Share
  • Link copied

الداكي: تمثيل المرأة في الجهاز القضائي ينطوي على رمزية بالغة الدقة

قال مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، إن” تمثيل المرأة في الجهاز القضائي ينطوي على أهمية خاصة ودلالات رمزية بالغة الدقة، لأن حضور المرأة القاضية يشكل مصدر إلهام للأجيال المقبلة من القاضيات من أجل تحفيزهن للسعي لتحرير طاقاتهن وتحقيق أدوارهن الطلائعية في مجال العدالة من أجل تعزيز حماية الحقوق والحريات وتكريس مبدأ المساواة أمام القانون وتجسيد استقلال السلطة القضائية على أرض الواقع.

وأوضح الداكي، في كلمة له يومه (الخميس) بمناسبة افتتاح الدورة 16 للمؤتمر الدولي للنساء القاضيات تحت شعار: “القاضيات: إنجازات وتحديات” بمراكش، أن” المشهد القضائي ببلادنا، عرف في السنوات الأخيرة تناميا تدريجيا للتمثيلية النسوية للقاضيات، بحيث تشكل النساء البالغ عددهن 1093 قاضية بنسبة حوالي 26 % من ثلث إجمالي عدد القضاة، يمارسن مهام القضاء على مختلف الأصناف والمستويات، سواء بقضاء الحكم، أو قضاء النيابة العامة وأيضا على مستوى مختلف درجات النظام القضائي من محاكم ابتدائية، واستئنافية، ومحكمة النقض، حيث تمكنت العديد من القاضيات من تحمل مهام المسؤولية القضائية”.

وأضاف، أن “تحقيق المساواة بين الجنسين في مجال العدالة يأتي في مقدمة التحديات التي نواجهها اليوم، وهو امتداد ولاشك لِتَحَدٍّ أعمق وأوسع يجسده رهان تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في مختلف المجالات، وأن تعزيز تمثيلية المرأة على قدم المساواة مع الرجل في مجال العمل عموما، وفي كافة مستويات صنع القرار، يكتسي أهمية بالغة لارتباطه الوثيق بتحقيق التنمية داخل المجتمعات البشرية عبر تحرير الطاقات النسائية، وتمكينها من آليات الاشتغال والإنتاج”.

وشدد الداكي على أن “مسار تكريس مبدأي الإنصاف والمساواة بين الرجل والمرأة في بلادنا خلال السنوات الأخيرة، عرف دينامية قوية وتقدما بارزاً يرتكز على مستويات متكاملة تنسجم مع أهداف التنمية المستدامة قوامها صيانة كرامة المرأة والنهوض بحقوقها الأساسية في الصحة والتعليم والسكن والحماية الاجتماعية ودعم استقلاليتها الاقتصادية وروح المبادرة والابتكار، وذلك بالموازاة مع المبادرة إلى إقرار منظومة قانونية لحماية المرأة، والحرص على التصدي لكل أشكال العنف والتمييز وإحداث بنيات للتكفل بهن قضائياً من خلال إحداث مجموعة من الخلايا المختصة بالتكفل بالنساء وتوفير الدعم النفسي لهن في المحاكم ومراكز الشرطة والمستشفيات العمومية”.

من جانب آخر، أعرب المتحدث ذاته، عن” تقديريه الكبير للجهود التي تقوم بها الجمعية الدولية للنساء القاضيات منذ تأسيسها سنة 1991 من أجل تعزيز دور المرأة في مجال العدالة بشكل عام والقضاء بشكل خاص، ودعم حقوق الإنسان، وإشاعة قيم المساواة وتمكين المرأة من الولوج إلى العدالة. فتحية تقدير وإكبار لمختلف مسؤولي وأعضاء المكتب التنفيذي للجمعية الدولية للنساء القاضيات، وفي المقدمة القاضية السيدة Susan GLAZEBROOK “سُوزْنْ كْلاَزْبُروكْ” رئيسة الجمعية، على دورها في تنسيق جهود قاضيات العالم من أجل تحقيق المزيد من المكتسبات في سبيل تعزيز ولوج المرأة للعدالة، واحترام سيادة القانون”.

وأشار إلى أن ” المرأة المغربية كانت من بين من لهن الريادة في ولوج القضاء في العالم العربي، إذ عينت أول امرأة قاضية في السنوات الأولى لفجر الاستقلال وتحديداً في سنة 1961، وراكمت منذ ذلك الحين إلى جانب زميلها الرجل العديد من التجارب الرائدة التي أهلتها عن جدارة لتخليد اسمها بمداد من الفخر والاعتزاز، وبوءتها لتقلد المناصب السامية في مجال القضاء كما هو الأمر أيضا في باقي أجهزة الدولة ذات الأهمية، بل وحتى مهام المسؤولية على المستوى الدولي”.

وأبرز المتحدث، أن “دستور المملكة لسنة 2011، عزز تموقع المرأة القاضية ضمن المشهد القضائي ببلادنا حيث نص على تمثيلية منصفة للنساء القاضيات داخل المجلس الأعلى للسلطة القضائية وهي المؤسسة الدستورية التي يرأسها جلالة الملك التي تعنى بتدبير الوضعية المهنية للقضاة وتسهر على ضمان استقلالهم تتناسب مع حضورها في السلك القضائي المغربي، حيث يضم المجلس في تركيبته على الأقل ثلاث قاضيات بقوة القانون، من أصل عشر قضاة يمثلون قضاة المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف”.

وأضاف، أن “احتضان المملكة المغربية لأشغال هذا المؤتمر يؤكد إيمانها الراسخ بضرورة تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في مختلف المجالات، كما يعكس وعيها بالمسؤولية المجتمعية للارتقاء بواقع المرأة القاضية، ويجسد أيضا التلاحم بين مختلف مكونات العدالة ووحدة صفوفها وعمق أواصر الصداقة والأخوة التي تجمعها لخوض هذا التحدي من أجل كسب ما يرتبط به من رهانات متجددة في سياق مطبوع بالدينامية الإيجابية التي تعرفها قضايا المرأة عبر مختلف دول العالم، كما يعد هذا المؤتمر فرصة هامة لاستثمار الشراكات العالمية لتوحيد الرؤى حول السبل الكفيلة بتعزيز حقوق المرأة، كما يعتبر أيضا مناسبة لتعزيز التضامن والتعاون في ما بين النساء القاضيات، و تقاسم التجارب التي راكمنها في مختلف القضايا التي تهم المرأة و المضي قدماً لإقامة شراكات بناءة”.

وأردف المتحدث نفسه، أن “تعزيز الثقة في المشهد القضائي تواصل بنسائه، وذلك بتقلدهن مناصب المسؤولية حيث تم سنة 1998 تعيين أول رئيسة لمحكمة ابتدائية، ليتوالى بعدها إسناد المسؤولية القضائية على مستوى باقي المحاكم بمختلف درجاتها ورئاسة بعض الغرف بمحكمة النقض لقاضيات مقتدرات طبعن بخبرتهن الاجتهاد القضائي للمملكة، كما تقلدت أخريات العضوية بالمجلس الدستوري ثم بالمحكمة الدستورية، بالإضافة إلى تقلدها منصب الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات كمؤسسة قضائية مالية بالمملكة”.

وشهد سجل القاضية المغربية على تجارب رائدة للقاضيات اللواتي تولين مناصب دولية، كعضوية لجنة الأمم المتحدة لمنع التعذيب، ورئاسة مجلس الاستئناف بمنظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم اليونيسكو، والعضوية بالمحكمة الإدارية للاتحاد الإفريقي، ورئاسة لجنة الخبراء المعنيين بمكافحة الاتجار بالبشر لدى منظمة الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة سنة 2020 بالإضافة إلى تتويج هذا الإشعاع بالحصول على جوائز تَمَيُّزْ حصلت عليها قاضيات مغربيات فاضلات، كجائزة بطل مكافحة الاتجار بالبشر سنة 2017 من وزارة الخارجية الأمريكية من أجل الإسهامات الرائدة في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، والجائزة الأوربية الدولية للقيادة النسائية سنة 2022 ببروكسيل، مما يؤكد مجددا كفاءة القاضيات المغربيات وقدرتهن على التميز والريادة.

وخلص الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، إلى أن “تحقيق المكتسبات على درب تعزيز التمثيلية النسوية في مجال العدالة بشكل عام، والقضاء بشكل خاص، لا يمكن أن ينسينا حجم التحديات التي تنتظرنا جميعا لتحقيق العدل والانصاف وتحقيق مبدأ سيادة القانون وهو ما يقتضي مشاركة الجميع على قدم المساواة واستثمار كل الطاقات والخبرات والكفاءات دون خلفيات تمييزية لتحقيق ما تصبوا إليه نساء العالم”.


Share
  • Link copied
المقال التالي