مع اقتراب الانتخابات التشريعية، عاد الحديث مرة ثانية عن القوانين المتعلقة بالاستحقاقات البرلمانية في البلاد، والتي تفرض على الحزب صاحب الأغلبية البحث عن تحالفات من أجل تشكيل الحكومة، الأمر الذي يجعل من السلطة التنفيذية وفق دستور المملكة، مكونة من تنظيمات غير متجانسة، وما يترتب عن ذلك من انعكاسات سلبية على تسيير الشؤون العامة.
ولا تتيح القوانين المنظمة للعملية الانتخابية في المغرب، للأحزاب فرصة الحصول على الأغلبية من أجل تشكيل المتصدر للحكومة، ما يجبر صاحب المركز الأول؛ الذي يفوز في الغالب؛ في أفضل الحالات، بنسبة لا تزيد عن الـ 30 في المائة، _ يجبره_ على البحث عن تحالفات، قد تتكون أحياناً من 6 أحزاب للتمكن من تجاوز الـ 50 في المائة من مقاعد البرلمان، وضمان الأغلبية.
الوضع الحالي يتسبب في تجدّد إشكالية غياب الانسجام عن التحالف الحكومي، وما له من انعكاسات سلبية على تدبير الشأن العام في البلاد، الأمر الذي، بات يفرض، وفق فاعلين سياسيين، مراجعة هذه القوانين لكي يتسنى للأحزاب السياسية المتنافسة، العمل بجد، من أجل إقناع المواطنين على التصويت لصالحها للحصول على الأغلبية وتشكيل حكومة بحزب وحيد، لتسهيل تنزيل برنامجه.
ويرى فاعلون سياسيون أن هذا الوضع، من شأنه أن يزيد من بلقنة المشهد السياسي في البلاد، سيما بعد تعديل القاسم الانتخابي، الذي من شأنه أن يرفع عدد مكونات الحكومة من الأحزاب، في وضعية ستكون، حسبهم، هي الأسوء على مرّ تاريخ البلاد، بالنظر إلى أنه من المستبعد أن يتجاوز الحزب المتصدر في أفضل الحالات 70 مقعداً، من أصل 395 مقعداً في مجلس النواب.
وفي هذا السياق، اعتبر إسماعيل حمودي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن الإشكال يعود إلى طبيعة تشكل السلطة في المغرب، التي ترفض لحد الآن وجود منافسين أقوياء لها بين مختلف الفاعلين السياسيين، والتي تستعمل بعض هؤلاء الفاعلين لضمان استمرارية هيمنتها على النسق السياسي”.
وأضاف حمودي في تصريح لجريدة “بناصا”، أن السلطة تستعمل أيضا القوانين، و”منها القوانين الانتخابية لإضعاف الأحزاب من منع ظهور حزب أغلبي مثلا، السبب الذي يعيد إنتاج حكومات تلفيقية باستمرار، وفي نفس الوقت إنتاج معارضة خطابية في الغالب، يصعب عليها ممارسة دورها بالشكل المتعارف عليه في الديمقراطيات”.
وتابع حمودي، المتخصص في العلوم السياسية، في حديثه للجريدة، أن المعارضة في المغرب، تنتقد مواقف الحكومة وبعض الإجراءات التقنية والتدبيرية، لكننا لحد الآن، لا نتوفر على معارضة مؤسساتية تعارض السياسات والاختيارات القائمة، مضيفاً: “ليس لدينا حكومة تحكم حتى يكون هناك معارضة تعارض”.
يشار إلى أن انتخابات 2016، بالرغم من أنها أسفرت عن تصدر حزب العدالة والتنمية للاقتراع بحصوله على 125 مقاعداً من أصل 395، وبفارق كبير عن أقرب منافسيه الأصالة والمعاصرة (102 مقعدا)، إلا أنه عجز عن تكوين حكومة متجانسة، بعد أن اضطر للبحث عن تحالفات، ليجدها في التجمع الوطني للأحرار (37 مقعداً)، الحركة الشعبية (27)، الاتحاد الدستوري (19)، والتقدم والاشتراكية (12)، قبل أن يتغير الأخير في تعديل 2017، ليحل مكانه الاتحاد الاشتراكي (20).
تعليقات الزوار ( 0 )