أضحى يوم 28 نونبر يشكل تاريخا جديدا في أجندة الاحتفالات العالمية، من خلال يوم البحر الأبيض المتوسط الذي تم الإعلان عنه رسميا سنة 2020 من طرف 42 بلدا عضوا في الاتحاد من أجل المتوسط والمفوضية الأوروبية.
وتهدف هذه النسخة الأولى، التي سيتم الاحتفال بها يوم الأحد المقبل، إلى تعزيز الهوية والتعاون المتوسطي المشترك بين دول الحوض، ولكن أيضا تسليط الضوء على التحديات الكبرى التي تجمع بلدان حوضنا المتوسطي من قبيل تغير المناخ، التنمية الاقتصادية أو المساواة بين الجنسين.
وبالنسبة لنائب الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط، غرامينوس ماستروجيني، فإن الأمر يتعلق بالاحتفاء بمجتمع التاريخ والتعاون بين مختلف دول الحوض.
وأكد السيد ماستروجيني في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، أن الهدف من الاحتفال بهذا اليوم هو جعل البحر الأبيض المتوسط يبرز في واقعه كأحد المواضيع التي تستحق أخذها بعين الاعتبار على نحو كامل.
إنه نداء حقيقي موجه إلى المجتمع المتوسطي بكامله وكل من ينتسب لهذا الحوض، من أجل الاحتفاء بالإرث الممتد لآلف السنين لهذا الكيان الإنساني المتميز بالحكمة والحوار الثقافي، والذي يضطلع فيه المغرب بدور استراتيجي.
وبهذا الخصوص، أكد السيد ماستروجيني على دينامية المغرب في المسلسل المتوسطي وفق مقاربة تشمل، أيضا، بعده الإفريقي.
وأضاف أن المغرب يحتل الريادة في العديد من المبادرات مع الاتحاد من أجل المتوسط وفي العديد من المجالات، لاسيما تلك المتعلقة بالطاقات المتجددة والتنمية المستدامة.
واليوم، يثير البحر الأبيض المتوسط في البشرية مجموعة واسعة من المشاعر، وهو يشكل عنصرا أساسيا في حياة 480 مليون شخص يعيشون في محيطه، أي ما يقرب من نصف ساكنة الدول الـ 42 الأعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط. إنه فضاء رائع بالنسبة للبعض، مصدر رزق للآخرين ومنزل للكثيرين.
ويأتي إجماع الدول الأعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط على إعلان اليوم العالمي للبحر الأبيض المتوسط، في وقت تواجه فيه المنطقة أزمات غير مسبوقة، تفاقمت حدتها بفعل جائحة “كوفيد-19”.
ومع ذلك، فإن الثروات الاقتصادية والثقافية، التي يزخر بها الحوض المتوسطي، تفتح الباب أمام كل الآمال ولاحتفال يليق بالشعوب التي تتألف منه.
ويمثل البحر الأبيض المتوسط، الغني بتاريخه، موارده الطبيعية وتنوع ساكنته، 60 بالمائة منها دون سن الثلاثين، إمكانيات تنموية هائلة.
مع شريط ساحلي يبلغ 46 ألف كيلومتر، يتركز ثلث ساكنته في المناطق الساحلية. ويعتبر حوض البحر الأبيض المتوسط الممتد على أكثر من مليوني كيلومتر مربع، ثاني أكبر منطقة تزخر بالتنوع البيولوجي في العالم، حيث تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى ملياري طائر يهاجر عبر المنطقة.
ويعد البحر الأبيض المتوسط موطنا لـ 18 بالمائة من النباتات البحرية في العالم و28 بالمائة من الأنواع الأصلية (الفريدة من نوعها في المنطقة). ومع ذلك، فإن الاحتباس الحراري والظواهر المناخية المدمرة التي يسببها، تثير مخاوف بشأن حدوث اضطرابات كبرى، وبالتالي، فإن 47 من أصل 49 موقعا ثقافيا معترف بها من طرف اليونسكو حول البحر الأبيض المتوسط معرضة لخطر التلف بسبب آثار تغير المناخ.
وعلى الصعيد الاقتصادي، يعد الحوض المتوسطي أحد أكثر طرق الشحن استعمالا في العالم، حيث يبحر به حوالي ثلث إجمالي السفن التجارية عبر العالم كل عام.
وداخل مجالنا، شهد البحر الأبيض المتوسط ولادة ميناء طنجة المتوسطي سنة 2007، والذي أصبح في أقل من 15 عاما، الميناء رقم واحد في حركة مرور الحاويات، منتقلا من المرتبة 31 عالميا في ترتيب موانئ الحاويات الرئيسية في العالم، إلى المركز 24 في فبراير 2021 (ترتيب ألفالاينر).
من جهة أخرى، تعد منطقة الحوض المتوسطي الوجهة السياحية الأولى في العالم، مع جاذبية متزايدة لوجهة المغرب.
فقبل الأزمة الصحية التي أصابت السياحة العالمية بالشلل، كانت المملكة قد استقطبت أزيد من 13 مليون زائر في العام 2019، أي بزيادة قدرها 5,2 بالمائة مقارنة مع السنة الماضية.
وقد ساهم المغرب بشكل فعال في إنشاء الاتحاد من أجل المتوسط، من خلال ترجيح مبادئ الملكية والمسؤولية المشتركة، والدعوة إلى عكس المقاربات التي تم تجريبها في إطار الشراكة الأورو-متوسطية، مع التركيز بشكل خاص على مبدأ الهندسة المتغيرة.
ومن أجل المشاركة في الجهد المبذول قصد تجسيد مشاريع مهيكلة على المستوى الإقليمي، يحتضن المغرب الجامعة الأورو-متوسطية لفاس. كما أنه شريك في تنفيذ مشاريع أخرى مصنفة داخل الاتحاد من أجل المتوسط.
لقد دعا المغرب دوما إلى منح الاتحاد من أجل المتوسط دورا مركزيا في دينامية الاندماج الإقليمي، من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومستقبل أفضل للمواطنين الأورو-متوسطيين.
تعليقات الزوار ( 0 )