شارك المقال
  • تم النسخ

الرغبة في التجاوز لا تقبل المُقامرات السياسوية وهدراً للفُرَص التاريخية!!

كل ما هو طبيعي يأتي جميلاً بالفطرة و أنيقاً بالإبداع، بينما الفساد لا يفرز إلا قُبحاً و رداءةً و تخلفاً. حين يكون الإنسان خارج دائرة الرؤية و الفعل يأتي النسق مُتَّسخاً ومُعَاقاً و كارثة تعكس في عمقها و حقيقتها بنية تدبيرية مُشَوَّهة و رديئة و أنماطاً للتفكير و التسيير عقيمة و ارتجالية وارتجَاج. نحكي من واقع يؤثثه الهامش أو الهوامش المؤسساتية و قطعاً ليس من موقع العدمية – المنسوبة اليوم للسياسة العمياء و خطاباتها الجوفاء- لأن الوطن بالانتماء و حتماً يتجاوز مفهوم الرقعة و الإنتساب بالإدعاء.

فالمعلوم هو أن مستوى تفوُّق و تحضُّر المجتمعات يقاس اليوم بالفوارق الطبقية و مدى تقليص الإقصاء و احتواء الفئات الهشة اجتماعياً و اقتصادياً و ثقافياً. فالتخلف لا  و لن يُصلِحَه اجترار نماذج تنموية تستهلك الأزمنة بأبنية عقيمة تتجوهر في فراغها حول التغييب الممنهج لإرادة التغيير. فمشاريع الأوطان في أصلها و جوهرها رُؤى و خيارات تَليها خُطوات بإجراءات.

هناك من يستثمر في الإنسان لأنه هو المصير و الرهان و مستقبل المجتمع و الدولة من هنا يأتي دور المؤسسات التعليمية والجامعات. و هناك من اختار أن يستثمر في ولاءات مزيفة لطبقة معينة لا يضيرها أن تقايض ثمن ولاءاتها المصطنعة بالريع و الفساد و استغلال مقدرات الدولة و المجتمع واغتيال الكفاءات. أما بالنسبة لبقية الشعب أي الطبقة الكادحة -مِلْحُ الأرض- فَقَدَرُها أن تعتاش كيفما اتُّفِق عليه في ظُلمَة الليل.

إن تشييد وبناء المجتمع والرغبة في التجاوز لا يتطلب مُقامَرات سياسوية وهدراً للفرص التاريخية بقدر ما تكفيه أربعة أعمدة كحدود دُنْيَا، وسقفا حاضنا وجامعا يضع الإنسان في صلب اهتمامات النسق و أولوياته.
أولاً عمود تَمَلُّك القرار السيادي وثانياً الرؤية الإستراتيجية و ثالثاً إحسان الفعل و إتقان التدبير بالكفاءة ورابعاً تنزيل الحكامة و آليات الرقابة و المحاسبة. أما السقف فهو العدل و الإنصاف بما يضمن تحصيناً أفقياً للبناء و ضبط للإنزلاقات الشخصية و الإنفلاتات المؤسساتية. هكذا كان العدل دائماً و أبداً أساس الحكم وكان الظلم مؤذن بِخَراب العُمران كما حذَّر “ابن خلدون”.

واليوم أيضاً، بالإمكان أن يكون سقف الوطن بما يحتوِيه حِصناً للجميع بدل أن يرتهن لِمَن يتحكمون في القرارات و المقدرات وتحريف المسارات فيما المعذبون في الرقعة و القابعون في الهوامش منهم من يكتوي بنار المعاناة و منهم من يحتضر في ظلام و صمت.

“إنه منطق الجواز”

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي