شارك المقال
  • تم النسخ

السنوار.. من معتقلات الاحتلال إلى قيادة “حماس” والتخطيط لـ7 أكتوبر ـ (فيديوهات)

خرج يحيى السنوار، الذي أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس الخميس، اغتياله في عملية عسكرية في غزة، من ظلّ المعتقلات الإسرائيلية إلى زعامة حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وكان هدفا رئيسيا لدولة الاحتلال، الذي تعتبره مهندس هجوم السابع من أكتوبر 2023.
ولد السنوار في مخيم خان يونس للاجئين الفلسطينيين في جنوب قطاع غزة، وانضم الى حركة “حماس” التي أسسها الشيخ أحمد ياسين قبل الانتفاضة الفلسطينية الأولى في عام 1987.
أنشأ في 1988 الجهاز الأمني للحركة (عرف باسم “المجد”)، وهو المسؤول عن ملاحقة المتهمين بالتجسس لحساب إسرائيل ومعاقبتهم وصولا الى إعدامهم في بعض الأحيان.
وحسب محضر التحقيق الذي خضع له في إسرائيل ونشرته وسائل إعلام عبرية، اعترف السنوار بخنقه متعاونا مع إسرائيل بالكوفية حتى الموت في مقبرة في خان يونس.
تخرّج من الجامعة الإسلامية في غزة وتعلّم العبرية التي يتقنها بمستوى جيد خلال 23 عاما أمضاها في السجون الإسرائيلية. ويقال إنه تمتع بفهم عميق للثقافة والمجتمع الإسرائيليين.


حكم عليه بالمؤبد أربع مرات بتهمة قتله جنديين إسرائيليين. وكان من بين 1027 فلسطينيا أفرج عنهم في عام 2011 في صفقة تبادل مع الجندي الفرنسي الإسرائيلي جلعاد شاليط. أمضى السنوار 23 عاما في السجون الإسرائيلية، ثم تولى مسؤوليات أمنية داخل “حماس” وصولا إلى رئاسة مكتبها السياسي في خضم الحرب الحالية في قطاع غزة إثر اغتيال إسماعيل هنية في طهران في 31 يوليو.
لم يكن السنوار من قادة “حماس” الذين يظهرون إعلاميا حتى اختياره رئيسا للحركة في غزة، حيث ظهر بعدها في لقاءات صحافية وألقى خطابات جماهيرية.

ضرب العدو بقوة

قبل توليه منصب رئيس الحركة في غزة، كان مكلفا في إطار عضويته في المكتب السياسي بمهمة التنسيق والتواصل مع الجناح العسكري كتائب “القسام”.
حاولت دولة الاحتلال اغتياله في الحرب السابقة على غزة عام 2021 لكنها فشلت، وكرست كل جهدها لاغتياله منذ بداية الحرب الحالية الى أن أعلنت اغتياله بالصدفة.
وقبل إشرافه على تنفيذ هجوم السابع من أكتوبر، لم يخف السنوار رغبته في ضرب عدوه بقوة.
ففي خطاب ألقاه في العام السابق للهجوم، تعهد السنوار بإرسال طوفان من المقاتلين والصواريخ إلى إسرائيل، ملمحا إلى حرب قد توحد العالم لإقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، أو تترك إسرائيل معزولة على الساحة العالمية.
ووقت إلقاء الخطاب، كان السنوار والضيف قد أعدا بالفعل خططا سرية للهجوم. بل كانا يجريان تدريبات علنية تحاكي مثل هذا الهجوم.
تقول ليلى سورا، من المركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية في باريس، إن التخطيط للهجوم ربما استغرق عاما أو عامين، مضيفة “هذه استراتيجيته، هو من خطط له” قبل أن “يفاجئ الجميع” ويحاول “تغيير ميزان القوى على الأرض”.
في عام 2017، وبعد انتخابه زعيما للحركة في قطاع غزة، التقت وكالة “فرانس برس” أبو عبد الله المنتمي الى “حماس” والذي أمضى بضع سنوات مع السنوار في المعتقلات الإسرائيلية. وقال إن السنوار معروف خصوصا بتكتمه لا سيما أنه رجل أمني “بامتياز”.
وأضاف أن السنوار “يتخذ قراراته بهدوء تام لكنه صعب المراس عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن مصالح حماس”.

«راديكالي وعملي»

كان السنوار يطمح إلى إقامة دولة فلسطينية واحدة تجمع بين قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة من إسرائيل إلى جانب القدس الشرقية منذ 1967.
ووفقا لمجلس العلاقات الخارجية في الولايات المتحدة الأمريكية (مركز أبحاث)، تعهّد السنوار بمعاقبة أي شخص يعرقل المصالحة مع حركة “فتح”. وبعد فوز “حماس” في الانتخابات التشريعية في غزة عام 2006، خاضت الحركة نزاعا داميا مع حركة فتح أفضى إلى طرد الأخيرة من القطاع وسيطرة “حماس” بالكامل عليه في 2007. ورغم تقارب واضح في العلاقات، إلا أن جهود المصالحة بين الحركتين الفلسطينيتين جميعها باءت بالفشل.
لكنهما اتفقتا على “إنهاء الانقسام” والعمل معا لتشكيل “حكومة وفاق وطني موقتة” لإدارة الضفة الغربية وقطاع غزة، وفق ما جاء في “إعلان بكين” الذي وقعته الحركتان مع أبرز الفصائل الفلسطينية برعاية الصين في 23 يوليو.
وتقول سورا إن السنوار اعتمد مسارا “راديكاليا في التخطيط العسكري وآخر براغماتيا في السياسة”. وتضيف “إنه لا يدعو إلى القوة من أجل القوة بل من أجل إجراء مفاوضات” مع إسرائيل.
وقال ستة أشخاص يعرفون السنوار لـ “رويترز” إن عزيمته تشكلت بفعل سنوات طفولة فقيرة قضاها في مخيمات اللاجئين في غزة و22 عاما في سجون إسرائيل، من بينها فترة قضاها في عسقلان، المدينة التي يصفها والداه بأنها موطنهما الذي فرا منه بعد حرب 1948.
وأجمعت كل المصادر الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم أن مسألة مبادلة السجناء بالرهائن مسألة شخصية جدا للسنوار. فقد قطع على نفسه عهدا بإطلاق سراح جميع المحتجزين الفلسطينيين في إسرائيل.


وقال مسؤول كبير في “حماس” طلب عدم الكشف عن هويته إن قوة العقيدة والإصرار على الهدف هما الأساس في تكوين عزيمة السنوار، مضيفا: هو متقشف وزاهد يرضى بالقليل.
قبل الحرب، كان السنوار يحكي أحيانا عن حياته المبكرة في غزة خلال عقود من الاحتلال الإسرائيلي.
وقال ذات مرة إن والدته كانت تحيك الملابس من الجوالق، وهي الأجولة المتبقية بعد تفريغ المساعدات الغذائية التي تقدمها الأمم المتحدة، حسب ما ذكره وسام إبراهيم، وهو أحد سكان غزة ممن التقوا بالسنوار.
وفي رواية كتبها في السجن فيما يشبه السيرة الذاتية، وصف السنوار مشاهد للقوات الإسرائيلية وهي تدمر المنازل الفلسطينية كوحش يسحق عظام فريسته، قبل انسحاب إسرائيل من غزة في عام 2005.
وقال أربعة صحافيين وثلاثة مسؤولين من “حماس” إن تفهمه للصعوبات اليومية والواقع المضني في غزة أكسبه شعبية لدى سكان القطاع وجعل الناس يشعرون بالارتياح، على الرغم من سمعته كشخص مهيب الجانب وغضبه القابل للانفجار.

معاهدة أوسلو «دمار»

واكتسب السنوار شهرة كبيرة كزعيم في السجن، وبرز كبطل شعبي.
وقال نبيه عوادة، وهو ناشط شيوعي لبناني سابق سُجن مع السنوار في عسقلان بين عامي 1991 و1995، إن زعيم “حماس” “كان يعتبر معاهدة أوسلو دمارا”، في إشارة لاتفاقات السلام عام 1993 بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وأنها خديعة من إسرائيل التي قال إنها لن تتخلى عن الأراضي الفلسطينية إلا بالقوة، وليس عن طريق المفاوضات.
وأوضح “كان يقول إن المواجهات هي إللي ممكن تحقق إنجازات وهو أعند من نتنياهو. ورأسه مثل الحجر”.
ووصف عوادة السنوار بأنه صلب العقيدة وقوي العزيمة. وقال إن وجه زعيم “حماس” كان يشع فرحا كلما سمع عن هجمات ضد الإسرائيليين من “حماس” أو جماعة “حزب الله” اللبنانية، فبالنسبة للسنوار “الطريق الوحيد لتحرير فلسطين هو طريق المقاومة”.
وأضاف أن السنوار كان “كتير ديناميكي وكاريزماتي” وكان له تأثير على كل الأسرى حتى على الذين لم يكونوا إسلاميين أو متدينين.
وقال مايكل كوبي، المسؤول السابق في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) الذي استجوب السنوار لمدة 180 ساعة في السجن، إنه كان يتمتع بحضور واضح بسبب قدرته على الترهيب والقيادة.


وسأل كوبي ذات مرة السنوار الذي كان يبلغ من العمر حينذاك 28 أو 29 عاما، لماذا لم يتزوج. وقال كوبي إن السنوار “قال لي إن “حماس” هي زوجتي، و”حماس “هي ولدي. و”حماس” بالنسبة لي هي كل شيء”. وتزوج السنوار بعد إطلاق سراحه من السجن في 2011 وأنجب ثلاثة أطفال.
وبين عوادة إنه واصل في السجن مهمة ملاحقة الجواسيس الفلسطينيين، وهو ما يتطابق مع تقارير محققي جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت).
وأوضح أن ذهنه المتقد وتوخيه لأقصى درجات الحذر مكناه من كشف عملاء الشين بيت المندسين في السجن.
وأضاف أن قيادة السنوار لعبت دورا محوريا في إضراب عن الطعام عام 1992 تزعم فيه أكثر من 1000 سجين للعيش على الماء والملح فقط. وتفاوض السنوار مع سلطات السجن ورفض التسوية مقابل تنازلات جزئية.
واستغل فترة سجنه لتعلم اللغة العبرية بطلاقة.
وقال عوادة إن السنوار كان يتذكر من حين إلى آخر أن عسقلان التي سجنا فيها سويا، هي مسقط الرأس والبلد الأم لعائلته.
وحين كان يلعب تنس الطاولة في باحة سجن عسقلان، التي أصبحت جزءا من إسرائيل اليوم، كان السنوار يلعب في كثير من الأحيان حافي القدمين.
وأضاف “كان عندما يلعب البينغ بونغ يكون حافيا من دون حذاء. أسأله لماذا أنت حاف يقول إني ألمس أرضي. أرض فلسطين”.
وقال “كان يقول لنا أنا لست في السجن، أنا في أرضي. هنا أنا في بلدي”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي