شارك المقال
  • تم النسخ

الغارديان: المساعدات الدولية مصبوغة بعقدة “المنقذ الأبيض”.. والرباط تعاملت مع الزلزال بأسلوبها الخاص

المملكة المغربية تتعامل مع الزلزال بشروطها وبطريقتها الخاصة، والانتقادات التي واجهتها بخصوص رفضها للمساعدات الأجنبية مصبوغة بعقلية “المنقذ الأبيض”، هكذا افتتح  كبير المراسلين الدوليين بيتر بومونت، تقريره في صحيفة “الكارديان” والتي تناول فيها أسلوب الرباط في التعامل مع فاجعة الحوز.

بحسب بومونت، “كان الخطاب الدولي حول استجابة المغرب للمساعدات الدولية بخصوص زلزال الحوز خطابا متهالكاً إلى حد ما، حيث تحدث مسؤولون غربيون لم يتم الكشف عن هويتهم عن بطء الرباط في طلب المساعدة من الخارج، مما يشير إلى أن هذا أعاق جهود المساعدة، لكن الواقع مختلف تماما”.

وأضاف، “خلال ثلاثة أيام من السفر إلى جبال الأطلس لإعداد تقرير لصحيفة “الكارديان”، تمكنت من رؤية القيود المفروضة على الاستجابة للمساعدات، وإنجازاتها، ومقارنتها بالكوارث السابقة التي قمت بتغطيتها، وفي حين أنه من العدل أن نقول إن هناك قرى ومداشر تشهد وصول المساعدة ببطء شديد، إلا أن استجابة الحكومة المغربية بشكل عام كانت فعالة إلى حد معقول”.

وفي غضون حوالي 48 ساعة، أعاد المغرب فتح أحد الطرق الرئيسية المؤدية إلى قلب منطقة الزلزال جزئيا، مما فتح ممرا لوصول المساعدات إلى الأشخاص الأكثر تضررا، وكانت المروحيات العسكرية في البلاد تحلق دون توقف لعدة أيام، في حين نجح جهد اجتماعي هائل نظمه المغاربة العاديون في حشد المساعدة من الناس في جميع أنحاء البلاد.

وحيثما كانت هناك مشكلات، فقد أملتها إلى حد كبير طبيعة الكارثة نفسها، والتي أثرت على السكان المتوزعين على نطاق واسع في مئات القرى المنتشرة على تضاريس جبلية صعبة للغاية، مما يعني أن جهود الإغاثة كانت بالضرورة محدودة بسبب قدرة النقل الجوي المتاحة والخدمات اللوجستية قادرة على دعم ذلك.

ويرى المراسل الدولي، أن “هذا لا يعني أن الرباط يجب أن تكون في مأمن من الانتقادات، خاصة فيما يتعلق بالفوارق الاقتصادية الطويلة الأمد في التمويل الإقليمي، والتي ساهمت في الكارثة، لكن لا مفر من حقيقة أن بعض الانتقادات الموجهة إلى المغرب تحمل نفحة من عقدة المنقذ الأبيض، وهي الفكرة السائدة بأن الدول الغربية مجهزة بشكل فريد للمساعدة في مثل هذه الظروف من الكوارث والحاجة”.

والحقيقة هي أن أحد المبادئ الأولى للمساعدة الإنسانية هو فكرة السيادة في صنع القرار، وهو ما اضطر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الاعتراف به متأخرا، إن المغرب، وهو بلد يعاني من مشاكل مثل أي بلد آخر، هو دولة فاعلة، وليست دولة هشة ولا فاشلة مثل ليبيا، التي تعرضت لكارثة مروعة هذا الأسبوع.

وأكد كبير المراسلين الدوليين، أنه “وفي حين أنه من المناسب أن تقدم الدول الأجنبية المساعدة، فإنه يعد أيضًا امتيازًا وليس حقًا أن تتم دعوتك للمساعدة، حيث أن المغاربة هم في أفضل وضع لتحديد ما هو مطلوب”، مشير إلى أنه هناك مبدأ ثان يجب على أولئك الذين يقدمون ويرسلون المساعدة أن يتأكدوا من أن جهودهم تساهم في جهود الإغاثة، ولا تعمل على استنزاف الموارد القيمة”.

وأضاف، “حتى بعد ثلاثة أيام فقط من وجودي في المغرب، بدا لي أن بعض فرق البحث الأجنبية لم يكن لديها أي عمل للقيام به عندما واجهت تفاصيل الكارثة التي لم تشهد انهيار المباني وتحولها إلى أكوام من الأنقاض التي يمكن البحث عنها، بل التفكك التام”.

ومع ذلك، يشير المصدر ذاته، إلى أن “هناك مشكلة أوسع هنا، تتمثل في الموقف الذي مفاده أن الغرب بطريقة أو بأخرى مؤهل بشكل فريد للمساعدة في هذا النوع من حالات الطوارئ عندما تكون هناك أمثلة عديدة على العكس”.

وقال بيتر بومونت، “بعد أن غطيت آثار إعصار كاترينا في الولايات المتحدة، أستطيع أن أقول إن الفكرة القائلة بأن بعض البلدان – بسبب ثرواتها أو سياساتها أو مزاياها التكنولوجية – هي بطبيعتها أفضل تجهيزا للاستجابة لحالات الطوارئ تبدو سخيفة ومتعجرفة، نظرا للرد الذي تعرض لانتقادات واسعة النطاق من قبل واشنطن لتلك الكارثة”.

ويختتم كبير المراسلين الدوليين مقاله بالتساؤل: “ومع فتح طرق المساعدات بسرعة، فإن السؤال الملح هو كيفية مساعدة المغرب على المدى الطويل على إعادة بناء المجتمعات المدمرة التي فقدت كل شيء: المنازل والأسر والماشية وسبل العيش التي تهدد التماسك الاجتماعي لهذه القرى الجبلية الفريدة؟”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي