شارك المقال
  • تم النسخ

الشيخ المغربي سعيد الكملي: “الإسلام نقل العرب من الأمية إلى الأستاذية ومن الجاهلية إلى العالمية

قال الشيخ والداعية المغربي، سعيد الكملي، إن “الإسلام نقل العرب من الأمية إلى الأستاذية، ومن الجاهلية إلى العالمية، وحدث هذا التغيير بتغير التصور للدنيا، حيث فهم العرب من خلال الإسلام أنهم مستخلفون في الأرض، وأنهم مطالبون بإعمارها”.

وأوضح الكملي، خلال النسخة الثانية لموسم الندوات 2023، والذي نظمته وزارة الثقافة القطرية، بالتعاون مع كل من جامعة قطر والمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومكتبة قطر، أخيرا، أن “الإسلام يحض أتباعه على إعمار الأرض، مستندًا في ذلك إلى حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم: إذا قامت الساعة، وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها”.

وأضاف الشيخ سعيد الكملي، في الندوة التي حملت وسم “تأثير الحضارة الإسلامية على الغرب”، وأدارها الداعية يوسف عاشير، أن “بعض المؤلفات أنصفت المسلمين، إذ أن المؤرخين والمؤلفين رغم كراهيتهم للمسلمين، إلا أنهم أنصفوهم”.

استفادة الغرب من الحضارة الإسلامية

وتوقف في هذا السياق عند رأيين، الأول، “يتمثل فيما رآه بعض المؤرخين من أن إنجازات المسلمين تنحصر في الترجمة من الإغريقية والرومانية إلى اللغة العربية وتم حفظ ذلك من الضياع إلى أن تسلمه الغرب في عصور النهضة وقام بتطويره”، والثاني رأي” نفى أي تأثير للحضارة الإسلامية على الغرب، واعتبر أن العقل العربي قاصر بطبعه، معتبرين أن المسلم يتدين بدين هو عدو للعقل والدين، على حد زعمهم”.

واستند في ذلك، إلى قول “فولتير”: نـحن مدينون للمسلمين بالكيمياء والفيزياء والطب والفلك والفنون، كما كان له قاموس محمول، قال فيه إننا مدينون لهم بالجبر، وكان يقصد العرب، بالإضافة إلى قول المستشرق الغربي جوستيف: إن العرب هم من علموا الغرب الكيمياء والفنون والفيزياء والفلسفة”.

كما رد الشيخ المغربي، على مزاعم بعض الغربيين، وقال: “إن الإسلام جاء لأمة عربية أمية ليس لديها علوم مدونة، إلا بعض ما تحتاجه في طبيعة عيشها البدوي، وهي كلها لم تكن علومًا مدونة أو ضوابط قانونية، إلا بعض الأمور التي يتم من خلالها الفصل في الخصومات”.

ولفت إلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يحب النظام حتى في نصبه للخيام أثناء الحروب. وقال: إذا كان الأمر كذلك بالنسبة له صلى الله عليه وسلم في حبه للنظام أثناء الحروب، فما بالنا بحبه لهذا النظام في غير أوقات الحروب.

ويرى المصدر ذاته، أن “ذلك يعكس أمرًا عظيمًا في أن الدين الإسلامي يدعو الناس إلى إعمار الأرض، حتى وفي أضيق الظروف، مؤكداً أن الله تعالى زين أشياء في الدنيا، وأن الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، كان يقول إننا نفرح بما زينه الله لنا في الدنيا”.

وشدد الشيخ والداعية المغربي، سعيد الكملي، على ما “حث عليه الفقهاء من إحياء للأرض الجرداء، وتعميرها، وجريان الماء فيها، وكذلك البناء عليها، والعمل على تسويرها بأسوار لحمايتها”، مبرزا أن” الإسلام حرض الناس على العمل، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم حرض عليه، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يديه”.

وأوضح أن “مثل هذه الأحاديث النبوية الشريفة تحث المسلمين على إعمار الأرض، وهو ما عملوا به، على نـحو ما يبدو من إنجازاتهم في القرن الأول الهجري، مؤكداً أن الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أمر بخط الشوارع على عرض 20 ذراعًا وبطول 40 ذراعًا وكان من أوائل من عمل على تخطيط المدن”.

بناء قرطبة

كما توقف الكملي، عند “قول الشريف الإدريسي من أنه في زمن عمر بن عبدالعزيز بُنيت في قرطبة قنيطرة ضخمة، ولم يكن قد مضى على فتح الأندلس أكثر من عشر سنوات، وكان ذلك في القرن الأول الهجري، واصفاً هذه القنيطرة بـ”أنها كان بها 19 قوسًا وكانت تتسم بالسعة وبين كل قوس وآخر 10 أمتار، وأن طول القنطرة كان يصل إلى 300 متر”.

وأجرى الشيخ المغربي، مقاربة بين شهادات الكُتّاب الغربيين بشأن تاريخ أوروبا في العصور الوسطى وبين الأندلس التي كانت متقدمة علميًا ومعرفيًا وحضاريًا، حيث كانت الشوارع ممهدة ومنيرة، كما كانت هناك وسائل لحفظ البيئة خلافًا للعواصم الأوروبية التي لم تكن تعرف الإضاءة أو الطرق الممهدة.

وزاد بالقول، إن “الأندلس والجامعات والمراصد والمختبرات والمكتبات كانت عامرة بالمكتبات، حيث ضمت قرابة 70 مكتبة عامة حتى أن مكتبة الحاكم المستنصر كانت تضم وحدها 200 ألف مجلد منها 44 مجلدًا في الفهارس فقط وكانت هذه المكتبة في الحديث والفقه فقط”.

ولفت المتحدث ذاته، إلى أن “نتائج هذه المقارنة كلها كانت مقدمات منطقية، لأنها تبرز صعود الأطباء والعلماء والمهندسين وعلماء الجبر من المسلمين، وهو الأمر الذي اعتبره منصفو الغرب مدخلًا لتطوير الكثير من العلوم”.

وأشار إلى أن “الكثير من علماء المسلمين برزوا في صناعة عناصر الحضارة في مختلف العلوم والمعارف مثل البيروني والخوارزمي وابن سينا والفارابي وغيرهم، مبرزا أن الأمر لا يتوقف عند العلماء المشهورين بل هناك علماء كبار لم يحظوا بنفس الشهرة مثل أبو بكر ابن زهر والذي برع في الطب صاحب كتاب التيسير في المداواة والتدبير”.

بناء المستشفيات عند العرب والمسلمين

وتوقف الداعية المغربي عند بناء العرب والمسلمين للمستشفيات، حيث كان أول مستشفى بناه الوليد بن عبدالملك في دمشق عام 88 هجرية، لتنتقل إلى باقي الحواضر الإسلامية وكان بالمستشفيات غرف للمرضى، وعلاج كامل بالمجان وتخصيص ثياب لهم. واصفاً الحضارة الإسلامية بأنها كانت وما زالت حضارة أخلاقية.

وفي سياق متصل، لفت الكملي، إلى أن “كل هذه الإسهامات وغيرها للمسلمين، استفاد منها الغرب، وقام بالبناء عليها بعد ذلك، ما جعل بعض الكتابات الغربية تحرص على ترجمة مؤلفات المسلمين في العديد من مجالات العلوم”.

كما انتقل للحديث عن إشكالية ابتلاء المسلمين في العصور الحديثة، لافتاً إلى ابتعادهم عن تشييد صروح التقدم العلمي، ما جعلهم يتجهون إلى الدراسة في الجامعات الغربية، مرجعاً ذلك إلى أسباب كثيرة، منها ابتلاء المسلمين بالاستعمار وهو ما تسبب في توقف ركب التقدم.

وأشار إلى استعانة المسلمين أنفسهم بتاريخهم من الغرب، فأصبح التاريخ الإسلامي بعيون غربية، ما أثر على العقلية الإسلامية، غير أنه أبدى تفاؤله تجاه سيرورة التقدم، وقال: إن ثمة أملا في بعض الجامعات العربية لتعديل تلك المسارات.

وأبرز الداعية المغربي، أن “الحضارة الإسلامية حملت كافة مقومات صناعة الحضارة بداية من التعمير والبناء وصولًا إلى إرساء قواعد الهندسة العسكرية منذ القرن الأول الهجري عندما تم وضع قواعد لتأسيس المعالم العسكرية التي تحمي البلاد، وذلك منذ عهد معاوية ابن أبي سفيان. لافتاً إلى أن الأندلس كانت محطة مهمة وعظيمة تسللت منها مقومات الحضارة الإسلامية إلى أوروبا”.

يشار إلى أن هذه الندوة، شهدت حضورًا جماهيريًا غفيرًا، اكتظت بهم جنبات فندق الفورسيزون، كما حضر الندوة الشيخ عبد الرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة ومسعود بن محمد العامري وزير العدل، وعدد من كبار الشخصيات وجمع كبير من المثقفين والمهتمين.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي