Share
  • Link copied

الفنان الحقيقي يتفنن في إبداعاته

أصبحت صفة ” فنان ” تعطى للكثير من قبل البعض، خلال السنوات الأخيرة، ليس لأنها صفة سهلة المنال، بل فهي عكس ذلك بالتأكيد، لكن لأن الناطق بها في غالب الأحيان  إما أنه لا يعرف معنى ودلالات كلمة ” فنان ”  أو لأنه اعتاد على إسناد هذه الصفة لكل من ظهر لأول مرة سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو في إحدى وسائط التواصل الأخرى. ومن تم فهو لا يستشعر مدى تطابق الكلمة من حيث الفكر والواقع، أي ما يفكر فيه ” الناطق بكلمة فنان” من جهة أولى وما يفعله الموصوف بكلمة “فنان” على أرض الواقع من جهة ثانية.

 أحيانا ترى كم تفاعل البعض مع شخصية معينة،  فتتساءل من تكون يا ترى؟ في البداية قد تظنها شخصية مميزة في مجال علمي أو تقني أو اجتماعي… لكن سرعان ما تعرف بأنها شخصية معروفة بل مشهورة عند البعض، لكنك أنت  لم يسبق لك يوما عاينتها أو حفظت ملامحها. هنا تطرح مسألة التذوق الفني التي تختلف من فرد إلى آخر، باعتبار هذا الأخير أساس الاهتمامات الفنية بالنسبة لكل فرد. لكن على الرغم من ذلك فصفة فنان تبقى كبيرة سواء من حيث الفكر أو الإبداع والإنتاج.

وبعد هذا الكلام، وبما أن صفة الفنان لها شروط ثقافية وتواصلية، فمن هو هذا الفنان الحقيقي الذي يستحق هذه الصفة بدون منازع؟ سنجيب بخلاصة دقيقة، إن الفنان الحقيقي يصبو إلى إبداع قيم جمالية من خلال أعمال فنية. إذن فهذا الفنان تتميز إبداعاته ب”الفن الخالص”، أي الفن من أجل الفن، من خلال شعور فني راق يحمل في طياته بعدا جماليا وأخلاقيا وتربويا، سواء كان بصريا أو سمعيا أو سمعيا بصريا…
إذن فالفنان الحقيقي هو مبدع يتفنن في إنتاجاته الفنية في المسرح، السينما، الشعر، الموسيقى…بإحاسيسه، ملامحه، تحركاته خطاباته وإيقاعه، والفن يقاس بأثره الفني، وفي هذا الصدد أتذكر  الفيلسوف هايدغر الذي اعتبر  الجانب الشيئ لصيق بما يخلفه من أثر فني، ومن تم ففي الغناء على سبيل المثال يتجلى الأثر اللغوي في الصوت، والأثر الموسيقي في الرنين. 

إذن لا يكمن وصف أي شخص بفنان إلا إذا كان كذلك، لكن من هو الفنان غير الحقيقي؟  إنه شخص يظن بأنه فنان  لأنه ينتج أعمالا تحظى باهتمام كبير من قبل البعض.

* باحث في التواصل وتحليل الخطاب

Share
  • Link copied
المقال التالي