تحولت إجازة الصحافي المعارض للنظام الجزائري هشام عبود في إسبانيا إلى كابوس حقيقي، عندما تعرض لمحاولة اختطاف خطرة كادت تودي بحياته. بعيداً عن صخب المدن الإسبانية، وفي ظلام ليلة باردة، اختطف هشام من قبل عصابة مسلحة، في عملية خططت لها عناية لتسليمه إلى جلاديه في الجزائر. تلك الليلة الطويلة، التي امتدت من ليلة الخميس إلى صباح الجمعة، ستبقى محفورة في ذاكرته، شاهداً على وحشية النظام الجزائري واستهتاره بحياة المواطنين.
وفي تفاصيل جديدة، كشفت عنها مجلة “أتالايار” الإسبانية، يومه (الثلاثاء) “أنقذ الحرس المدني هشام من الإعادة القسرية إلى الجزائر في اللحظة الأخيرة، وعند وصوله إلى برشلونة ليلة الخميس 17 أكتوبر، اختطفه أربعة رجال مسلحين يرتدون أقنعة، على بعد أمتار قليلة من مقر إقامته الذي كان من المقرر أن يقيم فيه أثناء إقامته.
وقال عبود: “وضعوني بعنف في المقعد الخلفي لسيارة بدون لوحات أرقام، انطلقت بسرعة كبيرة في اتجاه مالقة، بناءً على أوامر زعيم العصابة”. وكان الزعيم مبتهجًا على الهاتف، قائلاً لرؤسائه “لقد أمسكنا به”.
وأضاف: “وكان الخاطفان اللذان كانا يحتجزاني هما الوحيدان اللذان بقيا عندما اقتحم الحرس المدني المكان، فرت بقية المجموعة، وكنت أغطي عيني بقناع، ولم أستطع أن أفهم ما كان يحدث، كل ما أعرفه هو أن الرجلين اللذين كانا يرفعاني من ساقي سمحا لي بالرحيل. أما الرجلان الآخران اللذان كانا يمسكان بي من ذراعي فقد بدأا في جرّي على الأرض لإبعادي عن رجال الدرك. استلقينا على بطوننا ولم أستطع أن أفهم شيئًا”.
ومضى قائلا: “عندما سمعت أصوات رجال الدرك، خلعت الشريط الذي يغطي فمي، ورفعت غطاء الرأس ورأيت السنغاليين، سألته عما يحدث. قال: “القراصنة”، وبدأت أفكر وقلت لنفسي إنني أفضل القراصنة على الخاطفين”.
ززاد” “قبل أن أتمكن من الصراخ، أمرنا الحرس المدني بالوقوف ورفع أيدينا، ثم صرخت “رهينة، رهينة” وأريتهم يدي المقيدة حتى يفهموا أنني لا أستطيع الوقوف، لقد رأوا أن جذعي كان عارياً وسروالي كان مليئاً بالطين، قيدوا يدي الخاطفين على الأرض ثم ساعدني أحدهما على النهوض قبل فك قيده”.
وعلى ضفاف نهر في ليبريخا، وهي قرية تبعد حوالي خمسين كيلومتراً عن مدينة إشبيلية، حدثت المعجزة أخيراً. وبينما كان أربعة إرهابيين على وشك ركوب قارب نهري، وقد غطوا رؤوسهم وأعينهم بأقنعة، وأيديهم مقيدة بإحكام وأفواههم ملفوفة بشريط لاصق، وصلت فجأة إلى مكان الحادث فرقة من سيارات الحرس المدني.
وبدأ الإرهابيون في الفرار في تدافع. ولم يبق من المجموعة سوى سنغالي وشمال أفريقي ممسكين بذراعي هشام عبود. وألقي القبض عليهما في النهاية من قبل أفراد من أجهزة الأمن الإسبانية.
وتلقى هشام عبود العلاج اللازم في المستشفى المدني بالمدينة قبل بدء الإجراءات الأمنية والقضائية للتحقيق، والتي كشفت عناصرها الأولى عن الاتفاق المخزي الذي تم التوصل إليه بين دولة تتظاهر بالاحترام ومنظمة إرهابية دولية مكونة من مرتزقة من جنسيات مختلفة لنقل المخدرات وحماية تحركات تجار المخدرات.
واستنادا إلى المجلة الإسبانية، فإنه وفي نهاية محنته، أعلن هشام عبود، وهو في حالة نفسية غامرة، أنه “لم يجد الكلمات المناسبة للتعبير عن امتنانه للحرس المدني الإسباني، وخاصة لأعضاء لواء لبريجة”.
وأضاف أن محاميه “الساقلي عبد الجليل سيتوجه قريبا إلى رئيس الحكومة الإسبانية للتنديد بهذا العمل العدائي الذي قام به النظام الجزائري، الذي استخدم خدمات منظمة إرهابية على الأراضي الأيبيرية لتنظيم عملية اختطاف صحافي مسالم”.
تعليقات الزوار ( 0 )