دقت ساعة الحقيقة، فهانحن نقف قريبا على أعتاب الخروج الكبير، والرجوع المحفوف بالمخاطر المجهولة، فكأننا نخرج من بطون أمهاتنا لأول مرة، وننظر إلى العالم في استغراب وذهول، كأننا نلتمس المشي لأول مرة ونحن نخشى السقوط فقد لبثنا في كهوفنا واقفاصنا، شهورا عددا ،حتى تعودنا سجوننا الاختيارية ، فما حقيقة وقصة ماجرى في العالم طيلة هذه المدة الماضية ، هل عشنا الخدعة العظمى، أم أنها كانت الحقيقة الكبرى، كيف سنعيش في زمن ما بعد كورونا، هل سنستطيع احتضان أحبابنا، ومصافحة أصحابنا وتقبيل عوائلنا، أم أن زمن الحب قد مضى وولى إلى غير رجعة؟
هل سنصبح أكثر فردانية وانعزالية وأنانية، أم أننا سنكتشف عمق إنسانيتنا وأحتياجنا الانطلوجي لبعضنا البعض؟ كيف سيكون حال أوضاعنا النفسية والاقتصادية؟ هل سنعيش عبثية وجودية تطرح علامات الاستفهام حول المعنى من الحياة والغائية من الكينونة، وقد أصبح الموت مهددا للكافة، والجوع قريبا من الجميع؟
حتى الطبقة المتوسطة من أصحاب المهن الحرة، والمقاولات قد أصبحث تعاني من أثار الوباء الخطيرة، وهي الآن على شفا جرف هار، وقريبة من الانهيار الكبير في ظل سنة فلاحية ضعيفة جدا، وحتى لو اختفى الفيروس نهائيا،وهذا أمر مستبعد فإن الآثار الوخيمة والمأساوية لن تظهر إلا خلال السنة المقبلة، أما إذا حدثث موجة ثانية من الوباء لا قدر الله خلال الخريف القادم،بعد الخروج الكبير فإن الكارثة ستكون أكبر، ولن يتم القضاء على هذه المخاوف إلا في حالة اكتشاف لقاح لهذا الوباء اللعين.
ورغم كل شىء، وسواء كان الوباء حقيقة أو خدعة ،،لابد من الرجوع إلى الحياة ومقاومة المخاطر المنتظرة مع ضرورة اتخاذ التدابير الاحترازية اللازمة والتزام قواعد التباعد الاجتماعي والاستمرار في الحرص على النظافة والصابون وغسل اليدين ووضع الكمامات، لا يجب التساهل في هذه الأمور حتى لا نندم وأن لا نستخف بالأوضاع الصحية الحالية والسخرية الغبية البلهاء من المرض إلى حين اختفائه نهائيا فالبشرية بعلمائها ومختبراتها لم تستطع التعرف على هويته وطبيعته لغاية يومنا هذا ولا زالت الأخبار والمعلومات متضاربة حوله، فعالم بالشرق يستخف به وعالم آخر بالغرب يحذر من خطورته وجماهير غفيرة تخرج الي المقاهي والملاهي بفرنسا غير آبهة بشيء ومئات الآلاف بأمريكا من المتظاهرين والمحتجين المتدافعين والمتزاحمين يرفضون العنصرية أكثر مما يخافون من كورونا، ويفظلون العيش بحرية ساعة واحدة، على العيش في عبودية سنين طويلة، فهل عشنا الوهم الكبير أم أنها كانت مجرد كوابيس وأحلام مرعبة.
لا بد من الرجوع ومغادرة منازلنا بعد رفع الحجر الصحي طبعا، رغم كل المحاذير فإما حياة أو موت، ولا مكان للاختباء، لأن مستقبلنا ومستقبل أبنائنا على كف عفريت.
الموت بالوباء خير من الموت جوعا !
تعليقات الزوار ( 0 )