Share
  • Link copied

الصحراء المغربية قضية مساس في السيادة المغربية

إن مفهو حق تقرير المصير جاء إبان الإستعمار الأجنبي للبلدان الإفريقية والآسيوية وكذلك في الحرب الباردة، مما دفع المجتمع الدولي إلى إصدار التوصية رقم 1514 من طرف منظمة الأمم المتحدة ،والتي أقرت فيها حق الشعوب في تقرير مصيرها والحصول على إستقلالها، فالهدف الإستراتيجي من التقرير هو التطويق على السياسة الشيوعية السوفياتية من طرف القوى الغربية التي كانت تتزعمها الولايات المتحدة الأمريكية، واستمر هذا الوضع حتى سقوط الإتحاد السوفياتي سنة 1991.

وبعد نهاية حرب الباردة ظهر لنا جدل في مفهوم تقرير المصير، حيث نرى أن الإستعمار الأجنبي انتهى ولكن هذا الأخير ترك وراءه فكر إنفصالي في عدة دول إفريقية وآسيوية، مما جعل عدة فقهاء دوليين الوقوع في جدل فقهي حول مفهوم تقرير المصير.

وعندما نذهب إلى القانون الدولي نجد أن حق الشعوب في تقريرمصيرها المنصوص عليه في مبادئ ميثاق الأمم المتحدة يتعارض مع مبدأ إحترام سيادة الدول، وكذلك مع مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. ومن المنظور القانوني لهذا المبدأ إنتهى زمنه بعد سقوط الإتحاد السوفياتي وانتهاء الإستعمار الأجنبي.

وهذا ما يأخذنا إلى الإنصباب حول قضية الصحراء المغربية ،حيث إذا إلتجأنا إلى الرأي الإستشاري الصادر من محكمة العدل الدولية الدائمة الذي نص على أن الأقاليم الجنوبية من المملكة ليست أرض خلاء، بل كانت فيها قبائل صحراوية التي كانت تقوم بمبايعة السلاطين العلوية والولاء لها، وهذا ما نستشفه إن لم نجد وسائل مادية قانونية مكتوبة في هذا الأمر،ولكن لا ننس أن العرف هو مصدرمن مصادر القانون الدولي بعد المعاهدات والإتفاقيات.

فالقضية الوطنية هي قضية المساس بالسيادة المغربية من طرف جبهة البوليساريو ومع من يدعمها، وانتهاكها بالإستفزازات التي يشنها هذا الكيان الوهمي الذي لا يتوفر على مقومات الدولة، وغير المعترف به من طرف الأمم المتحدة، وهذا راجع إلى حنكة الدبلوماسية المغربية وبمبادرته العادلة في إطار الحكم الذاتي الذي رحب به المجتمع الدولي داخل منظمة الأمم المتحدة كحل واقعي وقانوني لهذا النزاع.

وبالإضافة أن الدبلوماسية المغربية أثرت بشكل قوي على هذا الكيان المجهري بعدما قامت عدة دول إفريقية ودول أمريكا اللاتينية بسحب الإعتراف به، فهذا التحرك الدبلوماسي المغربي في هاتين المنطقتين كان بمثابة السياسة الإستراتيجية من أجل خلق أو تجديد العلاقات مع الدول التي تشكل عائقا وتحديا للمملكة المغربية وخصوصا في القضية الوطنية .

وفي الآونة الأخيرة  قامت بعض الدول بفتح قنصلياتها بالأقاليم الجنوبية (العيون ، الداخلة)، كما نعلم  أن القانون الدولي القنصلي فرع من القانون الدولي العام، وفي هذا الصدد نجد أن من المبادئ التي ماتزال مستمرة في هذا القانون، أن الإلتزامات بين الدول ذات السيادة لا تتم  إلا على أساس الرضا المتبادل، وقد جاءت أحكام المادة الثانية من إتفاقية ڨيينا للعلاقات القنصلية لسنة 1963، تنص على تأسيس العلاقات القنصلية بين الدول لا يتم إلا بالرضا، والمادة الرابعة من هذه الإتفاقية التي تؤكد على تأسيس البعثة القنصلية على أراضي الدولة الموفدة إليها لا يتم إلا بموافقة هذه الدولة ، ويتضح من خلال هاتين المادتين أن المملكة المغربية وافقت على فتح مجموعة من القنصليات بأراضيها في الأقاليم الجنوبية، وهذا يدل بشكل واضح وقانوني في إطار القانون الدولي القنصلي الذي يعتبر فرع من القانون الدولي، أن الأقاليم الجنوبية جزء من التراب الوطني الذي تسري عليها السيادة المغربية.

باحث بسلك الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية

Share
  • Link copied
المقال التالي