أكد رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، اليوم الخميس بالرباط، أن التحديات و الرهانات التي تواجه القارة الإفريقية تقتضي تفعيل الإرادة السياسية المشتركة للبلدان الإفريقية وتحويل الطموح إلى سياسات ومشاريع ومنجزات.
واعتبر الطالبي العلمي، في كلمته الافتتاحية لأشغال المنتدى الثاني لرؤساء لجان الشؤون الخارجية بالبرلمانات الإفريقية، أن حالة اللايقين في النظام الدولي، وازدهار الأنانيات الوطنية والمحاور عبر العالم، يفرضان على الدول الإفريقية أن تأخذ مصيرها بيدها من أجل تحقيق طموحات شعوبها وحقها المشروع في التقدم والرخاء والازدهار.
ولفت إلى أن “التطرف والإرهاب، يزدهران في سياقات الفقر، والانفصال يهدد بتفكك الدول وبالتمدد، والتماهي معه، خطر على الجميع”، مشددا على أن قوة الدولة الوطنية الإفريقية ضرورة تاريخية، والشراكات مع باقي القوى العالمية تحتاج إلى وحدة الموقف، وإلى اقتصادات قوية وإلى ترسيخ وتقوية الشراكات جنوب – جنوب وفق منطق الربح المشترك.
وسجل أنه رغم اختلاف وتنوع المنتديات البرلمانية الإ فريقية، إلا أن التحديات التي تواجه القارة الإفريقية وأزماتها، هي نفسها المطروحة منذ سنوات، رغم التقدم المحرز على أكثر من صعيد، خاصة في المجال المؤسساتي والاقتصادي، معربا عن يقينه بأن النهضة الإفريقية “قابلة للتحقق إذا ما تم توحيد الجهود وتجاوز عوامل الكبح”.
وأشار الطالبي العلمي إلى أن من مؤشرات هذا الأمل أن القارة الإفريقية، رغم الظروف الموضوعية، والسياق الدولي غير الملائم، ستحقق معدل نمو يقدر بـ 4.3 في المائة عام 2025، مقابل 3.7 في المائة خلال سنة 2024، وأن 24 دولة إفريقية سيتجاوز معدل النمو بها 5 في المائة.
وحذر، في المقابل، من أن هذا التقدم على الصعيد الاقتصادي القاري، وعلى مستوى البناء المؤسساتي، لا ينبغي أن يصرف الانتباه عن “حجم التحديات الكبرى التي تواجه القارة، بما في ذلك المؤشرات الاجتماعية والبيئية المقلقة التي تضمر أوضاع لا تسعف الإقلاع الاقتصادي المأمول، والتماسك الاجتماعي الضروري للاستقرار”.
وفي هذا السياق، لفت رئيس مجلس النواب إلى أن هذه التحديات تتجلى في “عودة تناسل النزاعات، الداخلية أساسا، في بعض بلدان القارة”، موضحا أنه رغم تجاوز الكلفة السياسية والاستراتيجية للحرب الباردة، التي لم تكن حربها، وإنجاز العديد من الانتقالات السياسية مقرونة ببناء مؤسساتي واعد، عادت النزاعات في بعض الحالات، لتجثم على الأوضاع في بعض البلدان.
وأضاف أن “هذا التحدي يتغذى وي غذي أحيانا، نزعات الانفصال ومحاولات تقويض الوحدة الترابية للدول وسيادتها”، معربا عن أسفه لكون “هاذين التحديين يلتقيان أحيانا، ويتواطئان في أحيان أخرى، مع ظاهرة الإرهاب الم قيت والتطرف العنيف، مما يقوض الاستقرار في عدد من المناطق. ولا يكتفي الإرهاب والانفصال بإيذاء الناس وترويعهم وتهجيرهم، بل يسعيان إلى تقويض الاستقرار ونشر الفوضى، وتعميم حالة اللادولة والتمدد خارج سياقهما الجغرافي، ووضع اليد على المقدرات الطبيعية للأمم”.
وعلى المستوى الاقتصادي، أبرز السيد الطالبي العلمي أن القارة الإفريقية تواجه تحدي انعكاسات الاختلالات التي تكلف إفريقيا كثيرا جراء الجفاف، والتصحر، وانجراف التربة، والفيضانات، مشيرا إلى أن هذه الأوضاع “تمثل تحديات جديدة، ومنها الفقر والنقص في الغذاء، والتبعية الغذائية والهجرات، والنزوح واللجوء؛ والأخطر من ذلك أنها تنتج حالات إحباط ويأس”.
وشدد على “ضرورة عدم تجاهل مؤشرات النجاح، وحالات البناء المؤسساتي القاري والجهوي، وقدرة العديد من البلدان الإفريقية على تحقيق انتقالات ديموقراطية حقيقية، بكل استقلالية، وبالاعتماد على الذات، وعلى مشاركة مواطنيها وتعبئتهم”.
وفي حديثه عن المؤهلات والإمكانيات التي تزخر بها القارة الإفريقية، أشار رئيس مجلس النواب إلى “الديناميات الاقتصادية والسياسية المتزايدة التي تشهدها إفريقيا ومنها الدور المتزايد للاتحاد الافريقي، كإطار للعمل الإفريقي المشترك، ومنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، والتكتلات الاقتصادية الجهوية الإفريقية التي تعتبر إطارا للتعاون والمبادلات الاقتصادية، مع استثناء واحد في شمال القارة “.
وخلص إلى أن “ثمة مبادرات أخرى واعدة واستراتيجية مطروحة على أرض الواقع، ومنها مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية، إلى جانب مبادرة تمكين بلدان الساحل الافريقية من الولوج إلى المحيط الأطلسي، اللذين أطلقهما صاحب الجلالة الملك محمد السادس، واللتان تتكاملان مع مشروع أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب، مرورا بـ13 بلدا إفريقيا “.
تعليقات الزوار ( 0 )