شارك المقال
  • تم النسخ

“القاعدة” تهدد الطريق الوحيد الذي يربط المغرب بإفريقيا جنوب الصحراء

يهدد توسع الجهاديين في مالي العشرات من سائقي الشاحنات المغاربة الذين ينقلون البضائع إلى إفريقيا جنوب الصحراء كل يوم، بعد أن هاجم تنظيم القاعدة الطريق الوحيد الذي يربط المغرب بباماكو، وهو طريق بطول 3700 كيلومتر، “أصبح الآن خطيرًا”، وفق تقرير نشرته وكالة الأنباء الإسبانية “إيفي”.

وبدأ كل شيء عندما قتل مسلحون، يفترض أنهم من “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” (الموالية للقاعدة)، سائق شاحنة ورفيقه، وكلاهما مغربي الجنسية، في 9 أيلول/ سبتمبر.

واستهدف الهجوم قافلة شاحنات تنقل الأسماك والفواكه من المغرب إلى العاصمة المالية، والتي تعرضت لإطلاق النار أثناء مرورها بمنطقة ديديني، على بعد 200 كيلومتر شمال باماكو.

محمد واكريم، سائق مغربي أصيب في ذلك اليوم، أوضح لـ”إيفي” أنه كان رفقة أحد المتوفين، ويقول للوكالة عبر الهاتف، من إقامته في المستشفى في باماكو، “لقد مات بجواري”.

إمامٌ بين القتلى

وعلى الرغم من أنه قيل في الرواية الأولى للأحداث أن القتيل الثاني كان أيضًا سائق شاحنة، يشير أوكريم إلى أنه “رجل في الخمسينيات من عمره ركب معه من موريتانيا” وكان حسب قوله ، “إمامًا ينحدر من تيزنيت”، وهي بلدة جنوب المغرب.

وبعد أن خضع لعملية جراحية في ساقه، عاد إلى السائق المغرب، وفي غضون ثمانية أشهر سيعود إلى عبور تلك الطريق، ويقول إن بعض زملائه “يعانون من القلق بعد ما عاشوه”.

“عندما أصابت الرصاصة ساقي، نزلت من الشاحنة؛ كنت في حالة صدمة، لم أفهم ما كان يحدث؛ هاجمونا من الغابة ثم خرجوا ليروا الأضرار التي سببوها” يقول السائق المغربي.

وأوضح أن المهاجمين انسحبوا بعد الهجوم دون أخذ أشياء من الشاحنات، الأمر الذي يستبعد أن الدافع وراء الهجوم هو السرقة. وبالنسبة لأوكرايم، لا بد أن الجهاديين “قد ارتكبوا خطأ لأنهم حتى ذلك الحين لم يسبق أن يهاجموهم أبدًا”.

وفي الواقع، لم تعلن أي جماعة – في مالي، لا الموالين للقاعدة ولا لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” – مسؤوليتها عن هذا الهجوم، لكن في الثاني من أيلول/ سبتمبر، أعلنت “نصرة الإسلام والمسلمين” مسؤوليتها عن هجوم مماثل نُفِّذ في 28 أيلول/ سبتمبر في بلدة ديديني، وهي ذات البلدة التي هوجم فيها السائقون المغاربة.

هذا الهجوم الأخير، انتهى بتدمير إحدى عشرة شاحنة سنغالية وقتل رجال الدرك الماليين الخمسة الذين كانوا يحرسونها، وهو فعل “يتماشى أكثر مع طريقة عمل هذه المجموعة” حسب قول “إيفي”.

عشر أيام بلياليها من القيادة

للوصول إلى العاصمة المالية من المغرب، يقطع سائقو الشاحنات حوالي 3700 كيلومتر، والشيء الطبيعي هو أنهم يستغرقون عشرة أيام للوصول، ما لم يذهب سائقان في الرحلة، وبالتالي يختصرونها إلى ثمانية، يضيع منها يوم كامل في انتظار الطوابير الطويلة التي تصطف عند معبر الكركرات الحدودي بين الصحراء الغربية وموريتانيا.

وبمجرد الوصول إلى مالي، يتم تفريغ جزء من البضائع في باماكو، والتي تعد بدورها نقطة نقل استراتيجية؛ حيث يمضي جزء آخر من الشحنة عن طريق البر من هناك إلى بلدان مختلفة في منطقة جنوب الصحراء الكبرى؛ كالنيجر وساحل العاج وبوركينا فاسو.

إدريس رموش، سائق ومالك إحدى الشاحنات التي تعمل على هذا الخط البري العابر للحدود، يوضح عبر الهاتف لـ”إيفي” من باماكو، أنه على الرغم من التهديد الجهادي، فإن السائقين “مصممون على مواصلة الطريق إلى مالي”.

ويقدر رموش؛ أن عدد الشاحنات المغربية العاملة في تلك الطريق؛ يتراوح بين 1300 و1800 شاحنة، حسب المواسم، نصفها عادة ما تنطلق من مدينة أكادير، عاصمة جهة سوس.

وعلى سبيل المثال، يشير إلى أن تكلفة نقل حمولة من الأسماك إلى العاصمة المالية “يمكن أن تصل إلى 65000 درهم (حوالي 6200 يورو)، أكثر من النصف مخصص للوقود و8000 درهم (حوالي 760 يورو) تعويض للسائق يضاف إلى راتبه الشهري البالغ حوالي 5000 درهم (حوالي 475 يورو)”.

هجمات يومية

لا يقتصر التهديد الإرهابي في الطرقات على سائقي الشاحنات المغاربة فحسب، بل “يؤثر أيضًا على المهنيين الذين يربطون مالي بالموانئ السنغالية، حيث تأتي 60 بالمئة من الواردات المالية”، بحسب رئيس مجلس النقل المالي، يوسف تراوري.

وأوضح المسؤول المالي، أن الجهاديين “ينفذون هجمات يومية ضد الشاحنات التي تعمل بين المدن المالية والدول المجاورة”. “هناك حالات كثيرة بين جاو وسيفاري (في الشمال) ولا أحد يعوض المالكين”، يضيف متأسفًا.

ويضيف تراوري، أن “الإرهابيين ينفذون هجماتهم على هذا الطريق لمعاقبة سائقي الشاحنات؛ الذين يزودون بعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما) بالوقود، وهي هدف للإرهابيين وخاصة الموالين للقاعدة”.

التهديد المستمر، الذي عانى منه الناقلون الماليون، ينضم إليه التهديد الذي يطارد المغاربة منذ بضعة أسابيع؛ مؤثرًا على ما بين 70 و80 شاحنة تمر إلى موريتانيا كل يوم لدخول مالي.

السائقون المغاربة، هم الآن أكثر قلقًا، لكنهم جميعًا متفقون ومصممون على المضي قدمًا، وذلك ما يؤكده رموش قائلًا “لن نتوقف”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي