصدرها مستعينا بمجموعة من الحجج من دين إسلامي وأمن الدولة، فهل ستفرج له عن المصدر؟
سأجيبك بشكل مباشر…
تفضل..
في زمن الكتلة الوطنية ضد النظام/الملك، والكتلة الوطنية كما هو معلوم كانت أول منظمة حزبية قوية تخيف الملك، صدر بعدد من جريدة الأسبوع مقال بعنوان: استقبل الملك الحسن الثاني في إفران أقطاب الكتلة الوطنية وتذاكروا في مشاكل كثيرة.
يومان بعد ذلك، هاتفني بالمنزل آنذاك وزير الإعلام الاتحادي عبد القادر الصحراوي (كان بيننا حساب قديم لأن جريدتي كانت ضده دائما)، وطلب مني القدوم إلى منزله وقلت له: سي عبد القادر أنا لا أذهب إلى منازل الوزراء.
يعني خفت من مكيدة ما خصوصا وأن لك معه حسابا كما قلت؟
على أية حال، قال لي إذن أنا سآتي عندك. وبالفعل لما وصل إلى بيتي، طلب مني مرافقته إلى بيته لأن له رسالة لي من سيدنا…
تقصد الحسن الثاني؟
نعم، وقال إنه من غير الممكن أن يقولها إلا في منزله، فأجبته بأنه إذا كانت الرسالة من الملك، سأذهب معه إلى بيته.
ولما وصلنا إلى منزله بشارع النصر، وكان البيت في حلة بهية وكأن شخصا مهما سيزوره، وجلسنا ننتظر، بدأت أطرح أسئلة من قبيل: هل الملك من سيأتي بالفعل؟
بعد هنيهة، دخل عنصران من المخازنية، وكان برفقتهما عبد الوهاب بن منصور.
مؤرخ المملكة؟
نعم، المؤرخ. بعد السلام عليه، قال لي: “سيدنا أرسل لك رسالة وحرص على سريتها، أرسل معي عنصرين من المخازنية وستكتب الجواب في هذه الورقة وتعطيها لأحدهما حتى تكون مطمئنا بأن جوابك سيصل إليه”.
سألته: ما هي الرسالة؟ أجاب: “سيدنا استقبل زعماء الكتلة الأربعة في إفران وتحدت معهم، ولما هموا بالمغادرة أرغمهم على القسم على القرآن الكريم بأن لا يقولوا إنهم كانوا معه، والآن سيدنا يطلب منك أن تقول له في هذه الورقة من غدر بالمصحف، وأوصل لك الخبر”.
كتبت الجواب؟
كتبت: “نعم سيدي أعزك الله، تذكر عشاءنا في مراكش حين قلت لي إن الصحافي لا يذكر أبدا مصدره، وأنا ما زلت متشبثا بنصيحة سيدنا”، ووضعتها بالظرف وسلمتها لأحد العنصرين من المخازنية.
وهل اتصل بك مرة أخرى؟
لم يتم الاتصال بي بعد ذلك، كل ما أعرف أنه كان هناك صحافي جزائري بالرباط وقع إبعاده لأنه هو أيضا نشر الخبر.
يعني الحسن الثاني هو من أوصاك بعدم ذكر مصادرك الإعلامية؟
هذا صحيح، ولذلك لا يمكنني أن أبيع مصيري الصحافي وأحطمه مقابل بيع مصلحة معينة ومؤقتة مهما كان هذا المقابل، لأنه لا يساوي شيئا أمام هذا التبليغ، تبقى كرامة الصحافي والتزامه وسره كل شيء، وهناك حالات كثيرة في حياتي حافظت فيها على السر الصحافي وما أزال أحتفظ بها، وأنا سعيد بذلك، ولم أصرح بها لأحد من المقربين ولم أذكرها في مذكراتي لأنها قضية مصير.
وإذا كانت هذه المعلومات تهدد أمن البلاد؟
أعتبر أن أمن البلاد مسألة ثانوية عادية لأن البلد دائما مهدد بي وبغيري، رجال الأمن هم من يجب أن يحموا البلاد وليس عليهم الاعتماد عليّ لحماية البلاد.
سيقولون إنك لم تقم بالتبليغ؟
طبعا، لو كانوا يعرفون ما سأبلغ، هم من عليهم أن يبلغوه.
تعليقات الزوار ( 0 )