تلقى مهنيو الصيد البحري أضرارا جسيمة خلال فترة تفشي فيروس كورونا المستجد، الذي سجلت أول إصابة منه في المغرب شهر مارس الماضي، بعد قرار السلطات فرض إجراءات وقائية في إطار حالة الطوارئ الصحية التي فرضتها الحكومة، على رأسها إغلاق المقاهي والمطاعم ومجموعة من الأسواق في مختلف عمالات وأقاليم المملكة.
وبالرغم من أن قطاع الصيد البحري لم يتوقف عن العمل خلال فترة الحجر الصحي، باعتباره نشاطا أساسيا، إلا أن مهنييه، وعلى رأسهم العاملين بالصيد الساحلي والتقليدي، تلقوا خسائر فادحة على المستوى المادي، بعدما أغلقت كل المطاعم التي كانت أبرز الزبناء، بالإضافة إلى تراجع البيع بسبب تضرر القدرة الشرائية للمواطن بفعل توقف آلاف أرباب الأسر عن العمل.
وإلى جانب الأضرار الناجمة عن جائحة كورونا، فقد عانى الصيادون الساحليون والتقليديون بشمال المملكة، الأمرين مع الدلفين الأسود “النيكرو”، الذي تتسبب هجماته المتكررة في تقطيع الشباك، وتلقي المهنيين لخسائر تقدر بالملايين، ما زاد من تأزيم وضعيتهم في ظل الظرفية الاستثنائية التي تمر بها البلاد.
ولم يتمكن قطاع الصيد البحري الساحلي والتقليدي، من استعادة عافيته بعد الرفع التدريجي للحجر الصحي، وإعادة فتح المطاعم والأسواق، بسبب تراجع القدرة الشرائية للمواطن، والتي يوازيها ارتفاع أسعار المحروقات والضرائب المفروضة على المهنيين، ما يدفع العديد منهم، في محاولة لاسترجاع بعضٍ من الخسائر، إلى رفع الأثمنة.
وفي سياق متصل، استقبل الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، الثلاثاء، في المقر المركزي للحزب بالعاصمة الرباط، وفدا عن ممثلي مهنيي قطاع الصيد الساحلي بالمغرب، في شخص المسؤولين عن جامعة غرف الصيد البحري والكونفدرالية الوطنية للصيد الساحلي بالمغرب، حيث قاموا باستعراض المشاكل التي يعاني منها هذا القطاع الحيوي في البنية الاقتصادية والاجتماعية بالمملكة.
وقال محمد أوملود، رئيس جامعة غرف الصيد البحري، خلال هذا اللقاء، إن هناك سياسة مقصودة من أجل الإضرار بقطاع الصيد الساحلي والتقليدي، وهما اثنين من ثلاثة أصناف للصيد البحري بالمغرب، مشيرا إلى أن وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، التي يرأسها عزيز أخنوش، قامت بتهميش مهنيي صنفي الصيد الساحلي والتقليدي.
وأضاف المتحدث نفسه، بأن الوزارة غيبت مهنيي الصنفين المذكورة من كل المبادرات التي من شأنها الخروج بالقطاع من الأزمة التي يعانيها على المستوى البنوي، في مقابل مبالغتها في العناية بقطاعات أخرى، موضحاً بأن فروع الصيد الأخرى تستفيد من عدة تحفيزات ضريبية وأسعار تفضيلية في المحروقات، فيما يظل الصيد الساحلي محروما من كل أنواع الدعم، خاصة خلال الجائحة.
ونبه أوملود إلى أن مهنيي الصيد الساحلي، ظلوا يعملون طوال فترة الجائحة، من أجل تزويد الأسواق الوطنية بحاجياتها من السمك، رغم كل الصعوبات التي واجهوها والتحديات التي ظهرت بسبب فيروس كورونا.
ومن جانبه، شدد العربي المهيدي، عن الكونفدرالية الوطنية للصيد الساحلي بالمغرب، في اللقاء ذاته، على ضرورة التعجيل بحل المشاكل التي يعاني منها القطاع، والتي تهدد بالإفلاس الكلي للمهنيين، ما قد ينجم عنه فقدان العديد من فرص الشغل، وتفاقم ظاهرة البطالة، إضافة إلى إمكانية تشريد الصيادين.
وأشار المتكلم ذاته، إلى أن انعكاسات تضرر قطاع الصيد الساحلي وإفلاس المهنيين، ستمس بشكل مباشر، عشرات الآلاف من الأسر والمواطنين مستهلكي الأسماك، مذكراً بأن الإضرار بقطاع الصيد والتغاضي عن الأزمة البنيوية التي يقبع فيها، يعتبر إضرارا بالقدرة الشرائية للمواطنين أيضا، وفق تعبير المهيدي.
وأكد المتحدث نفسه، على ضرورة إعداد خطة متكاملة، من أجل تقديم تحفيزات ضريبية إسوة بباقي القطاعات، إلى جانب تخفيض أسعار المحروقات، مع وضع حد لكافة التجاوزات والمضاربات المرتبطة ببطاقات تاجر سمك بالجملة”.
وأجمع المتدخلون خلال اللقاء، على أن قطاع الصيد الساحلي بات في وضعية حرجة وصفوها بـ”الاحتضار”، وأي تأخر في معاجلة المشاكل التي يعانيها، حسبهم، من شأنه أن يضاعف الأزمة، وينعكس، بشكل خطير، على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، مردفين بأ، هناك أيادي خفية تلعب بالنار عبر إقصاء الصيد الساحلي والتقليدي من كافة برامج الدعم ومشاريع التنمية.
تعليقات الزوار ( 0 )