في خطوة تعكس الأهمية الاستراتيجية للقطاع الفلاحي المغربي، شارك رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، في افتتاح المعرض الدولي للفلاحة في باريس يوم 22 فبراير 2025، إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وجاءت هذه المشاركة في ظل تصاعد الجدل في الأوساط الفلاحية الفرنسية حول واردات الطماطم المغربية، والتي أثارت مخاوف المنتجين الفرنسيين من تأثيرها على السوق المحلية.
دفاع قوي عن الفلاحة المغربية
وخلال زيارته لفرنسا، حرص أخنوش على التأكيد على جودة وتنافسية المنتجات الفلاحية المغربية، مشددًا على أن المغرب يعدّ شريكًا موثوقًا في تأمين الإمدادات الزراعية للأسواق الأوروبية، بما فيها السوق الفرنسية.
وقال أخنوش، في تصريحات صحافية على هامش الحدث، إن “الفلاحة المغربية تعتمد على معايير إنتاجية صارمة، وتوفر منتجات ذات جودة عالية بأسعار تنافسية، وهو ما يجعلها تحظى بإقبال كبير في الأسواق الأوروبية”.
وأضاف أن التعاون الفلاحي بين المغرب وفرنسا يجب أن يستند إلى مبدأ التكامل، لا التنافسية غير العادلة، مشيرًا إلى أن المغرب استثمر بقوة في تحديث قطاعه الفلاحي، بما في ذلك اعتماد تقنيات زراعية متطورة وترشيد استخدام المياه في ظل التغيرات المناخية.
مخاوف المنتجين الفرنسيين ومطالب الحماية
من جانبهم، عبّر العديد من المزارعين الفرنسيين عن مخاوفهم من زيادة حجم واردات الطماطم المغربية، معتبرين أنها تشكّل تهديدًا لمصالحهم الاقتصادية.
وتحدثت بعض النقابات الزراعية الفرنسية عن ضرورة فرض قيود أكثر صرامة على المنتجات القادمة من خارج الاتحاد الأوروبي، لضمان عدم الإضرار بالإنتاج المحلي.
وفي هذا السياق، أشار بعض الخبراء إلى أن الأسعار التنافسية للطماطم المغربية تعود إلى عدة عوامل، منها الظروف المناخية الملائمة، وكفاءة الإنتاج، فضلًا عن سياسات الدعم الفلاحي التي انتهجها المغرب منذ إطلاق مخطط المغرب الأخضر، الذي مكّن المملكة من تعزيز مكانتها كأحد كبار مصدري الطماطم نحو أوروبا.
توازن المصالح بين الرباط وباريس
ورغم الجدل الدائر، يبدو أن الرباط وباريس تحاولان تجنب أي تصعيد قد يؤثر على العلاقات التجارية بين البلدين. فبالنسبة لفرنسا، يظل المغرب شريكًا استراتيجيًا في القطاع الفلاحي، ليس فقط في مجال الطماطم، ولكن أيضًا في تزويد السوق الأوروبية بمنتجات زراعية أخرى، مثل الحمضيات والخضروات.
وفي المقابل، يسعى المغرب إلى توسيع أسواقه الخارجية وتعزيز صادراته الزراعية في ظل التحديات المناخية التي يواجهها. ومع ذلك، فإن التوازن بين المصالح الاقتصادية والحفاظ على علاقات تجارية مستقرة يظل أحد الرهانات الأساسية التي تواجه الطرفين في هذا الملف.
هل يتجه الاتحاد الأوروبي نحو تشديد القيود؟
وفي ظل تصاعد الضغوط من بعض اللوبيات الزراعية الفرنسية، يترقب المراقبون ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيتخذ قرارات جديدة بشأن واردات الطماطم من المغرب. إلا أن أي خطوة من هذا القبيل قد تواجه مقاومة من الشركات الأوروبية الكبرى التي تعتمد على الإمدادات الزراعية المغربية، خاصة في فترات ذروة الطلب.
نحو تعزيز الحوار والشراكة
وفي ظل هذا الوضع، يرى محللون أن الحل الأمثل يكمن في تعزيز الحوار بين الطرفين لإيجاد صيغ تعاون أكثر إنصافًا، من خلال دعم الشراكات الزراعية والاستثمار في مشاريع مشتركة تعود بالنفع على المنتجين في البلدين.
وفي انتظار مآلات هذا الجدل، تبقى الطماطم المغربية رمزًا للنجاح الفلاحي الوطني، الذي استطاع أن يحجز مكانة قوية في السوق الأوروبية رغم التحديات والمنافسة.
تعليقات الزوار ( 0 )