تُحقق الدبلوماسية المغربية نجاحات مُتتالية في ملف “قضية الصّحراء”، وتُراهن الرباط يوما بعد يوم، على إقصاء الجمهورية الوهمية خارج أسوار الاتحاد الأفريقي، لا سيما وأنّ أكثر من عشرين قنصلية تم افتتاحها في الفترة الأخيرة بكل من مدينتي العيون والداخلة.
ومع تجدد هياكل الاتحاد الافريقي، وتولي نيجريا الاشراف على أهم لجنة في الاتحاد، وهي مجلس “السلم والأمن” تنكسر أحلام البوليساريو وصنيعتها الجزائر على صخرة الواقع، وتتوالى الهزائم والخيبات بعد الصدمة الكبرى المتمثلة في افتتاح قنصلية أمريكية بمدينة الداخلة.
الخبير الأمني في منطقة الساحل والصحراء، محمد الطيار، يرى أنّ تجديد هياكل الاتحاد الافريقي يخدم مصالح المغرب بشكل استراتيجي، خاصة أنّ مجلس “السلم والأمن” التابع للاتحاد الأفريقي كانت تُسيطر عليه الجزائر منذ نشأة الاتحاد، وكانت اللجنة حِكراً على الجزائر التي من خلالها استغلت وعاكست المغرب على المستوى الأفريقي.
وأوضح الطيار، في تصريح هاتفي لجريدة “بناصا”، أنّ التغييرات الأخيرة التي وقعت في الاتحاد، جعلت مجلس السلم والأمن من نصيب نيجيريا، حيث أن الأخيرة أصبحت حليفا للمغرب، كما ابتعدت كل البعد عن السياسة الجزائرية وربطت علاقات تجارية واقتصادية قوية مع المغرب.
وأضاف المتحدث ذاته، أنّ الوقائع أثبث تحول نيجيريا اليوم باتجاه الموقف المغربي بشكل جلي، وذلك من خلال دعمها العلني لخط الأنابيب الذي سيعبر الأراضي النيجيرية إلى أوروبا عبر الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا وعبر المغرب.
من جانب آخر، فإنّ ميثاق الاتحاد الأفريقي ينص في الفصل الرابع على أنه لكي تكون دولة عضو بهاته المنظمة، فيجب أنْ تتوفر على شرط “السيادة”، أما الفصل 28 في فقرته الأولى فيقول، إنّ الأمر يتعلق بكل دولة إفريقية مستقلة وذات سيادة من أجل الانضمام للاتحاد الافريقي.
وشدّد المتحدث ذاته، على أنّ هذه الشروط لا تتوفر البتة في الكيان الذي اصطنعته الجزائر (البوليساريو)، واستعملت فيه الحقائب المالية من أجل انضمام الجبهة، في الوقت الذي كانت فيه جل الدول الافريقية تعاني من الفقر، إلا أنّ الأمور الآن تغيرت مع تغير النخب السياسية الحاكمة، أي أن زمن النخبة القديمة المرتشية قد ولى.
وقال الخبير الأمني في منطقة الساحل والصحراء، محمد الطيار، اليوم، هُناك نخب لا ترضى أخذ المال من الجزائر لتتبنى مواقف قد تتماهى وتتماشى مع سياستها الخارجية، كما أنه طيلة السنوات التي استطاعت فيها الجزائر ضم الجمهورية الوهمية، كانت الدول الافريقية، وخاصة منظمة الاتحاد الافريقي تتعامل مع الجبهة كدولة “افتراضية”، ولم يتعامل معها الاتحاد الافريقي كدولة ذات سيادة.
وأضاف المتحدث ذاته، أنّ الجمهورية الوهمية لم تترأس أية لجنة خلال فترة منظمة الاتحاد الإفريقي، ولم يتم تكليفها بأية مهمة، ولم يتعامل معها لا الاتحاد الإفريقي، ولا المنظمة، مُبرزاً أنّ الاتحاد الإفريقي كان يتعامل مع البوليساريو عن طريق وزير الخارجية الجزائري.
وتابع في السياق ذاته، أنّ وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، كان يشغل أيضا منصب وزير خارجية البوليساريو في الآن ذاته، لذلك فالظروف حاليا أصبحت أكثر ملائمة وأكثر جاهزية لكي يطرد المغرب هذا الكيان من الاتحاد الإفريقي، لأنه يُعتبر عائقا أمام التطور الذي تشهده القارة الإفريقية.
وأشار الخبير الأمني، إلى أنّ لجنة مجلس السلم والأمن التابعة للاتحاد الأفريقي، والتي تعاقب عليها جل رؤساء الجزائر، والتي كانت بمثابة أهم وأخطر لجنة في الاتحاد الإفريقي، وكانت تصدر تقارير معادية للمغرب، هي المسؤول الأول عن تنفيذ قرارات الاتحاد.
ولفت المتحدث ذاته، إلى أنّ الجولات “المارطونية” التي كان يقوم بها وزير الخارجية الجزائري قبل انعقاد قمة الاتحاد الافريقي، أظهرت ضعف وتراجع الدبلوماسية الجزائرية، ومقابل ذلك أبرزت قوة الاختراقات التي حققتها الدبلوماسية المغربية.
تعليقات الزوار ( 0 )