على بعد ساعات قليلة من اقتراع الثامن من شتنبر الذي سيفرز خريطة سياسية جديدة محليا وجهويا ووطنيا، أثيرت توقعات تفيد أن حزب العدالة والتنمية قد يمنى بالهزيمة في هذه الانتخابات بعد ولايتين لم ترق حصيلتهما لتطلعات المغاربة، فيما يعتقد مراقبون أن حظوظه في الفوز تبقى قائمة، وإن كانت القوانين الانتخابية الجديدة لا تصب في مصلحته.
رفض جماعي وتصويت عقابي
ومع دخول الحملة الانتخابية الممهدة لاستحقاقات المقبلة مرحلة مفصلية بالنسبة للأحزاب المتنافسة، وفق شروط واجراءات جديدة تفرضها ظروف جائحة كورونا، اتسمت هذه المرحلة بالرفض الجماعي الذي واجه به مواطنون حزب العدالة والتنمية في مجموعة من المناطق المغربية، فأُحرج نوابٌ ومنتخبون وقيادات بارزة في الحزب، ومُنعت في بعض الاحيان من إكمال الحملة الانتخابية لحزب المصباح.
وبالموازاة مع ذلك تناسلت مجموعة من الدعوات للتصويت العقابي ضد الحزب، وخرجت منظمات نقابية وجمعيات مدنية وشخصيات عمومية من عالم الفن والرياضة والاعمال تدعو لعدم التصويت للحزب، بالإضافة الى رواد ومواقع التواصل الاجتماعي فيما يشبه رفضا جماعيا لعشر سنوات من التدبير العمومي، وهي خاصية غير مسبوقة في تاريخ الاستقطاب السياسي والانتخابي المغربي.
تمرير للقوانين واستهداف للجيوب
في هذا الصدد فسر المحلل السياسي حسن بلوان، لجريدة “بناصا” دوافع وأسباب مناهضة للحزب الإسلامي في ست نقاط أساسية: الأولى تتمثل في “كون أغلبية المغاربة يحملون حزب العدالة والتنمية مسؤولية الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المغرب منذ عشر سنوات خاصة بالنسبة للفئات الفقيرة والهشة التي زادتها ظروف الجائحة فقرا وهشاشة”.
أما السبب الثاني فأرجعه الخبير في العلوم السياسية إلى “سخط الطبقة الوسطى على الحزب الاسلامي الذي استهدف مباشرة جيوب هذه الفئة التي كانت أكبر خزان انتخابي للحزب خلال الولايتين التشريعيتين السابقتين، وتتمثل النقطة الثالثة حسب بلوان في “مناهضة معظم المنظمات النقابية للحزب الذي قاد الائتلاف الحكومي وأغلق باب الحوار، وساهم في تمرير قوانين صعبة تمس مباشرة فئة العمال والموظفين كالتقاعد والتعاقد”.
حاجة إلى حكومة منسجمة
ومن بين الدوافع البارزة وفقا للمحلل السياسي “دخول قيادات بارزة في الحزب في مواجهات ومشادات مباشرة مع المواطنين وخاصة رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين يردون الصاع الان للحزب من خلال دعوات واسعة النطاق للتصويت العقابي ضد الحزب الإسلامي”.
ومن جانب ذي صلة قال بلوان، إن “ذلك يعزى أيضا لوعي المغاربة بحاجتهم لحكومة منسجمة وحزب قوي يقود الائتلاف الحكومي لحسن تنزيل النموذج التنموي الجديد، وتدبير مرحلة وتحديات ما بعد جائحة كورونا.
وأردفت الجهة عينها أن “ضعف الحزب التنظيمي وزوال جاذبيته السياسية وتزايد الصراعات الداخلية ساهم في إضعاف الماكينة الانتخابية للحزب، خاصة مع مغادرة طيف مهم من مناضليه إلى أحزاب منافسة، وهو ما انعكس سلبا على قوة حملته الانتخابية المعهودة”.
ضريبة فشلٍ في التسيير
ومما خلص إليه حسن بلوان أن “رقعة الرفض الجماعي للحزب الاسلامي تتسع قبل أيام قليلة من الانتخابات الشاملة والحاسمة للثامن من شتنبر التي ستفرز لا شك خريطة سياسية مختلفة محليا وجهويا ووطنيا”، مؤكدا على “أن الحزب سيدفع ضريبة الإخفاق والفشل الذريع في تسيير الشأن العمومي في ظل دستور جديد وقوانين الحكامة المتقدمة أعطت صلاحيات مهمة للحكومة، مما ضيع على المغرب والمغاربة فرصة الاصلاحات الشاملة”.
تعليقات الزوار ( 0 )