يستقبل سكان قطاع غزة شهر رمضان على وقع الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل وقد دخلت شهرها السادس على التوالي، مخلفة عشرات آلاف الضحايا، فيما تستمر المأساة الإنسانية في كافة مناطق القطاع، التي يعيش سكانها مجاعة حقيقية.
لا أجواء رمضانية
ولم تظهر أجواء الشهر الفضيل في شوارع غزة ولا في منازلها التي تعرضت مئات الآلاف منها للتدمير الجزئي والكامل، فيما أظهر السكان في أسواق القطاع التي تفتقر للكثير من السلع الغذائية، وترتفع بشكل جنوني المتوفرة منها، حزنا شديدا على هذه الأوضاع التي لم يشهدوها في حروب إسرائيلية سابقة.
ويحل رمضان وعدد الشهداء قد فاق 31 ألف شهيد، غالبيتهم من النساء والأطفال، فيما فاق عدد المصابين 72 ألفاً، وطال التدمير جراء الغارات الجوية الإسرائيلية والعمليات البرية أكثر من 360 ألف منزل.
وخلت أسواق القطاع كافة من كل مستلزمات رمضان المعتادة، سواء في الأكل أو الزينة. وبدلا من ذلك، اهتم السكان بشراء ما تيسّر من أطعمة، فيما كانت الغالبية منهم تبحث عن سبل الحصول على طرود غذائية، تشمل معلبات ومربى وزيوتاً تعينهم على تحمل كلفة الطعام المرتفع ثمنه بشكل كبير.
وقال أبو إبراهيم عوض، وهو رجل في بدايات العقد الخامس لـ”القدس العربي”: “ما بنعرف كيف بدنا نستقبل هذا الشهر، كل اشي تدمر”، وقد كان الرجل ينتظر أمام مؤسسة إغاثية في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، للحصول على طرد غذائي، وقد عبّر عن أمله في أن يحتوي على أطعمة تساهم في تخفيف تكلفة مصاريف أسرته.
وليس بعيدا عن ذلك المكان، قال أحد أصحاب البسطات التجارية في سوق المدينة، إن طريقة البيع تغيرت كثيرا، لافتا إلى أن “حركة السوق ضعيفة جدا، ما حد بيشتري إلا المضطر”.
ويشير إلى أن أسواق قطاع غزة خلت من غالبية أطعمة شهر رمضان، بسبب ظروف الحصار.
آمال بانتهاء الحرب
والتقت “القدس العربي” عددا من مرتادي السوق، وقد عبّروا عن آمالهم في انتهاء الحرب بشكل كامل، وأن تتوقف الغارات والقصف في رمضان.
واستذكر هؤلاء شكل رمضان في الأعوام الماضية، حيث كانت تكثر الزيارات العائلية، وتعج المساجد بالمصلين، خاصة في صلوات الفجر والتراويح.
وقال خالد عليان، وهو رجل نزح قسرا من شمال قطاع غزة إلى الوسط بسبب الحرب، إن كثيرا من أفراد أسرته لا زالوا يقيمون في الشمال، وأشار إلى أنه كان يقضي شهر رمضان بجوار أسرته الممتدة، غير أن هذا الشهر حزين.
ويضيف: “الحرب لغت كل إشي جميل في رمضان”. وتابع: “بكرة (غدا) راح نسمع صوت قصف بدلا من المسحراتي، أو وقت الإفطار”.
وفي سياق العمل على تخفيف وطأة الخوف والترويح قليلا عن ساكني “مراكز الإيواء”، قامت “فرق مديح”، بتنفيذ عدة زيارات لتلك المراكز، أنشدت خلالها الأناشيد الخاصة بالشهر الفضيل.
لكن أحد الشبان المشاركين في تلك الفعاليات قال لـ”القدس العربي”، إن رجالا ونساء بكوا بحرقة، بعد أن استذكروا أبناء لهم قضوا شهداء جراء الحرب الإسرائيلية.
وفي السياق، يستقبل سكان مناطق مدينة غزة وشمالها، الشهر الفضيل بأجواء أكثر حزنا، بسبب تزايد المجاعة. ولم تكفِ كميات الطعام التي وصلت إليهم عبر الشاحنات، ولا تلك التي ألقيت عليهم من الجو، في سد احتياجاتهم الأساسية.
استمرار المجاعة
ويجد هؤلاء الناس صعوبة بالغة في الحصول على المساعدات، بسبب التدافع الشديد، واستمرار جيش الاحتلال في استهدافهم لحظة وصول الشاحنات أو خلال عمليات الإنزال الجوي.
وقد سُجل في الأيام الماضية، استشهاد عدد من المواطنين بنيران إسرائيلية في عدة مناطق تصلها المساعدات، كما سُجل قيام البحرية الإسرائيلية، باستهداف منتظري المساعدات التي تلقى جوا، في منطقة “السودانية” شمال غرب مدينة غزة.
وأكد الإعلام الحكومي، أن استهداف جيش الاحتلال للمدنيين وإطلاق الرصاص الحي عليهم أثناء حصولهم على الطحين والمساعدات، يعد “إمعانا في تعزيز المجاعة وفي تكريس الحصار وعدم الرغبة في إنهاء هذه الكارثة الإنسانية”.
هذا وزادت خلال اليومين الماضيين الوفيات في صفوف السكان جراء الجوع، وقد أكد المكتب الإعلامي الحكومي، أن سكان قطاع غزة يعانون بشكل كبير من النقص الحاد في الغذاء والماء والدواء والإيواء، وأن المجاعة تتعمّق بشكل أكبر نتيجة هذا النقص الحاد.
وأشار إلى أن عدد الوفيات بسبب المجاعة مرشح للارتفاع يومياً “بسبب الجوع وسوء التغذية والجفاف، كما ويهدد هذا حياة أكثر من 700,000 مواطن فلسطيني يعانون الجوع الشديد في هذه المرحلة”.
وأكد في ذات الوقت أن عمليات إنزال المساعدات جوا، “تأخذ صفة الاستعراضية والدعائية أكثر من صفة الإنسانية والآدمية والخدمية”، وذلك بعد أن أوقعت ضحايا جراء سقوط غير منسق لمظلات المساعدات على رؤوس المواطنين نتيجة الإنزال الخاطئ، حيث استشهد خمسة فلسطينيين.
تعليقات الزوار ( 0 )