يُشكّل تفاقم ظاهرة الصيد العشوائي في مجموعة من الشواطئ المغربية، أزمة حقيقية تهدد بتقليص الثورة السمكية التي تزخر بها البلاد، الأمر الذي جعل عددا من المواطنين والمهنييين، يطالبون الجهات المسؤولة بتكثيف المجهودات المبذولة أو مضاعفتها، لإنقاذ “حق الأبناء” من الأسماك، قبل فوات الآوان.
وسبق لعدد من مهنيي الصيد البحري، أن دقّوا ناقوس الخطر في أكثر من مناسبة، بعد انتشار الصيد العشوائي بشكل كبير ومضر في جل الشواطئ بالمغرب، خاصة في موسم التزاوج، الذي يرى فيه الصيادون “الجائرون” فرصة مناسبة للحصول على أعداد كبيرة من الأسماك.
ويعد شاطئ “كلايرس” الواقع على بعد 58 كيلومترا من مركز مدينة الحسيمة، واحدا من المناطق المغربية الكثيرة، التي عُرفت قبل سنوات بثروتها السمكية الكبيرة، غير أن الصيد العشوائي المُتزايدَ، جعلها على حافة فقدان غناها الطبيعي، وفقدان عدد كبير من سكان المنطقة لمصدر رزقهم الوحيد.
وفي هذا السياق، قال أحد المواطنين القاطنين نواحي شاطئ “كلاي إريس”، في تصريح لـ”بناصا”: “إن عددا من الصيادين يقومون بصيد الأسماك في موسم التزاوج، الأمر الذي يهدد بتقليص الثروة السمكية، التي عرفت أصلا تقلصا كبيرا في السنوات الأخيرة نظرا لتنامي ظاهرة الصيد الجائر”.
وأضاف المتحدث:”الصيد في موسم التزاوج ليس الأمر الوحيد الذي يهدد ثروة المنطقة، بل إن قيام عدد من الصيادين العشوائيين، بوضع شباك ذات فتحات صغيرة جدا، على بعد مسافة قصيرة من الشاطئ، يجعل أسماكا صغيرة تعلق بها، وفي الغالب تموت قبل سحبها، ونظرا لصغر ججمها، فإنهم يضطرون لرميها، لأنها غير صالحة للأكل”.
وتابع أنه “بالرغم من أن هؤلاء الأشخاص، يجْنون قوتَ يومهم من خلال الصيد، أي أن الثروة السمكية تلعب دوراً كبيرا في حياتهم، إلا أنهم لا يعِيرون أيّ اهتمام للحفاظ عليها، بتفادي صيد الأسماك في مواسم التزاوج، وتجنب صيدها قبل نضوجها”، مسرتسلا:”هناك أمر آخر يهدد الثروة البحرية، وهو الشباك التي يستخدمها الصيادون العشوائيون، التي تكون بفتحات صغيرة، ما يجعل بيض عدة أنواع من الأسماك، يعلق فيها”.
ومن جانبه، أوضح أحد مهنيي الصيد بالشاطئ السالف الذكر، في تصريح لـ”بناصا”، أن المنطقة عَرفت خلال السنوات الأخيرة، “تقلصاً كبيراً جدا لأعداد الأسماك في البحر، ما أضرّ بالصيادين وبمداخيلهم، خاصة أن تناقص الثروة السمكية، تزامن مع تزايد عددهم (أي الصيادين)”.
وأرجع المتحدث، سبب هذا التناقص إلى الصيد العشوائي، الذي عرفته المنطقة في السنوات الأخيرة، حيث قال إن “كلايريس”، كانت في النصف الثاني من القرن الماضي، مكانا غنيا بالأسماك، غير أنه في التسعينات وبعدها بداية الألفية الجديدة، كثر عدد الصيادين العشوائيين، وبالرغم من مساعي المسؤولين عن القطاع لوقف ذلك، إلا أن الأزمة ما تزال مستمرة، ليعرف المكان في السنوات الأخيرة، تدنيا كبيرا للثروة السمكية”.
وسبق لعزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أن اعترف بأن الثروة السمكية قد تضاءلت، خاصة على مستوى سواحل البحر الأبيض المتوسط، مؤكدا بأن الاستغلال المفرط للموارد السمكية، من قبل الصيادين العشوائيين، واحد من أهم عوامل هذا الأمر.
تعليقات الزوار ( 0 )