هو عنصر نشوة وغذاء فلا يكاد ينقضي يوم في المغرب دون كأس شاي. ولا يخفى على أي مغربي أو سائح أجنبي مدى حب المغاربة لهذا المشروب. يقدم الشاي في صينية دائرية الشكل تحتضن كؤوسا وإبريقا بتصميم تقليدي أصيل. هذه الصينية يلتم حولها أفراد الأسرة منتظرين كأس ” أتاي منعنع” يشرف على إعداده إما شخص عرف عليه اتقانه ذلك أو شخص اشتهر بتسلمه لهذه المهمة.
الشاي المغربي هو أول المشروبات التي تقدم في الأفراح والمناسبات مما يجعله رمزا للكرم وحسن الضيافة. وحتى في غير المناسبات فلا يخلو بيت مغربي من مكونات الشاي المغربي ولوازم إعداده. إذ تمتلك كل أسرة صينية شاي وكؤوس و”ربايع” خاصة تحتفظ بها في ركن بالصالون أو “الصالة”.
تختلف أنواع الشاي حسب المناطق وحسب طبقات المجتمع وتتمايز أيضا استعمالاته بين محتاج ومستمتع. فللشاي الساخن أهله ولحلو المذاق عشاقه، ولا يخلو للمر منه محبون. لذلك فلكل مقام حاجته إلى نوع خاص من هذه الأنواع ولا ينفك الناس ينبهرون بمذاقه في كل مرة وكأنهم يشربونه لأول مرة.
تحول الشاي المغربي، في كثير من المناطق، تحول من كونه مشروبا خاصا بالمناسبات إلى عادة غذائية، إذ أصبح يرافق الوجبات التي يتناولها المغاربة خلال اليوم كالفطور مثلا. ويعتبر الشاي الساخن مع الوجبات الغنية بالدسم والشحوم وفي المناسبات التي يقدم فيها الشواء مادة ضرورية لا غنى عنها فهو إذن نكهة ومكمل عند البعض وضرورة غذائية عند آخرين. الشاي مشروب يصعب الاستغناء عنه وهذا ما تؤكده سيدة في الخمسينات من عمرها مصابة بداء السكري إذ تقول:” بالرغم من أنه محظور علينا تناول السكريات إلا أنه لا يمكننا أن نستغني عن الشاي ولو بدون سكر، لأننا اعتدنا على شربه منذ كنا أطفالا صغارا مثلما اعتدنا أن نقدمه لكل زائر كواجب للضيافة والاستقبال وكعربون محبة”. وأردفت قائلة وقد اعتلت وجهها ابتسامة فخر واعتزاز:” الشاي تراث مغربي وجب علينا أن نحافظ على استمراريته وعلى عراقته”.
ويستعمل المغاربة لفظ الشاي عند دعوة الضيوف في المناسبات كناية عن الرغبة في حضورهم لتناول وجبات قد تكون فاخرة أحيانا تواضعا من الداعي أمام المدعوين وإيحاء بأن الجلسة لا تعدو أن تكون تحلقا حول كؤوس شاي منفردا كان أو بالنعناع.
يستغرب المغاربة عند سؤالهم عن هذا المشروب ‘المقدس’ ذلك أنهم يرون فيهم شيئا من المسلمات إذ في نظر بعضهم من المبتذل السؤال عن أهمية الشاي.
يقول “أحمد” شيخ طاعن في السن:” الشاي عندنا مشروب ننتشي به في الحفلات ترافقه الحلويات والفواكه الجافة. أما في الأيام العادية فيتحول إلى عنصر غذائي لا غنى عنه في كل بيت”.
أما المدخنون فلا قبل لهم بمقارعة سجائرهم دون رشفات الشاي البارد من كؤوس قد تظل بجوارهم طوال النهار. يؤكدون ذلك عندما ترى الكؤوس لا تفارق جلساتهم البتة.
تعليقات الزوار ( 0 )