قالت صحيفة “Sahel Intelligence” المتخصصة في أخبار منطقة الساحل بإفريقيا، إن الساحة السياسية الجزائرية تشهد تحولات دراماتيكية تعكس عمق الأزمة التي تعصف بالبلاد. فبعد سنوات من التخبط، باتت الجزائر على حافة هاوية، حيث تتداخل الأزمات الداخلية والخارجية في مشهدٍ كفيل بإشعال فتيل الانفجار.
وأشارت في تقرير لها، إلى أنه ومنذ عقود، تبنت الجزائر سياسة خارجية تقوم على دعم القضايا القومية، وعلى رأسها القضية الصحراوية. إلا أن هذا الدعم، الذي تجاوز حدود التضامن إلى التورط المباشر في الصراع، بات يمثل عبئاً ثقيلاً على الاقتصاد الجزائري.
وأوضحت، أن المليارات التي تُصرف على دعم جبهة البوليساريو، فضلاً عن دعم جماعات مسلحة أخرى في المنطقة، تستنزف الموارد الضخمة التي تحتاجها الجزائر لتطوير بنيتها التحتية وتحسين مستوى معيشة مواطنيها.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل زادت الجزائر من تعقيدات وضعها الإقليمي والدولي من خلال التقارب مع قوى إقليمية ودولية مثيرة للجدل، مثل إيران وحكومة النظام السوري. وهذه التحالفات، التي تستند إلى أيديولوجيات متطرفة، زادت من عزلة الجزائر على الساحة الدولية، وجعلتها هدفاً للتنديد الدولي.
وفي الداخل، يشهد النظام الجزائري تحديات كبيرة، حيث تواجهه حركات احتجاج شعبية عارمة، أطلق عليها اسم “الحراك”. وهذا الأخير، الذي اندلع في عام 2019، يطالب بتغيير جذري للنظام السياسي، ومحاسبة الفاسدين، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وقد نجح الحراك في كشف هشاشة النظام، وكشف عن عمق الأزمة السياسية والاقتصادية التي يعاني منها البلد. كما أظهر أن الشباب الجزائري، مدعوماً بالتكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، قادر على تنظيم نفسه ومواجهة النظام بوعي كبير.
ولكن النظام الجزائري، بدلاً من الاستجابة لمطالب الشعب، لجأ إلى القمع والعنف. فقد شهدت الجزائر حملات اعتقالات واسعة شملت نشطاء سياسيين وصحفيين، كما تم حجب الإنترنت وتعطيل وسائل الاتصال لمنع المتظاهرين من التنسيق.
وبحسب التقرير، فإن هذه السياسات القمعية لم تؤد إلا إلى زيادة حدة التوتر، وتعميق الشرخ بين النظام والشعب. كما أنها أظهرت للعالم وجه النظام الحقيقي، وهو وجه قمعي لا يقبل بأي شكل من أشكال المعارضة.
وذكرت الصحيفة، أن المستقبل الذي ينتظر الجزائر يبدو غامضاً ومليئاً بالتحديات. فمن جهة، النظام الجزائري يواجه ضغوطاً داخلية وخارجية متزايدة، ومن جهة أخرى، فإن الحراك الشعبي لا يزال يمثل قوة ضاغطة تطالب بتغيير جذري.
وقالت، إن استمرار الوضع على هذا النحو قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة، ويدفع بالجزائر نحو المزيد من الانقسام والاضطراب. ولذلك، فإن الحل الوحيد الممكن يتمثل في إطلاق حوار وطني شامل، يهدف إلى إيجاد حلول سياسية واقتصادية مستدامة للأزمة التي تعيشها البلاد.
وفي الختام، يمكن القول إن الجزائر تواجه اليوم أزمة وجودية تهدد وحدتها واستقرارها. فالمغامرات الخارجية، والقمع الداخلي، والفساد المستشري، كلها عوامل تساهم في تفاقم الأزمة.
تعليقات الزوار ( 0 )