قال رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أحمد رضى شامي، اليوم الأربعاء بالرباط، إن جودة التكفل بالمستعجلات الطبية تبقى دون مستوى الحاجيات المتزايدة والمعايير المعمول بها على الصعيد الدولي.
وأوضح رضى الشامي، في كلمة ألقاها خلال لقاء تواصلي نظمه المجلس لتقديم مخرجات رأيه حول موضوع:” تحسين منظومة التكفل بالمستعجلات الطبية من أجل الحفاظ على الحياة البشرية وإنقاذها وضمان علاجات ذات جودة للجميع”، أن جودةَ التكفلِ بالمستعجلاتِ الطبية تبقى دون مستوى المعايير الدولية، على الرغم من الجهود المبذولة خلال السنوات العشرين الأخيرة من طرف السلطات العمومية الصحية لتجاوز النواقص المتراكمة.
وقال إنه تم في هذا الصدد الوقوف على جملة من أوجهِ القصور، منها ضعف التنسيق بين مصالح الوقاية المدنية والمراكز الاستشفائية الجامعية والجماعات والمصحات الخاصة الترابية والبنيات الاستشفائية غير الربحية، وضعف التنظيم الطبي من قبل خدمات المساعدة الطبية المستعجلة (SAMU) التي لوحظ أنها تبقى غير معروفة بالقدر الكافي، وغير منفتحة على القطاع الاستشفائي الخاص، وغيرَ متاحة في ثلاثِ جهات، وتُعاني من محدودية الموارد البشرية والوسائل اللوجستيكية المرصودة لها.
كما تم الوقوف ، يضيف شامي، على مواطن قصور على مستوى قطاع النقل الصحي العمومي والخاص، وهو ما قد يفاقم أحيانا الحالة الصحية للمرضى والمُصَابين، إضافة إلى غِياب معايير إلزاميةٍ للقطاعين العمومي والخاص بشأن المنشآت والتجهيزات وآليات تنظيم مصالح المستعجلات الطبية.
وأشار أيضا إلى الخصاص المسجل في الموارد البشرية الطبية وشبهِ الطبية المؤَهلة والمتخصصة، مبرزا أنه بعد مرور 20 سنة على إحداث تخصص طب المستعجلات، لا يتوفر المغرب سوى على 29 طبيبا في هذا التخصص .
وفي نفس الإطار، نبه شامي إلى البطء المسجل في وصول سيارات الإسعاف ( ما بين 40 إلى 195 دقيقة) والتي تكونُ في الغالب غيرَ مجَهزَة ( الأوكسجين، جهاز الإنعاش القلبي، نقل الرضع…إلخ)، ولا ترافقها أطر صحية مؤهلة ، فضلا عن الاكتظاظ في أقسام المستعجلات ، وقلة الأطر الطبية المختصة، أو غياب الخدمات الاستعجالية في بعض البنيات الاستشفائية.
من جانب آخر، أكد رضى شامي أن سلسلة المستعجلاتِ الطبية هي جزء لا يتجزأ من منظومة الخدمات الصحية التي يتعين على السلطاتِ العمومية أن توفرها للمرتفقين، وذلك تجسيدا لفعليةِ الحقِ في الحياةِ وحفظِها، والحقِ في الولوج إلى العلاج، والعنايةِ الصحية، مشيرا إلى أنها من الحقوقٌ الأساسية التي يُقِرُّها الدستور ، ليس فقط لأنها تَندرجُ ضِمْنَ مقوماتِ المُواطَنةِ الكاملة ، ولكن لأن الصحةَ تُمَثِّلُ كَذَلِكَ ركيزةً لا غِنَى عنها لتحقيقِ الارتقاءِ الاجتماعي والتقدمِ الاقتصادي.
وفي هذا الصدد دعا رضى شامي إلى إعداد دفاتر تَحَملات تُشَكِّل إطاراً مَرْجعياً إلزاميا يُطبَّق على المؤسسات الاستشفائية في القطاعين العام والخاص، وذلك بشأن المنشآت والتجهيزات والموارد البشرية وتنظيم أقسام المستعجلات الطبية ، فضلا عن العملُ على الاستثمارِ الأَمْثَل للتكنولوجيا الرقمية في ضَبْطِ وتنظيمِ التكفلِ بالمستعجلات الطبية (الاستشارة الطبية عن بعد téléconsultation وخِدمة الخبرة عن بعد téléexpertise…إلخ).
وارتكز رأي المجلس بالإضافةِ إلى جلساتِ الإنصات إلى الفاعلين المؤسساتيين والمهنيين والمجتمع المدني، على نتائج الاستشارة المواطِنة التي أطلقها في الموضوع على منصته التشاركية الرقمية “أُشارك” (ouchariko.ma). وقد بلغ عدد التفاعلات 79 ألفا و233 من بينها 621 إجابة على الاستبيان.
ووفق خلاصات هذه الإستشارة، صرح حوالي 93 في المائة من المشاركين بأنه سبق لهم اللجوء إلى منظومة المستعجلات الطبية، 12 في المائة منهم قالوا إن التكفل كان فوريا وأكثر من نصف الحالات تم في غضون ساعة واحدة، وحوالي 12 في المائة اضطرت للانتظار أربع (4) ساعات.
وأعد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي رأيه حول هذا الموضوع، في إطار إحالة ذاتية، يتوخى منه تحليل الوضعية الحالية لسلسلة المستعجلات الطبية في المغرب لمعالجة اختلالاتها الحالية وتوفير علاجات آمنة، بدون تأخير، فعالة، منصفة ومتمحورة حول المريض.
تعليقات الزوار ( 0 )