Share
  • Link copied

المشاريع الصّغيرة والهجرة.. أحلامٌ تراود الشّباب المغربيّ للخروج من أزمة 2020

“لا شيء أجمل من مدينة طنجة.. وهي بادية في الأفق، وأنا واقف في الجزيرة الخضراء..”، يقول فؤاد، الشاب العشرينيّ، القاطن بمدينة الحسيمة، الذي لا يُفارق حلم الهجرة مخيلته منذ سنوات، لتتضاعف الرغبة في تحقيقه بعد الأزمة التي تسبب فيها فيروس كورونا المستجد.

وأضاف فؤاد في حديثه لـ”بناصا”، بأن الأمور تسير من سيء لأسوء، “فقد كنت في 2019، أشتغل في طنجة، في إحدى الشركات، لكن مباشرةً بعد دخول فيروس كورونا إلى المغرب، تم تسريح مجموعةٍ من المستخدمين. وللأسف كنت واحداً منهم، لتتأزم وضعيتي”.

وتابع المتحدث وملامح الحزن ظاهرةٌ على وجهه: “والدي بقّال، محله يقع في موقع لا يخول له تحقيق ربحٍ كبير. فقط ما يكفينا لنلبي الحاجيات الأساسية من مأكل ومشرب.. لا شيء آخر، حتى عيد الأضحى الماضي لو لم يساعدنا أحد أقاربنا.. ما كنّا لنشتري الأضحية”.

فؤاد تابع بعد أن قاطع حديثه بلحظة صمتٍ وعيناه تحدق في أمواج البحر المتلاطمة على وقعِ الريح القوية، بأن “الوطن جميل، ولكن لقمة العيش هي المحدّد، فلا أحد يمكنه أن يبقى وسط ظروف صعبة، والكلّ يفكر بالهجرة إلى الضفة الأخرى، عله يحظى بحياةٍ أفضل”.

وعكس فؤاد، الذي ما يزال تحقيق حلمه بالهجرةِ بعيداً، على الأقل في الأسابيع المقبلة، فإن سفيان (اسم مستعارٌ)، اقترب من أن يجعله واقعاً معاشاً في الساعات المقبلة، بعد أن وصل إلى الحسيمة، قادماً من فاس، التي جاء منها حاملاً معه رغبة جامحةً لم يحش سردها بكلّ تفاصيلها لـ”بناصا”.

وأوضح سفيان في حديثه للجريدة، بأنه اتفق هو و4 من أصدقائه المنحدرين من فاس أيضا، مع أحد “الحراكة”، بأن يقوم بتهجيره صوب الضفة الأخرى، مقابل 2 مليون سنتيم، حيث التقوا به في أحد المقاهي الساحلية بالحسيمة، من أجل الاتفاق على التفاصيل ومكان الالتقاء قبل الانطلاق.

واسترسل سفيان: “بين الفرح بقرب تحقيق الحلم، وحزن توديع العائلة، والخوف الشديد من أن تكون لحظة قوله إلى اللقاء لأسرته الصغيرة، الأخيرة له في حال لم أتمكن من الوصول لأوروبا، وغرقت وسط البحر.. ضاعت مشاعري واختلطت بالكامل..”.

ومقابل فكرة الهجرة التي يحلم بها سفيان وفؤاد، فإن شريحة واسعةً من الشباب المغاربة، لم يفقدوا الأمل في إنقاذ مستقبلهم المالي خلال السنة الجديدة، من بوابةٍ غير الضفة الأوروبية، من بينهم محمد، الذي يقول إن “أوروبا لا توفر المال بعد الوصول.. كل شيء يحتاج للتضحية”.

وزاد محمد بأنه “سواء هاجرت إلى أوروبا.. أو استمريت في المغرب، فإن مسألة التضحية والعمل وبذل الجهد ضرورية للوصول، وأنا شخصيا أفضل أن أبقى وسط عائلتي، لأني على الأقل أحظى باستقرار نفسي يوفر لي ذلك الدعم الكبير الذي أناله جراء محاولاتي في أن أنهض بوضعي”.

ومضى محمد يقول: “إني أفضل أن أظل هنا.. وصورة أوروبا وصلتنا مقلوبة، فالكثير من المهاجرين ما زالوا يعانون لسنوات طويلة دون تحقيق أي شيء، ومنهم من خرج للتسول، وفئة كبيرة تقوم بالسرقة هناك.. ولكننا للأسف نأخذ نصف الصورة فقط ونروجها”.

وأشاد المتحدث نفسه بالمبادرة التي أطلقها الملك لدعم المشاريع المبتكرة لدى الشباب، متابعاً بأنه تقدم حديثاً لها بغيةً الحصول على تمويلٍ لإنشاء فكرة مشروعٍ، موضحاً بأن “المشاريع الخاصة هي أفضل شيء.. والمشكل الوحيد يظلّ في صعوبة نيلِ دعمٍ لها”.

وأشار الشخص نفسه، إلى أن هناك العديد من الشباب أطلقوا مؤخرا، مشاريع متنقلة، بعيداً عن أي تمويل، حيث أنشأوها بمالهم الخاصّ، من أجل محاربة البطالة من جهة، وتحسين الوضع المادي من جهة أخرى، وهو ما دفعه للتفكير في السير على نفس المنوال أيضا.

Share
  • Link copied
المقال التالي