يمارس 2 في المائة من سكان إسبانيا الإسلام، فيما تصل النسبة في مدينتي سبتة ومليلية إلى 44 و53 في المائة على التوالي. يعلن في هاتين المنطقتين جميع المغاربة تقريبا أنهم مسلمون، في حين لا تتعدى نسبة الإسبان الذين يشهرون أنهم مسيحيون الـ 54 في المائة.
ما يقرب من 1700 مسجد أو مساجد صغيرة منتشرة في جميع أنحاء إسبانيا، يديرها مؤمنون من أصل أجنبي. لا يتردد أي مواطن إسباني خالص تقريبا على هذه المعابد، لأن “الخطب يتم إلقاؤها بالعربية، إضافة إلى أنها تتضن أفكارا أو عادات تتعارض مع طريقة فهمنا للعالم”، حسب ما قاله خوسيه لويس الذي غير اسمه بعد اعتناقه الإسلام سنة 1988، إلى ياسين مارتن.
مثل مارتن، اعتنق آلاف الإسبان الإسلام، والعدد يرتفع سنويا. معظمهم يفعلون ذلك كشرط ليكونوا قادرين على الزواج من امرأة مسلمة، لأن الدين الإسلامي يحرّم عليها الزواج من “المشركين”، لكن نسبة كبيرة تدخل الإسلام عن اقتناع، بعد رحلة داخلية عبر التصوف والبحث الروحاني.
بدأت التحولات الجماعية للإسلام وسط الإسبان في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، خصوصا في صفوف الشباب الذين لم يتناسب التقليد المسيحي معهم. “درسنا حياة الرسول محمد، صمنا وصلينا مع آيات القرآن، وارتدينا زي المغاربة”، يقول فرانسيسكو دومينغيز.
واليوم، تحدث أغلب التحولات “العميقة” للإسبان، في بيئة الأخويات الصوفية أو في المساجد المدوّلة، التي تغلب في خطبها الروحانية على المعياري، والمسار الرأسي على الأفقي أو السياسي.
“لا نحب نسخة الإسلام التي أتى بها العرب والآسيويون إلى إسبانيا. إنهم يأتون دائما تقريبا من بلدان عقائدية للغاية (متشددة)، ويفرضون الأشياء المرحمة والحلال، والملابس الصحيحة واللحية والأوشحة والنقاء والنجاسة.. وهي أمور لا يمكن أن تكون جذابة أبدا لأي غربي”، كما تقول فاطمة نافارو، وهي مسلمة إسبانية.
وأوضحت المتحدثة نفسها: “نحن نتحول إلى الإسلام بطريقة روحية محررة وشاملة، لا تستند إلى قواعد جامدة، التي لا يتناسب كثير منها مع مجتمعنا”.
المسجد الكبير في غرناطة هو أحد مصادر جذب الناس، وقد أدى العشرات من الإيطاليين والأمريكيين والإسبان الصلاة هناك منذ افتتاحه. يجتمعون أسبوعيا للمناقشة وتنظيم الخطط العائلية وحتى تنفيذ مشاريع طموحة مثل مدرسة إسلامية للأطفال.
يعد المسجد فريدا، خصوصا (في الجزء العلوي من منطقة الألبايسين)، مع إطلالات على قصر الحمراء وسييرا، ولياقة غرفة الصلاة والضوء والنظافة التي تتخلل فناء الحديقة، عناصر تتناقش مع العديد من المعابد الأندلسية الصغيرة.
على موقع الجامع الكبير في غرناطة، توجد صور يتشارك فيها الرجال والنساء المساحات ووجبات الإفطار والبيلاس أو حصص القرآن معا، وهو أمر لا يمكن تصوره في الغالبية العظمى من المساجد الأندلسية التي افتتحها مسلمون أجانب أو ينتمون إلى “التيارات الرجعية”.
في إقليم الباسك أو كاتالونيا، يصلي المسلمون من أصل إسباني بحت وتقاليد أسرية مسيحية أيضا: “يعلمنا السادة ابن الرومي أو ابن عربي الإسلام الحقيقي، ومفهوم الله العميق حتى من خلال الشعر والموسيقى”، كما يقول عمر راميريز.
من جانبها تؤكد سيدة أعمال تدعى مريم كاسادو أن “هناك مسلمين أجانب سيموتون معتقدين أن الإسلام سيكون دائما غريبا وغير متوافق مع الديمقراطية والحرية والمساواة واللاطائفية في أوروبا؛ ليس لدي خيار سوى اعتبارهم متجاوزين”.
(عن europasur بتصرف)
تعليقات الزوار ( 0 )