أطلق المجلس الوطني لحقوق الانسان منصّة رقمية تفاعلية بشأن الحق في حرية الرأي والتعبير في الفضاء الرقمي، تهدف إلى التفاعل مع المختصين والمعنيين وعموم الرأي العام حول هذا الحق وتقييداته، وذلك في إطار تكريس حرية اعتناق الآراء دون مضايقة وحرية التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود، في انسجام مع المبادئ الدولية المؤطِّرة في المجال.
وبالنظر لما عاشه الفضاء العمومي والمؤسسة التشريعية، في الآونة الأخيرة، من نقاش محتدم حول مشروع القانون رقم 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة، وماطاله من تسريبات لبعض مواده أججّت نشطاء التواصل الاجتماعي وعموم الحقوقيين ومعهم مختلف الأحزاب السياسية، حيث تحقق الاجماع على رفض مضامينه وتوقيت تسريبه وكذا سياقه الزمني الذي تقاطع مع ما استطاع المجتمع المغربي من تحقيقه من اجماع على الأولويات الوطنية ذات الصلة بتدبير ازمة جائحة “كورونا.
فقد أكدت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الانسان “أن إطلاق المنصة الرقمية TaabiratRaqmya.ma تـم اعتبارا للدور الأساسي والمحوري لحرية الرأي والتعبير وأهمية هذه الحرية في المجتمع الديمقراطي”، مضيفة في بالقول إن: “الحق في حرية التعبير حق أساسي في حد ذاتها وأيضا حق يمكن من إعمال حقوق وحريات الأخرى. على هذا الأساس، توصف حرية التعبير بأنها حجر الزاوية في كل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية”.
وبحسب بلاغ صادر عنه، فإن المجلس يطمح عبر إطلاق هذه المنصة إلى المساهمة في النقاش العمومي حول كيفية مواجهة التحديات المرتبطة بضمان ممارسة الأشكال الجديدة لحرية الرأي التعبير والتفكير الجماعي في الأبعاد المتعلقة بأخلاقيات استعمال التكنولوجيا الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي كأدوات لممارسة الحريات. مشيرا إلى أن هذه المبادرة تهدف كذلك إلى التفكير في كيفية استلهام بعض التجارب والممارسات الفضلى في هذا المجال من أجل بلورة ميثاق وطني لأخلاقيات استعمال الفضاء الرقمي في المجال العام.
مصدر من داخل المجلس الوطني لحقوق الانسان أكد في تصدريح للموقع أن إطلاق المنصة الرقمية التفاعلية غير مُرتبط بشكل مباشر بالنقاش الذي خلفه مشروع القانون رقم 22.20 ولو ان الموضوعين يتقاطعان في نقطة جوهرية تتعلق أساسا بحرية الرأي والتعبير، مشيرا إلى أن المجلس سبق له أن نظم لقاءا في يونيو من الماضية حول “التعابير العمومية وتحديات العدالة المجالية”، تم التطرق فيه لاحتجاجات الحسيمة كإحدى أوجه هذه التعابير الجديدة عن حرية الرأي والتعبير، وهو اللقاء الذي زاد من تأكيد حقيقة ان الفاعل المدني أصبح، بفضل منصات التواصل الاجتماعي، قويا في واقع متغير لا يسمح بتطبيق القانون في أمور لها علاقة أساسا بحرية التعبير.
ذات المصدر أشار إلى أن المجلس نظم في يناير المنصرم ورشة تفاعلية حول حرية التعبير والرأي، حضرها عدد من الحقوقيين والقضاة والمحامين والمؤثرين بمنصات التواصل الاجتماعي وغيرهم، حيث تم التوقف عند مسألة حرية التعبير وما تتصل بها من إشكالات كون عددا من التعابير الجديدة ينبغي الانتباه اليها، لأنها تنطلق من مواقع التواصل الاجتماعي وتتطور الى مناقشة السياسات العمومية. وهو ما أكده التقرير السنوي للمجلس والذي تطرقت إحدى توصياته ضرورة ضمان الحق في حرية التعبير والرأي.
وفي سياق متصل وبالرغم من أن اجتماع المجلس الحكومي المنعقد بتاريخ 19 مارس 2020 قد صادق على مضامين المشروع رقم 22.20، إلا أنه وبمجرد تسريب بعض مضامينه، حتى توالت مواقف الأحزاب السياسية أغلبية ومعارضة مُتنصِّلة من هذا القانون، رافضة لمضامينه وتوقيت المصادقة عليه من طرف المجلس الحكومي، مبررة ذلك تارة بوصفه المشروع الذي يعكس تراجعا خطيرا عن المكتسبات التي راكمها المغرب منذ عقود، سواء من حيث مضمونه المخالف لكل الاتفاقيات الدولية ولمضامين الدستور المغربي الذي يكفل للمواطن في الفصل 25 منه حرية الفكر و الرأي و التعبير بكل أشكالها، أو من حيث توقيت تسريبه وما خلقه ذلك من ارتباك مجتمعي شوش على لحظة الاجماع الوطني التي وفرتها جائحة “كورونا”.
تعليقات الزوار ( 0 )