شَبِّه المفكر والفيلسوف المغربي، طه عبد الرحمن، معركة “طوفان الأقصى” بمعركة الأحزاب التي خاضها النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته وواجهوا فيها جيوش المشركين واليهود الذين أحاطوا بالمدينة من الخارج، والمنافقين ومرضى القلوب الذين بثوا فيها الأراجيف من الداخل، حتى بلغت القلوبُ الحناجرَ.
وأوضح طه في نص حوار له مع الباحث في السياسية الشرعية الفلسطيني محمود النفار، على الموقع الرسمي لـ “مركز الحضارة للدراسات والبحوث“، أن هذا التشبيه “يأتي من خلال المعركة التي قام به هؤلاء المجاهدون من حسن الاستعداد والتخطيط، وابتكار وسائل الهجوم والدفاع على الرغم من قلة الإمكانيات وعظيم التحديات”.
ويرى الفيلسوف المغربي، أن المقاومة هي الفعل الذي يسهم في بناء الحضارة الإسلامية وتشييد الحضارات الإنسانية، وأن الطريقة التي يمكن لأمتنا اليوم أن تسهم بها في البناء الحضاري والتجديد الإنساني هي “الجهاد”، وليس أي سبيل آخر، وحتى يرى هذا الإسهام النور لا بد أن تتحمل مسؤوليته فئة من الأمة.
وبحسب الفيلسوف، فإن المقاوم الفلسطيني اليقظ قد انتهض لحمل هذه الأمانة ببراعة، وتحمل هذه المسؤولية بإحسان، فحملها خير حمل، وقام بها خير قيام، بل إنه واحد لا ثاني له في هذا الزمان.
واعتبر المصدر ذاته، أن المقاومة ليست فعلاً جزئياً، بل هي فعل كلي، بمعنى أنه لا معنى للوجود بدون مقاومة، ولا مغزى من الحياة بلا جهاد؛ لأن الوجود والحياة إنما يكتسب من فعل المقاومة نفسه.
والفعل المقاوم، بحسبه، يستفزّ ويستجمع كل القدرات الإنسانية: السمع والبصر والعقل، وجميع حواس الإنسان، فلا يتفرد عضوٌ محدَّدٌ ولا إدراكٌ معينٌ بالمقاومة. والجهاد ليس عملاً تقف أو تستبد به مَلكة من الملكات، بل هو استعداد يتوسل بجميع الملكات، وبها يتشكل الإنسان على الحقيقة.
والمقاومة والجهاد بهذا المعنى هي إكسير الحياة الذي وهبه الله للمقاومين، وبدونه لا يكون ثم إلا الموت والفناء، كما أنها الخصيصة التي يمتاز فيه المقاومون الذين فارقوا مسوغات العجز ودواعي القعود وبواعث السلبية عن سائر المخلوقين من غيرهم ممن رضوا بالخيانة واعتادوا الخذلان، فكانوا أشبه بالأموات منهم بالأحياء.
ومضى الفيلسوف المغربي، طه عبد الرحمن، قائلا: “ليتني كنت شاباً أقاتل معهم، هذا هو الزمان الذي يستحق الحياة، وهذه هي اللحظات التي ينبغي أن تغتنم، لحظات قرب من الحياة لا يتمنى الإنسان حياة إلا سواها، يتجلى للمقاتل فيها الخطاب الإلهي، يسمعه فيها كمخاطب لا كقارئ لبلاغ”.
تعليقات الزوار ( 0 )