استمرارا لأنشطتها العلمية؛ نظمت مجلة “رباط الكتب” بتعاون مع “مركز تواصل الثقافات” بالرباط ندوة علمية في موضوع “الرواية والسياسة” أمس السبت 12 يونيو 2021، سيرها الأستاذ محمد الداودي من جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء.
وقد تناول الكلمة الأستاذ عبد الأحد السبتي رئيس جمعية رباط الكتب، فرحب بالمحاضرين والحاضرين مذكرا بما لهذه الندوة من مكانة خاصة عند المنظمين لها، خاصّة وأنها أول جلسة علمية حضورية منذ فرض حالة الطوارئ الصحية في المغرب، كما سلط الضوء في ذات الآن على وضع الأنشطة الثقافية في المغرب في ظل الحالة الوبائية الراهنة التي فرضت على الساهرين على هذا النشاط استدعاء عدد محدود من الباحثين المحاضرين والحضور، وذلك بسبب إجراءات الطوارئ الصحية.
وقال الأستاذ عبد الأحد السبتي إن تنظيم هذه الندوة يدخل ضمن تعزيز ثقافة تداخل المعارف أو التخصصات عبر قراءة أعمال متميزة تتيح هذه الثقافة. ويظهر هذا جليا في الأعمال السابقة التي نظمتها المجلة، واليوم تعالج الندوة موضوع الرواية والسياسة. وسيكون هذا اللقاء مثمراً وفيه عدة جوانب تطرقت لها النصوص العربية والأجنبية المؤسسة.
وبعد استراحة شاي انطلقت أشغال الندوة، فقدم في البداية الدكتور عبد الحي مودن ورقة علمية بعنوان “نحو تصالح علم السياسة مع الرواية”؛ أما المداخلة الثانية فقدمها الدكتور عبد الرحمان التمارة بعنوان “تسريد الدمار: الربيع العربي في الرواية العربية من خلال رواية “الموت عمل شاق”، في حين تناولت المتدخلة الثالثة الدكتورة مليكة المعطاوي موضوع “أمريكا وثنائية العنف والسلام في منطقة الشرق الأوسط”. وفي المداخلة الرابعة تناول الكلمة الدكتور محمود عبد الغني وعرض مداخلته العلمية بعنوان “ما الذي ينتظره القارئ من روايات “الربيع العربي””.
أما المداخلة الخامسة فقد كانت للدكتور خالد مجاد بعنوان “تشعبات السياسة في رواية باغندا لشكري المبخوت”. وفي الختام، تناول الكلمة الدكتور أحمد بوحسن وقدم مداخلته في موضوع “تقاطع مسارات التاريخ وفن الرسم والسياسة في رواية “حبس قارة” لسعيد بنسعيد العلوي”.
وقد أشار عبد الحي المودن إلى مسألة عدم خلو أي نص من السياسة، وأنه من المفيد ترك تقييم درجة تسييسه للقارئ. كما ألمح إلى أن هذه القضية تثير خلافات كبيرة بين النقاد. لكن بالأساس هناك حاجة ملحة لتطوير مناهج نقدية تسمح بمعالجة مواضيع مثل العنف والاستبعاد السياسي والاجتماعي والتسلط.
وبخصوص روايات شكري المبخوت، فقد أشار الباحث مجاد خالد إلى أن السياسة في رواية “باكاندا” لشكري المبخوت تظهر جليا من خلال تشاركها من عناصر أخرى، من بينها: عنصر المال، عنصر الصحافة، وعنصر كرة القدم، وهذه العناصر الثلاثة جميعها واجهات سياسية. وتعكس هذه الرواية التي نشرت بعد انهيار نظام الرئيس التونسي السابق بن علي، ما بعد الحدث الأكبر في تونس عام 2011.
وتحدّث الدكتور محمود عبد الغني عن روايات الربيع العربي التي ساهمت في تدهور الفصاحة وانهيارها، حيث أتاح هذا النمط من الروايات تغييرا للكلمات في القواميس واستعمال كلمات لم يتم الاتفاق حولها سابقا، مما يحدث غموضا. وهذا كله يؤدي إلى تدهور روح المحادثة الاجتماعية التي بدأت تنهار. هذا التدهور في الفصاحة في روايات الربيع العربي جعل القارئ يفقد القدرة على فهم الكلمات: فقد تضررت اللغة وتضرر السرد بوصفه تنظيما للأحداث: مثلا في رواية “قبل أن ننسى أنا كنا هنا”.
وكان المشاركون في الندوة قد عالجوا مجموعة من القضايا المتعلقة بتصنيف الروايات التي تحضر فيها السياسة، مشددين على أهمية هذا التصنيف وعلى استعراض أهمية المفهوم وتاريخه. كما ساهم الحاضرون في النقاش بطرحهم لتساؤلات تمس جوهر المداخلات، وتغني الحوار حول قضايا السياسة في الروايات وفي الفن والرسم أيضا.
في الختام رحب المنظمون بالمحاضرين وبالجمهور مرة أخرى، وأشادوا بمستوى المداخلات. كما أشاروا إلى أنّ أعمال هذه الندوة سيتم نشرها فيما بعد في مجلة رباط الكتب لكي يتاح للقرّاء الاطلاع على هذه المداخلات العلمية.
تعليقات الزوار ( 0 )