Share
  • Link copied

المرزوقي: دعم الجزائر لقيس يأتي في إطار صراعها مع المغرب

بالتزامن مع الذكرى الـ 11 لاندلاع الثورة التونسية، وفي ظل الأجواء المشحونة بالتوتر التي تعيشها البلاد على خلفية القرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس قيس سعيد، آخرها كان إعلانه في 13 ديسمبر، تمديد تجميد البرلمان حتى إجراء انتخابات تشريعية جديدة في 17 ديسمبر 2022، توافد المئات من المعارضين إلى قلب العاصمة، الجمعة، للمطالبة “بعودة البرلمان المنتخب والدفاع عن الدستور”.

وللحديث عن قرارات الرئيس التونسي الأخيرة وتداعياتها على الشارع، كان لـ “يورونيوز”حديث خاص مع الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي الذي اعتبر أن مستقبل تونس يكون في عودة الشرعية وعودة السيادة إلى الشعب، مشيرا إلى أن الشعب التونسي الذي خرج اليوم إلى الساحات سيعيد التوازن وسيعيد البلاد إلى السكة الصحيحة.

واعتبر المرزوقي أن الرئيس قيس سعيد “خان الوعد”، قائلا “أنا شخصيا انتخبته ككثير من التونسيين. انتخبته لأن الخيار في 2019 كان بينه وبين شخص آخر كنت أعتبره من مهندسي الثورة المضادة”.

وأشار إلى أن إقالة سعيد ستأتي من الشارع “الكثير من التونسيين سينزلون إلى الشارع للمطالبة بإقالته وبنهاية الانقلاب. وقد تقرر أنه من 17 ديسمبر إلى 14 يناير أي مدة ثلاثة أسابيع لن تتوقف الحركة للمطالبة برحيله وبإقالته، ليس فقط لتجميده البرلمان وبسبب خروجه عن الشرعية وإنما لأنه يتسبب في أزمة اقتصادية خانقة، لأن الاقتصاد معطّل، وفي غياب الاستقرار السياسي لن تكون هناك عجلة اقتصادية. لذا أصبحت إقالته ضرورة”.

وأكد الرئيس التونسي السابق في حديثه لـ”يورونيوز”، أنه “منذ 25 يوليو خرجت 4 مظاهرات كبرى قابلها(قيس سعيد) بإخراج جملة من الناس الذين ما زالوا يؤمنون بأكاذيبه، والمضحك أنه ادعى أن مليونا و800 ألف تونسي خرجوا ليتظاهروا بينما الناس تعرف أن عدد المتظاهرين لم يتجاوز السبعة آلاف”.

استفراد شخص بجميع السلطات
وعن رأيه في قرار سعيد تمديد تعليق عمل البرلمان حتى إجراء انتخابات تشريعية في أواخر 2022، أي بقاء البلاد سنة أخرى كاملة بلا برلمان، قال المرزوقي، إن هذا القرار هو “مواصلة للانقلاب، لأن غياب البرلمان يعني تجميع السلطات بيد شخص واحد هو مخالف للدستور ولروح الثورة، لان الثورة قامت بالاساس ضد الحكم الفردي، ونتيجة استفراد شخص لجميع السلطات، ونحن بانقلاب 25 يوليو، ثم الآن بتمديد هذه السنة نعود للحكم الفردي الذي انقلبت عليه الثورة، وبالتالي نحن لا نعترف، لا بالانقلاب ولا بمواصلة هذا الانقلاب”.

الموقف من بيان الاتحاد الأوروبي
وعن موقف الاتحاد الأوروبي الذي اعتبر قرارات قيس سعيد خطوة مهمة، قال المرزوقي “هم ماسكين العصا من الوسط”.. ليست لهم الشجاعة والقدرة الكافية للمطالبة بالعودة إلى الديمقراطية. هذا الرجل “أعطاهم عظما” إن صح التعبير، وبالتالي فهم يأملون أنه سينظم انتخابات بعد سنة”.

وأردف “لكنهم نسوا أنه طيلة هذه السنة ستبقى الدولة محكومة بشخص قد يغير رأيه في أي لحظة، شخص غير رأيه وكذب أكثر من مرّة على الناس. هذا رأيهم هم (الاتحاد الأوروبي) أما الشعب التونسي فرأيه مختلف”.

وشدد على أن “الشعب التونسي يريد عودة الاستقرار وعودة الشرعية وعودة البرلمان. هذا ما نريده نحن، أما ما يريده الأوروبيون وما يقبلونه فهذا شأنهم”.

دعم شعبي أم دعم خارجي
وعما إن كان الرئيس الحالي يعتمد على الدعم الشعبي أم أن هناك دعما خارجيا يتلقاه، قال المرزوقي، إن سعيد “كان يعتمد أساسا على الدعم الشعبي لأن أداء البرلمان كان أداءاً سيئا وضعيفا ولم يكن أداء الطبقة السياسية في المستوى وكانت الأزمة الاقتصادية أزمة خانقة. إذا هو اعتمد على غضب الشعب ونفاده (يقصد نفاد صبره) من الطبقة السياسية. كان شعاره وداوني بالتي كانت هي الداء. بسبب وضع البرلمان (السيء)، كان المفروض أن يدعو لانتخابات تشريعية مسبقة ويبقى في إطار الشرعية. أي أنه لا يخرج عن الدستور وحينها كان الشعب سيصفق له وأنا نفسي كنت سأصفق له. لكن ثمة سوء نية لأنه اغتنم فرصة كره الشعب للبرلمان بسبب أدائه الضعيف واستغل فرصة الأزمة الاقتصادية ليلغي الدستور ويستأثر بكل السلطات لنفسه حاله حال الشخص الذي يغتنم (يستغل) ضعف شخص آخر ليأخذ كل أمواله. من الواضح أن العملية لا تهدف للدفاع عن الديمقراطية ولا إلى خدمة الشعب”.

وأضاف أنه يعتبر الدعم الشعبي الذي كان يحظى به “ذاب كالثلج تحت الشمس لأن الناس بعد 25 يوليو كانوا ينتظرون أن يستتب الوضع السياسي ويتم إيجاد حال لهذه الأزمة الاقتصادية. لكن الشعب يرى أن هذه الأزمة السياسية والفرقة بين التونسيين قد تعمقت والوضع الاقتصادي يزيد تفاقما وصعوبة يوما بعد يوما. وبالتالي فهم يعرفون أنه لا حل في الإطار الذي اختاره قيس سعيّد. هو أمام مرض حقيقي وقد قام بالتشخيص الخاطئ والعلاج الخاطئ لهذا المرض. الآن يجب العودة إلى المرض الحقيقي لنقوم بعد ذلك بالتشخيص الصحيح والعلاج الصحيح”.

دعم الجزائر يدخل في إطار الصراع مع المغرب
وعن الدعم الخارجي وتدخل الجيران والأشقاء اعتبر أن “أعداء الثورة والربيع العربي يدعمونه. يأتي الدعم أساسا من الإمارات والسعودية ومصر. قيس سعيّد يمشي على خطى السيسي. هو يعتبر نفسه تلميذا له ويطبق نفس تقنيات السيسي. أي أن كل الدول التي تناهض الربيع العربي تدعم قيس سعيّد. لديه الآن دعم من الجزائر وهو برأيي دعم يدخل في إطار الصراع المغربي الجزائري. وأنا أتمنى ألا تدخل تونس في هذه المسألة”.

واوضح أنه خلال وجوده في الرئاسة “كان دور تونس دائما وأبدا نوعا من الحياد الإيجابي في هذه القضية. يجب عليها أن تلعب على سد الثغرات ومصالحة الشقيقين وليس الاصطفاف مع طرف ضد الآخر”.

أنا أقول أنه “ديكتاتور”
وحول ما إذا كان يراه “ديكتاتورا”، أجاب المرزوقي “الديكتاتور هو الشخص الذي يحكم بمفرده ويأخذ لنفسه كل السلطات، هذا هو تعريف الديكتاتور… هذا الرئيس عندما حل البرلمان المنتخب من قبل الشعب وعندما صادر عبر المرسوم 117 كل السلطات واستأثر بالسلطة، لم يتبق لا قوانين ولا مؤسسات، هذا هو تعريف الديكتاتور، وبالتالي أنا أقول أنه ديكتاتور”.

الإضرار بمصالح تونس في الخارج
وعن مذكرة الجلب الدولية والاتهامات التي طالته، معتبرة أنه يضر بمصالح تونس في الخارج، وإن كان ينوي العودة إلى البلاد لمواجهة هذه التهم، قال المرزوقي “أولا هذه التهمة هي تهمة حقيرة، الجميع يعلم أنني ناضلت لمدة 30 سنة من أجل استقلال تونس، من أجل الحقوق والديمقراطية، وكنت أول رئيس منتخب بعد الثورة… وطنيتي ليست محل شك، بل على العكس هذا الرجل هو الذي أخل بقسمه ولم يكن موجودا طيلة الثلاثين عاما التي ناضلت فيها أنا من أجل تونس، لم يكن موجودا، لم يكن أحد يعرفه”.

ولفت إلى أنه تعرض لنفس التهم خلال حكم الرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي”، وتابع أنه “من علامات الديكتاتورية أن من يعارضك يصبح خائنا، هذه عقلية الديكتاتورية، وبطبيعة الحال أنا أنوي العودة إلى تونس ولكن في الوقت الحالي أترصد اللحظة التي يكون فيها رجوعي للعمل السياسي وإضافة سياسية فقط”.

رسالة إلى الخارج
وعن أصوات من يرون أن مواقفه تنم عن استقواء بالخارج، قال “كنت في واشنطن منذ مدة لحضور ندوة حول الديمقراطية في تونس وفي العالم العربي والرسالة التي بعثتها هي كالآتي: أنتم لا تتدخلوا في شؤوننا، ولا تدعموا هذا الديكتاتور .. وبالطبع هذا الكلام لا يعجب الديكتاتوريين في مصر أو في سوريا أو في أي مكان، هم عندما يأتيهم الدعم من كل مكان هم لا يستقوون بالخارج، بل نحن المعارضون عندما نطالب الخارج بالكف عن دعمهم يسمونه استقواء بالخارج”.

“السيناريو الليبي ولا قدر الله السيناريو اللبناني”
اعتبر المرزوقي أنه “إذا لم نذهب باتجاه عودة الشرعية نستطيع من خلال إخراج البلاد من أزمتها، فإن تونس سائرة على خطى الأزمة السياسية على الطريقة الليبية، أولا قدر الله، حتى على الطريقة اللبنانية أي فقر مدقع وانهيار اقتصادي وانهيار الطبقة الوسطى”.

القضاء التونسي يصدر مذكرة اعتقال دولية بحق الرئيس الأسبق منصف المرزوقي
سعيّد على خطى “التغيير”.. يقيل قنصلي تونس في باريس وميلانو ويأمر ب”تدقيق” في القنصليتين
الرئيس التونسي يقول إنه سيبدأ حوارا بشأن النظام السياسي وقانون الانتخابات
وبدأت الأزمة السياسية مع قرار الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو، وفي خضم أزمة اجتماعية واقتصادية وبعد أشهر من الجمود السياسي في البلاد، اللجوء إلى الفصل الثمانين من دستور 2014 الذي يخوّله اتخاذ “تدابير استثنائية” في حال وجود “خطر داهم” على البلاد، وإعلانه بمقتضاه إعفاء رئيس الحكومة وتجميد عمل البرلمان.

وتفاقمت بعد ذلك بشهرين، بعد أن أصدر في 22 سبتمبر أمرا رئاسيا قرر بمقتضاه تجميد العمل بقسم واسع من الدستور ومنح نفسه سلطة التشريع عبر مراسيم، وأعلن تمديد الاجراءات التي اتخذها “حتى إشعار آخر”.

آخر تلك الإجراءات كان إعلان الرئيس تمديد تجميد البرلمان حتى إجراء انتخابات تشريعية جديدة إضافة إلى إعلانه تنظيم استفتاء حول إصلاحات دستورية في يوليو 2022، بعدما قال منذ فترة إن الدستور التونسي لم يعد صالحاً.

وعلى الرّغم من تنديد المعارضة بهذا القرار، رحّبت الولايات المتّحدة والاتحاد الأوروبي بخريطة الطريق التي أعلن عنها الرئيس التونسي وقرّر بموجبها إجراء استفتاء على إصلاحات دستورية في الصيف تليه انتخابات تشريعية في نهاية 2022.

Share
  • Link copied
المقال التالي