بات من الواضح أن النظام الجزائري لايهمه استقرار الوضع في ليبيا، فنظام تبون وجنرالاته ينظر إلى ليبيا من نفس نافذة دولة الإمارات ومصر المتمسكتان بحفتر، لكنه يضيف إليهما نافذة أخرى هي العداء لكل المبادرات التي يحتضنها المغرب وتجري فوق التراب المغربي، وبدا هذا واضحاً من خلال الكلمة التي ألقاها وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، أمام المشاركين عبر تقنية التواصل المرئي، في اللقاء الذي نظمته ألمانيا في اليومين الماضيين، حيث لم يستطع بوقادوم تمالك انفعاله بنفسية بدت شبه منهارة من جراء لقاء بوزنيقة، ليعلن مهاجمته ما أسماها المبادرات الجارية ”خارج إطار برلين”، والمقصود هنا كما فهم المشاركون هي المفاوضات الليبية الليبية في بوزنيقة.
والخطير أن ممثل خارجية الجنرالات صبري بوقادوم، أعلن بطريقة مباشرة أن الجزائر لن تدعم النتائج التي وصل إليها الليبيون، والسبب واضح، أن الليبيون وصلوا إلى نتائج إيجابية في المغرب ببوزنيقة، ومن الواضح جدا، أنه لاتوجد دبلوماسية بهذا النوع من الحقد والكراهية التي لا تنظر إلى تقدم تفاوضي من شأنه إنقاذ دولة ليبيا، ولكن تنظر إلى المكان الذي أنتج فيه الليبيون المخرجات الإيجابية، فهي ضد المكان مهما كانت طبيعة النتائج، الشيء الذي يعني أن خارجية الجنرالات تعاني من مرض مستديم اسمه مبادرات المغرب لحل الأزمات الإقليمية.
والمثير، أن يُعلن وزير خارجية جنرالات الجزائر عن هذا الموقف في نفس التوقيت الذي يُنهي فيه الليبيون مفاوضاتهم في بوزنيقة، ويصدرون بيانا ختاميا يقولون فيه إنهم توصلوا إلى تفاهمات شاملة حول ضوابط وآليات ومعايير اختيار شاغلي المناصب القيادية للمؤسسات السيادية المنصوص عليها في المادة 15، من الاتفاق السياسي الليبي الموقع يوم 17 دجنبر 2015، بمدينة الصخيرات.
بل إن البيان الختامي للمفاوضات الليبية – الليبية، يبعث برسالة يبدو أنها موجهة لكل الأطراف، تقول إن إنجازات جولات الحوار بالمغرب بين وفدي المجلسين الليبيين، ”تشكل رصيداً يمكن البناء عليه للخروج بالبلاد إلى الاستقرار وإنهاء حالة الانقسام المؤسساتي”، فالأمر يتعلق بشهادة من الليبيين أنفسهم حول مكتسبات جولات بوزنيقة بالمغرب، بينما يتمسك وزير خارجية جنرالات الجزائر بـ“حج ليبيا” في برلين.
ووراء هذا الحقد الجزائري تجاه المغرب والليبيين، يوجد خطر آخر يجب الانتباه إليه، يتمثل في كون نظام جنرالات الجزائر باتت لهم أطماع توسعية خطيرة في المنطقة، ظهرت بشكل واضح في محاولة اقتطاعهم إقليما كاملا من شمال مالي، ومن المتوقع أن يقوم جنرالات الجزائر بنفس المحاولة في الحدود الليبية المجاورة للجزائر.
*رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني
تعليقات الزوار ( 0 )