شارك المقال
  • تم النسخ

“الشناقة” في زمن الانتخابات.. أي دو للوسطاء في المشهد السياسي المغربي؟

في العقار، الرياضة، الزواج كما في مجالات أخرى، شاع مفهوم الوسطاء بشكل كبير، ولم تعد أدوارهم التي يقومون بها هامشية، بل صاروا اليوم فاعلين أساسيين، كل في المجال الذي يعرض فيه وساطته.

ولم تحد العملية الانتخابية عن هذه القاعدة ولم تشكل الاستثناء، مئات مجندة من الوسطاء أو كما يطيب للمغاربة وصفهم بالدراجة العامية “الشناقة”، يجعلون من زمن الانتخابات بقرة حلوبا يسنزفونها حتى آخر قطرة حليب تجود به ضرعها، مستفيدين من أمل مرشح في النجاح ورغبة ناخب في مبلغ مالي معين، مهما كثُر يبقى زهيدا لا يسمن ولا يغني من جوع.

في اتصال مع أمين السعيد، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أكد أن حضور السماسرة في الانتخابات هو حضور دائم دوام فترة الانتخاب وليس حضورا مؤقتا، ينتهي بانتهاء الحملات الانتخابية، وهذا ينطبق على القرى والبوادي كما ينطبق على المدن والحواضر.

وأضاف الأستاذ الجامعي في تصريحه لبناصا، أن حضور هؤلاء السماسرة يظهر في البوادي في مناسبات متعددة، كالأعياد الدينية والمناسبات الاجتماعية المختلفة، أما في المدن فيظهر على مستوى الأنشطة والفعاليات التي تقام فيها، كدوريات كرة القدم المصغرة مثلا، حتى يمنحوا انطباعا للمُنتخبين ويُظهروا لهم أنهم يتوفرون على كتلة ناخبة كبيرة ومهمة.

وفسر المتحدث نفسه، كيف طور هؤلاء الوسطاء من استراتيجيات عملهم بشكل كامل، فبعد أن كانوا قبل سنة 2007 يظهرون فقط من استحقاق انتخابي لآخر، صاروا اليوم يتغذون من علاقتهم بالمُرشح طيلة سنوات انتخابه، ويوهمونه أن لهم وصاية على الناخبين، وأن بدونهم لن يُحقق المُرشح النتائج التي يريدها.

وحول طبيعة العلاقة بين الوسيط والمرشح، أبرز أمين السعيد أنه لا يحكمها أي شكل تعاقدي، غير انه يمكن للوسيط أن ينقلب على المرشح والبحث عن عرض آخر لكونه يقدم عوائد مالية كثيرة.

ويضيف المتحدث في السياق ذاته، أنه يمكن للوسيط، ان يُغير بوصلته إلى مرشح آخر لا لشيء إلا لأنه دفع أكثر. كما قال ” إن من غير المعقول أننا مازلنا نرى اليوم وسطاء يتاجرون في الأصوات ويقولون بالحرف: “أنا نضمن ليك 6000 صوت”.

كما تطرق السعيد إلى إشكالية الإثبات في المادة الانتخابية، حيث أقر بصعوبة تأطير عملية الوساطة الانتخابية، لكونها ظاهرة تعتمد بشكل كبير على العمل الخيري والعمل الإنساني وأيضا لقيامها على علاقات القرابة. ومشيرا أيضا إلى أن ما نحتاجه اليوم، هو انبعاث المواطن، القائم على الاستقلالية الذاتية والحرية في الاختيار، ورفض الوصاية من طرف الوسطاء.

وفيما يتعلق بالحلول المتعلقة بظاهرة الوساطة الانتخابية ، اختصرها أمين السعيد وربطها بطرفي العلاقة، حيث قال: ” الأول هو أن يستيقظ المجتمع، والذي يجب وبكل مسؤولية ووطنية أن يُثبت أنه لا يباع ولا يشترى، والثاني يبدأ من الضرب بيد من حديد على بعض المُرشحين الذين يتحملون المسؤولية الأخلاقية والسياسية جراء هذه التصرفات، وأيضا المسؤولية القانونية في حال تم إثباتها رغم صعوبة ذلك”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي