Share
  • Link copied

القاسم الانتخابي وانتخابات الأرقام

يبدو ان النقاش السياسي و الانتخابي حول استحقاقات شتنبر 2021قد انطلق ساخنا و مرشح للتوثر , و ان مؤشرات الصراع  انطلقت مبكرا من خلال حصر موضوع الانتخابات في قضية القاسم الانتخابي.

 حجم النقاش و حدته يكشف طبيعة الفعل السياسي بالبلد و توجهات السلطة السياسية في المرحلة المقبلة وحتى طبيعة التحالفات الممكنة.

   اولا : حصر الفعل السياسي في بعده الانتخابي

 المتتبع للنقاشات العمومية حول استحقاقات 2021 يلاحظ بسهولة التركيز المكثف على نقطة القاسم الانتخابي , حيت تدافع اغلب الاحزاب على تغيير طريقة احتسابه بناء على عدد المسجلين  بدل على عدد الاصوات الصحيحة بعد خضم الاصوات الملغاة , تظهر المواجهة بين حزب العدالة و التنمية المتمسك بعدم التغيير و الحفاظ على القاسم الانتخابي المعمول به حاليا و الذي اوصل الحزب الى رئاسة الحكومة لولايتين متتاليتين  منطق الساتيكو  , في حين باقي الاحزاب بما فيه التيار المؤثر في حزب الاصالة و المعاصرة يدافع عن تغيير القاسم الانتخابي , وهو ما يتيح التحكم في عدد المقاعد و تقليصها بشكل كبير من حصة العدالة والتنمية.

النقاش الدائر سيزداد حدة في القادم من الايام لاسيما بعد افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان و التي من المتوقع مناقشة التغييرات حول القوانين الانتخابية و مدونة الانتخابات 97-9 .

 النقاش يعكس طبيعة الصراع  وهو صراع انتخابي و ليس تنافسا حزبيا مؤسسا على الاختلاف و تعدد البرنامج بقدر ماهو صراع من اجل السلطة , و بذلك يصبح الرهان عدديا  و ليس سياسيا ,  اي ان الهدف الاساسي من الانتخابات هو من يحصل على اكبر عدد من المقاعد حتى يستطيع تشكيل الحكومة  .

 انه صراع من اجل الحكومة  و حولها , وهو ما يجعل حدة التنافس حادة  و مرشح للتصعيد و التوثر لأنها صراع يتغذى على مصالح خاصة و ربا فئوية , لاسيما ان كل الفرقاء يدركون قيمة و امتيازات رئاسة الحكومة.

  ان يكون الصراع مؤسس على العدد و البحث عن اكبر المقاعد هو ما يغذي نزعة العنف و التوثر  في ادارة النقاش حول الموضوع , المفروض ان يكون النقاش في الجوهر  يناقش  البحث عن اليات التمثيل الحقيقي و الفعال للمواطنين  و لقناعتهم , اي التفكير في كيفية جعل الانتخابات اداة تعكس نبض الناس و المواطن  بدل البحث عن الارقام و الاعداد.

 النقاش الحاد مؤسس على منطق اداتي اي اعتبار الانتخابات مجرد وسيلة للسلطة و ليس اداة من اجل المواطن  , التصور الاداتي يكشف برغماتية  الفعل الحزبي بالمغرب انه فعل مؤسس على النتائج و ليس على القناعات و الافكار وربما ان القناعة الاساسية هي البحث عن الطرق السهلة الموصلة الى رئاسة الحكومة و المشاركة فيها.

  الملاحظة الاساسية هو تغيب جوهر النقاش و التركيز على البعد التقني و الاداتي من اجل تامين مسارات الوصول الى الحكومة ,  اي تغيب  مبدأ طبيعة المصوتين و انشغالاتهم و التركيز على عدد المصوتين , و هو ما يكشف هشاشة الفعل الحزبي بالمغرب و درجة  فقره لانه مؤسس على منطق اداتي و برغماتي هدفه الاساسي  الحصول على اكبر الاصوات من اجل تامين الوصول الى سلطة رئاسة الحكومة بدل التفكير في تمثيلية ملائمة لكل الحساسيات المجتمعية بالمغرب دون اقصاء او تهميش .

من حيت المبدأ , تعتبر الانتخابات هي محطة اساسية لتقييم و التقويم  بعد مرحلة تدبير حكومي للشان العام , اي  انها الاطار الذي يملك فيه المواطن الحق في اصدار حكم على تجربة تدبيرية معينة  , هو ما ينسجم من اسس النظام الديموقراطي كنظام يتمتع ببنية  متعددة الابعاد تتيح لمواطن تصحيح اخطائه ,  هو ما يسمى في الخطابات اليومية بالتصويت العقابي اي ان المواطن يسحب تصويته من الحزب الذي لم يفي بوعوده و لم يلتزم بتعاقداته داخل الناخبيين.

 فالدفاع عن الديموقراطية ينبغي ان يكون دفاعا عن المواطن و من اجل المواطن انها سلة قيم فكرية و تقافية و من اجل بناء نظام يتيح للشعب ان يتكلم و ان يكون للمواطن صوت و موقف و قرار . وهو ما يحيلنا الى سلطة المواطن كمواطن فعال هو من يحدد و يختار من يحكمه و ليس من يتحكم فيه.

 يبدو ان النقاش  الحاد حول القاسم الانتخابي هو نقاش من اجل التحكم في مسارات التي تقود الى المشور السعيد و ليس من اجل النضال لكي يتكلم المواطن و يختار و يعاقب و يساءل و ينتقد أي ان حتى عدم التصويت فهو تصويت و عدم المشاركة فهو مشاركة  .

 حزب العدالة و التنمية يدرك جيدا سياقات الواقع المغربي و خصوصياته و ان الواقع السياسي هو واقع ازمة يتمظهر عبر مؤشرات اللاتقة في الفعل السياسي و الانتخابي أي ان الانتخابات القادمة ستكون الاكثر عزوفا لا سباب سيتم شرحها لاحقا , هذه الاجواء الغير المطمئة لاجراء استحقاقات الانتخابية  في صالح العدالة و التنمية  حزب العدالة و التنمية من عبر الية الاستثمار في الازمة , ازمة العزوف و عدم المشاركة نتيجة مفاعيل اللا-تقة , و مبررات الاستثمار هو ان انصار العدالة و التنمية لا يتغيرون و تقييمهم للاداء الحكومي غير مرتبط بفعالية الانجاز و قيمة المنتوج و عوائده و لكنه تصويت عقدي مؤسس على نصرة الاخ ظالما او مظلوما و ان التصويت على الحزب هو واجب ديني مقدس .

 الصراع حول القاسم الانتخابي ليس نقاشا فكريا من اجل اجراة تحويل النظام النظام الديموقراطي الى فعل ديموقراطي مواطن و من اجل المواطن , وانما هو الاداة التي تضمن او تمنع الوصول الى المشور السعيد و رئاسة الحكومة و هنا يكم جوهر الصراع و تعقيداته. 

Share
  • Link copied
المقال التالي